الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

آيسلندا.. تصميم الثقافة

آيسلندا.. تصميم الثقافة
6 مايو 2015 22:25
أمّة صغيرة تعيش على جزيرة نائية شمال المحيط الأطلسي تشعّ روحاً وسعادة وإبداعاً. فإلى جوار الأدب وأنواع متعددة من الفنون، التي تتحدث عن ذلك باقتدار عالٍ، ثمة التصاميم الفنية، التي خلقت أثرها القوي. تقع آيسلندا على الدائرة القطبية الشمالية في مواجهة اثنتين من الصفائح القارية. تربتها بركانية. وحسّاسة للزلازل. ثمة ثلاثون بركاناً نشطاً، والعديد من الينابيع الساخنة التي تفيض بمياه تغلي. لا توجد فيها غابات طبيعية، البلاد مغطاة جزئياً بثلوج متجمدة غير أن المناخ معتدل نسبياً، ونادراً ما تهطل الثلوج، لكن الأمطار معتادة، وتمثل الزراعة والصيد والتجارة المصادر الرئيسية لاقتصاد استهلاكي مزدهر. جرى العثور على الجزيرة من قبل صيادين نرويجيين أقاموا فيها مستوطنات في القرن التاسع. بالتالي، أصول أهل الجزيرة تعود إلى النرويج، مثلما إلى الدنمارك واسكتلندا وإيرلندا. إنهم فخورون بأصولهم التي تعود بهم إلى شعب الفايكنغ. خضعت للنرويج ثم للدنمارك حتى عام 1944، عندما تمّ إعلان الجزيرة جمهورية مستقلة. يبلغ عدد السكان 320.000 نسمة. يعيش 90% منهم في المدن. العاصمة ريكيافيك هي الإقليم الأكبر. يُدعى المطار الدولي فيها بليف إريكسون، تيمُّناً بالرحلة الأولى إلى أميركا الشمالية في القرن العاشر. وفي البرلمان أيضاً تتمثل النساء بحزب. وفي العام 1980، فازت فيغيديس فينبوغادوتِر برئاسة الجمهورية لتكون بذلك المرأة الأولى في العالم التي تحصل على هذا المنصب. لا توجد قوات عسكرية في البلاد. وقد حازت الأمة الآيسلندية موقع ثاني أكثر شعوب العالم سعادة وفقاً لدراسة علمية مستقلة أجريت العام 2015. ثقافة آيسلندا غنية ومتنوعة. تقاليد فضلا عن أنها قد عُرفت بأدبها التقليدي الذي أصّلَ له كتّاب من القرنين الثاني عشر والرابع عشر. تتضمن الفنون الآيسلندية التقليدية الأخرى النسيج وصياغة الفضة ونحت الخشب. في منطقة ريكيافيك، هناك العديد من المسارح ذات الطابع الاحترافي، والأوركسترا السيمفونية، ودور الباليه، ودور عرض السينما، وعدد كبير من صالات عرض الفنون، ومخازن بيع الكتب والمتاحف. هناك أيضا أربع فرق للرقص الشعبي نشطة في آيسلندا. ويُعتبر معدل القرءة والكتابة الآيسلندي واحدا من أعلى المعدلات في العالم، فيشيع حب الأدب، والفن، والشطرنج، والممارسات الفكرية الأخرى بوصفها انبنت على تقاليد شمال أوروبا في القرن التاسع عشر، لكنّ ثقافة الجزيرة قامت بتطوير اتجاهات متميّزة خلال القرن العشرين حيث تأثرت هذه الاتجاهات بالمشهد الآيسلندي الفريد فضلا عن الأساطير والثقافة الآيسلنديتين. وثمة مهرجان فني في ريكيافيك هو مهرجان متعدد الاهتمامات إنما بتركيز على التقاطعات الابدعية بين الفنون. وعلى مدى الأسبوعين من كل سنة، يقدم المهرجان، إلى أوسع جمهور ممكن، عروضا خاصة بأعمال فنية معاصرة وكلاسيكية وكذلك معارض لها، في الأماكن الثقافية الكبرى والفضاءات غير المعهودة للعرض في جميع أرجاء المدينة. تستضيف ريكيافيك مئات الافتتاحات لمعارض تشكيلية وورشات العمل والأحداث الثقافية التي تنتشر في أنحاء المدينة، وذلك انطلاقا من الميناء وحتى الحمم المحيطة بها. التصميم.. ثقافة وبدءاً من حوارات فن التصميم الدولي، تقدم المدينة المشهد المحلي الأفضل، انطلاقاً من العمارة والموضة والخطوط والأثاث وتصميم الطعام. حصل التصميم الفني الآيسلندي على أهميته الخاصة بسرعة. لقد انبنى على أساس من حرف يدوية فولكلورية تواجه الآن تحديات واحتياجات جديدة على مستوى المادة الخام لجهة صلتها بالابداع الفني. من مصابيح الأسماك المغطاة بالجلود، إلى الأطراف الصناعية ذات التقنية العالية. ومن الكراسي التي قذفتها البراكين إلى تصميم الهاتف الذكي، فالأصالة، وسعة الدهاء، والنزعة الفردية والابتكار، تستمر جميعاً في تشكيل فن التصميم الآيسلندي، سواء عى مستوى الشكل أو الوظيفة أو طبيعة استخدام المادة. وإلى حدٍّ كبير يشبه هذه الأمة، فإن تقاليد فن التصميم في آيسلندا شابة جدا – والمصطلح الخاص بالتعبير عنها: h?nnun، أي تصميم، جاء في خمسينات القرن الماضي تقريبا. لكن، لقد أثبت النقص في التقاليد أنه ميزة كبرى، وضمان للحرية، بل حتى للفوضى الخلاقة. لقد ازدهر هذا الحقل خلال السنوات الأخيرة بسرعة، ونما انطلاقا من جذوره التي انبنت على حرف وصناعات أساسية شارك في صياغتها الآلاف من الناس، وساهمت هي، أي الصناعات والحرف، في الاقتصاد بشكل كبير. لقد وصلت جودة التصميم إلى كل فرع من فروع الصناعة الآن، معززا بذلك قدراتها التنافسية في السوق العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، يُسجَّل فن التصميم، أخيرا، بوصفه جزءا لا يتجزأ من الثقافة الآيسلندية. شهد العام 1980 افتتاح متحف التصميم والفنون التطبيقية. ويقوم دوره على جمع فن التصميم الآيسلندي وحفظه، خاصة، منذ بدايات القرن العشرين وحتى اليوم الراهن، فضلا عن إجراء بحوث أكاديمية تتعلق به. بالجمع، تقريبا، بين الإيمان بالتقدم العلمي من جهة مع علاقة بدائية مع الطبيعة من جهة أخرى، ينطوي التصميم الآيسلندي على تناقض يعكس التناقضات الجغرافية لهذه الجزيرة الصغيرة والديناميكية أيضا، بمناظرها الطبيعية المتقشفة، ونشاطها البركاني، وأنهارها الجليدية الضخمة، وظروف الطقس القاسية، بينما احتمالات التصنيع المحدودة تجعل من الانتاج أكثر صعوبة، ورفعت من فرصة المنتجات المصنعة يدويا وكذلك السلع المصنّعة حسب الطلب، والتي أصبحت اتجاها دوليا رائدا. وعلاوة على ذلك ازدهر التصميم الداخلي وتصميم الأثاث بفضل المهرات المتفوقة ووجود عدد مناسب من المصانع. أيضا، تعاونت شركات التريكو الصغيرة مع مصممين شبان على إنتاج دثارات استثنائية ومنتجات صوفية أخرى مستوحاة من الفولكلور والطبيعة. لقد رفع مركز التصميم الآيسلندي، الذي تأسس العام 2008، من مستوى الوعي العام بفن التصميم. ويقوم المركز بتشجيع أهل الاختصاص في هذا الحقل كما يزودهم بالمعلومات اللازمة على المستوى المحلي وكذلك الخارجي، بحيث يغذي ذلك الابتكار ويضمن التنمية. ولكل عام، ثمة مهرجان لأربعة أيام «تصميم مارس» هذه الأمور من بين مهامه الأساسية. وليس المهرجان لعرض القطع الفنية الحديثة أو الكلاسيكية، بل أيضا هو فرصة رائعة للمصممين للالتقاء بالإعلام والجمهور وكذلك بالضيوف الأجانب. وفي جميع أرجاء ريكيافيك، في المخازن، والمحال التجارية، ودور العرض، والمطاعم، مثلما في الشوارع أيضا، هناك مجموعة واسعة ومتنوعة من الأحداث والندوات والمعارض تعكس البراعة في هذا الحقل.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©