الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحكيم..

الحكيم..
7 مايو 2015 00:10
لا يختلف اثنان في المكانة المتقدمة التي باتت تشغلها دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها مركزاً ثقافياً عربياً، فثمة العديد من المؤسسات الثقافية والفنية التي تطرح فعاليات وبرامج على كل شكل ولون، وبصفة مستمرة، خلال شهور السنة.. ثمة ساحة فنية ثرية تتجلى في معارض ومتاحف ومحاضرات، وهناك مهرجانات ومسابقات وورش مسرحية وثمة منتديات للكتاب وللكتّاب والقراء. والناظر إلى المشهد بخاصة خلال السنوات العشر الأخيرة يتبين كيف أن معظم الفاعلين في المشهد الثقافي العالمي كانوا جزءاً أو ملمحاً من فعالية ثقافية نظمت في الدولة، كما نظمت عشرات اللقاءات والمؤتمرات واستقطبت العديد من الأسماء الثقافية العربية والآسيوية، آثرت المشهد برؤاها واطروحاتها وتفاعلت وتداخلت مع معطيات الثقافة المحلية في صور وأشكال مختلفة. على أن هذا الحراك الكثيف والمتنوع والمثمر، لم يتحقق مصادفة أو في شكل طارئ، وإنما عبر مسار طويل من العمل، بدأه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مؤسس دولة الإمارات، سواء من خلال تأسيس البنى التحتية في مطالع سبعينيات القرن الماضي أو عبر المبادرات والاقتراحات التي تحولت إلى مشاريع وبرامج فاعلة.. تمشي على قدمين. هيفاء مصباح عصام أبو القاسم رضاب نهار محمد عبد السميع عبير زيتون يعي جيل اليوم من المثقفين والمبدعين في الدولة ما بذل من جهود أيام التأسيس، ويفخر بما أُنجز وذلك بالعمل على تعزيزه والاستمرار بنتاجه إلى أقصى الحدود، وهو ما تعبر عنه الصروح والمؤسسات والجوائز التي أنشئت تخليداً لذكرى المغفورله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، في سائر المجالات. وهو ما يظهر أيضاً في إفادات المشاركين بهذا الاستطلاع الذي أجراه «الاتحاد الثقافي» مستقرئاً دور الشيخ زايد في إرساء البُنى الأساسية للنهضة الثقافية وما أولاه من رعاية واهتمام بالعمل الثقافي، لمناسبة معرض أبو ظبي الدولي الخامس والعشرين للكتاب، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة من السابع ولغاية الثالث عشر من أبريل الجاري، تحت شعار «نورك يضيء المستقبل»، احتفاء بالشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، باعتباره الشخصية المحورية للمعرض في يوبيله الفضي. نظرة رياديّة استشرافيّة تقول هدى كانو مؤسسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إن «الدور الريادي للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» اتسع ليشمل جميع مجالات النهضة في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي مقدّمها النهضة الثقافية التي شكّلت بالنسبة إليه، رحمه الله، الركيزة الأساس لكل نهضة عمرانية واقتصادية وزراعية وصناعية، لأنها الأكثر ارتباطاً بالإنسان في هويته وكيانه وإرثه وأصالته. وتضيف: «كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) مستشرفاً آفاق النهضة الثقافية، ومؤمناً بأنّ الشعوب تُقيّم بثقافتها، فالثقافة سيرة الإنسان وحكايته، وبأنّ المعرفة هي مفتاح الابتكار لعالمٍ جديد. وقد امتدّت يده لتبارك الافتتاح المبكر لمعارض الكتب، ولترعى فعاليات الثقافة والفنون في العاصمة أبوظبي وتحديداً في قلبها الثقافي النابض، المجمّع الثقافي كحاضنة لمنجز الفكر والفنون، ومنصة لفنون الأداء، الفنون التشكيلية، الندوات الحوارية، أمسيات الشعر والأدب، المؤتمرات ومبادرات النشر والترجمة، معرض أبوظبي الدولي للكتاب، المكتبة الوطنية ومكتبة الطفل، مركز الوثائق والبحوث، والأسابيع الثقافية». وتلفت كانو إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» «كان راعياً للدبلوماسية الثقافية، محفّزاً للحراك الثقافي الحضاري، ريادياً في نظرته إلى الثقافة، إذ اهتم بها كثقافة عربية ذات أبعاد إنسانية وعالمية، فقد ربط ثقافة المكان بقيم بلاد الخير، ورأى أن لا ثقافة بدون تسامح، وتنوير، وانفتاح على الآخر، وبفضل هذه النظرة الحكيمة بتنا نرى معجزات البناء الثقافي من متاحف اللوفر وغوغنهايم ومتحف الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» الوطني، ومنارات الفكر الإنساني المتسامح والمنفتح على الآخر في احتضان أبوظبي لمسجد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» ومكتبته المعرفية الشاملة، وجامعات السوربون ونيويورك وغيرهما من منصات التفكيرالحر والتعبير الإبداعي». مؤسس النهضة التعليمية يرى الكاتب والأديب عبد الغفار حسين أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» كان مؤسس وصانع النهضة التعليمية والثقافية في الإمارات، ويقول: «كان التعليم في الإمارات قبل قيام الاتحاد مبعثراً، كل بعثة تعليمية تنشر ما يروق لها في المدارس الحكومية وحسب المناهج التي تضعها، لا تلك التي تلائم الإماراتيين. وكان أوّل مشروع للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» هو توطين التعليم، وكان بهذا بعيد النظر.. فأرسل إلى الدول التي كان لها بعثات تعليمية وطلب منها الموافقة على ضم هذه البعثات إلى وزارة التربية والتعليم في الدولة الجديدة، الإمارات، وكان له ما أراد، ووضعت للتعليم مناهج متطورة وطنية لم يكن للإمارات عهد بها.. وجاءت جامعة الإمارات لتكمل رغبة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في الإصرار على توطين التعليم، بالإضافة إلى بناء عشرات المدارس الجديدة في الإمارات بين عام 1972 وعام 1975. ويختم عبد الغفار حسين قائلاً: «رحم الله الشيخ زايد، فقد كان فضله كبيراً في هذا المرفق العلمي المهم، وها نحن نرى الإمارات في مقدمة دول المنطقة في التعليم المتوسط والعالي، وفي غيرها من المجالات». كيف يشكر الابن والده؟ يقول جمال بن حويرب العضو المنتدب لمؤسسة محمد بن راشد المكتوم: «إن اختيار المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) شخصية محورية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 25، احتفاءً باليوبيل الفضي للمعرض، يؤكد مشاعر الحب والوفاء التي نختزنها في قلوبنا لمؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها»، مضيفاً: «كيف يشكر الابن والده الكريم الحنون المعطاء؟.. إنه لأمر صعب. لقد كان للوالد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) أيادٍ بيضاء في كل مجال من مجالات بناء الدولة، لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا واهتم بها». ويتابع ابن حويرب: «نحن من الأجيال المحظوظة التي بدأت مع الاتحاد، وعاصرت مراحل النهضة الاقتصادية والعمرانية والثقافية والفنية في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه). عندما بدأ في بناء وتأسيس الدولة كانت نظرته للإنسان الإماراتي بالدرجة الأولى، بناء الإنسان بكل ما تعنيه الكلمة من متطلبات وإمكانات. لذلك شعرنا بالحالة التنموية في الدولة، التي لها مردودها على كل الجوانب التنموية، التي جعلت دولتنا من الدول التي يشار إليها بالبنان في كل المجالات». ويوضح: «كانت النهضة الثقافية من خلال عدة محاور، ففي فترة السبعينيات أنشأ العديد من المؤسسات التعليمية بأنواعها كافة ومستوياتها، واستقدم أفضل المعلمين للارتقاء بالعملية التعليمية، الكريم، ووجه بإنشاء المكتبات المدرسية، وبث فينا حب الاطلاع والتعليم بالتشجيع المادي والمعنوي، فكان لكل طالب مبلغ مالي تشجيعاً وتحفيزاً له على الالتزام واكتساب المعرفة. وكان له السبق في إنشاء مشروع الشيخ زايد لتحفيظ القرآن فزرع فينا حب العلم والمعرفة، والالتزام بكتاب الله وسنة نبيه. وحث الناس على إقامة وارتياد معارض الكتب، وكان يأتي للمعارض ليشتري كميات كبيرة منها ويهديها لمكتبات الدولة ومنها المكتبة الوطنية. وشجع الشباب على التأليف والإبداع في مجالات الأدب والشعر المختلفة، وقدم الدعم لدور النشر لطباعة إنتاجهم الأدبي. أيضاً الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) كان شخصية شاعرية مؤثرة اهتم بالشعر والشعراء، وأسس مجالس الشعراء في الإمارات، كما اهتم بالمسرح، وتم استقطاب الخبرات العربية للاستفادة منها في تأسيس حركة مسرحية إماراتية مبنية على أسس علمية وعملية، واهتم بالتراث وإبراز دوره». ويخلص ابن حويرب إلى أن هذه الجهود كلها «تركت الأثر في نفوس الشعب وأصبح للإبداع بصوره كافة والتراث والموروث الشعبي أثره وموقعه ودوره في المجتمع الإماراتي. كما تعلمنا من الشيخ زايد الوالد ثقافة المبادرة الذاتية في خدمة المجتمع وتطويره من خلال الجمعيات والمؤسسات المجتمعية المتعددة التي أنشئت في عهده. وها نحن اليوم نحصد ثمار ما زرعه زايد».. ثروة العلم والثقافة --------- تلمح الكاتبة باسمة يونس (المستشارة الثقافية في وزارة الثقافة - دبي) إلى أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» «أدرك، منذ البداية، أن الثروة التي رزقت بها الدولة، لم تكن أساس المستقبل وربما كانت هي المحفظة الاستثمارية المؤقتة التي يمكن الاعتماد عليها للبناء المادي ودعم الأفكار والطموحات، لكنها لا تضاهي البناء الأساسي الذي تحتاج إليه الأوطان لتنهض وتستمر ألا وهو الإنسان. ومن هنا كانت البداية، حيث سعى سموه أولاً للاتحاد، لأنه يعي بحكمة الشيخ العربي المثقف بتجربة الحياة والتعامل الإنساني معنى الجماعة وأهمية الارتباط الوثيق بالجيران، الذين يعيشون على أراضٍ متجاورة لا يفصلها تاريخ ويجمعها دين ولا تفرقها لغة. ولأنه (طيب الله ثراه)، كان حكيماً وشاعراً وابن حاكم قبل أن يكون حاكماً وأباً للحكام ولأبناء شعبه، فقد مارس بنفسه واختبر الثقافة الأصلية التي نشأ وتربى عليها طويلاً، فأدرك دائما بأن تنمية الإنسان فكريا، وتسليحه وتحصينه بالعلم والتعليم، مسؤولية الأب والحاكم الأولى والكبرى تجاه أبنائه، وهي القيمة الأهم في نهضة الوطن ومسيرته الطموحة. ولقد سارت الإمارات منذ عهد المغفور له وتسير اليوم في عهدة ورعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، على هذا المبدأ العظيم، وتضع البناء الاقتصادي مع التنمية الثقافية المجتمعية جنباً إلى جنب في خطة بناء نهضة الإمارات الحضارية والثقافية المستقبلية، ولا تقتصر على الاحتفاء بالتنوع الثقافي في اتحاد سبع إمارات، بل تتناغم أسفل مظلتها ثقافات العالم وتصوغ منها مستقبلاً جديداً ومذهلاً في عصر الثقافة الإماراتية». بصيرة بعيدة المدى من جهته، يلفت سلطان السويدي (رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم)، إلى أن «الحديث عن مآثر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» لا يمكن أن تحصر في جانب من جوانب الحياة في الدولة، فرؤيته بعيدة المدى، وقدرته على استشراف المستقبل في كافة مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية كانت الأساس القوي التي بنيت عليها نجاحات اليوم وازدهرت في ظلها دولتنا حفظها الله. وللبعد الثقافي في شخصيته حيز كبير، كيف لا وهو الشاعر الذي آمن بأهمية الشعر والثقافة والأدب في إحياء الشخصية الإماراتية والتنقيب عن جوانب الإبداع فيها، فكان يولي المثقفين والأدباء والشعراء اهتماماً كبيراً، وكانوا من المقربين والحاضرين دوماً في مجلسه الخاص، وفي عهده توافد أهل العلم والثقافة والأدب من مختلف أنحاء العالم ولا سيما من عالمنا العربي، فاحتضنهم زايد الخير في كنف الدولة متيحاً بذلك لأبناء الوطن الاطلاع على تجارب الآخرين والنهل من أصحاب الإبداعات لصقل تجربة المثقف الإماراتي الخاصة مؤسسا بذلك جيلاً من الشباب المطلع والمهتم بالثقافة والأدب وذلك ببصيرة القائد الفذ المؤمن بطاقات شعبه وقدرات أبنائه. وتابع السويدي بأنه تولى مهام أمين عام هيئة الشباب والرياضة في الفترة 1978 - 1988 وقد لمس خلالها الاهتمام المباشر من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» في تعزيز الجانب الثقافي في الأنشطة الشبابية، وكانت توجيهاته مباشره في نشر الفكر الأدبي والفني والثقافي بين شباب الوطن، مقدماً بذلك الدعم الماديالسخي جنباً إلى جنب مع الدعم المعنوي عبر حرصه على الحضور بشكل شخصي إلى الفعاليات والأنشطة الثقافية بشكل خاص. الاستثمار في الإنسان يستهل بلال البدور (نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم)، حديثه برواية قصة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» ومعرض أبوظبي الدولي للكتاب، موضحاً أن المعرض أسس بشكل أساسي بدعم سخي من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وفي دورته الأولى وخلال زيارته للمعرض اشتكى له أصحاب دور النشر من قلة المبيعات، فجاءت مبادرته الرائدة بشراء جميع مقتنيات دور النشر في تلك الدورة، معلناً بذلك ولادة المعرض بدعم وحضور قوي من القيادة العليا في الدولة. ويتابع البدور بأن الواقعة السابقة كانت سبباً في نجاح المعرض اليوم واقترابه من العالمية، فبعد ذلك اليوم حرص أصحاب دور النشر على المشاركة في المعرض ليكون بذلك على خريطة معارض العالمية، وعودة إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وفضله الكبير على نشأة الحركة الثقافية وازدهارها بالدولة، فهو الشاعر الحافظ للكثير من أشعار العرب والملم بالثقافات العربية المتعددة، كما أن إنشاء وزارة الإعلام والثقافة من أولى أولوياته لتعنى بالأنشطة الثقافية وإقامة المكتبات العامة في جميع إمارات الدولة، كما قام بدعم المجمع الثقافي فوره تأسيسه بأبوظبي، وذلك بميزانية مفتوحة، وباتت الإمارة تستقبل أفاضل المثقفين والعلماء والمفكرين لتزدهر الحركة الثقافية في الدولة برمتها، وعودة إلى مبادراته في ابتعاث الطلبة للدراسة في الخارج، وذلك منذ توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي وقبل قيام الاتحاد، وذلك لإيمانه بأن التعليم هو الذي يقود قاطرة التنمية ومقولته الشهيرة «الاستثمار يجب أن يكون بالإنسان»، ولم يغفل بالوقت ذاته أهمية التراث الذي أولاه عناية خاصة بجملة من المبادرات الرائدة التي حرصت على ربط الشباب بتاريخهم. أيادٍ بناءة صالحة غابش (مدير عام المكتب الثقافي والإعلامي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة): «للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) أياد بناءة في كل مشاهد التنمية في بلادنا دولة الإمارات العربية المتحدة، وإن كان التعليم أولى خطوات الثقافة فقد حظي التعليم باهتمام فائق من والدنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، فكان من أولويات حكمه لشعب الإمارات.. رأينا ذلك من خلال تضاعف أعداد المدارس بكل مراحلها بشكل يسابق كي يصل إلى مقدمة الأمم، ورفدها بكوادر تعليمية متميزة وإمكانات كبيرة تسهم في تنمية الفرد على أسس منهجية علمية، فإيمانه بأن شعباً من دون علم لن يستطيع أن يحقق شيئاً من التنمية ولتطور ومواكبة العالم هو أحد دوافعه المهمة لأن يكون للدولة صدارة عبر مواقفها الإنسانية والثقافية والاجتماعية على مستوى الشعوب كلها. والثقافة هي منطلق الهوية التي أراد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) أن تعكس الوجه الحضاري للدولة، فكانت المعارض الدولية التي شاركت فيها الإمارات بما تتضمنه من مفردات ثقافية وطنية من عادات وتقاليد وفنون شعبية وفنون تشكيلية وملتقيات فكرية وأدبية إضافة إلى الثقافة القيمية التي سعى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) إلى غرسها في نفوس الأجيال الشابة، كما كان يؤمن بأن القراءة هي مفتاح الإنسان إلى عالم المعرفة والثقافة والحضور المؤثر في الحياة البشرية والتنمية، لذلك عند التأمل في كلماته عن العلم والتعليم والبيئة والتراث ورسائله الموجهة للشباب نستقرئ من ذلك كله أبعاداً ثقافية إنسانية يحرص على أن تتمثل في الإمارات وشعب الإمارات، داعياً إلى عدم الاكتفاء مما يضمن الاستمرار في طريق التنمية التي لا بد منها لكل شعب لا يقف عند خطوة من دون أن يتبعها بخطوات تسير به إلى آفاق التطور، فالجاهل وحده – عند الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) – الذي يعتقد أنه تعلم واكتمل علمه، أما العاقل فهو الذي لا يشبع من العلم». به ومعه بدأنا من جانبه، يرى علي عبيد (مدير قسم الأخبار في هيئة دبي الإعلامية) أن أهم المؤسسات الثقافية نشأت وتأسست في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ففي عهده تحولت وزارة الإعلام والسياحة إلى وزارة الإعلام والثقافة، في إشارة واضحة على عمق اهتمامه بالثقافة، لتصبح الوزارة بذلك مؤسسة وجهة اتحادية مسؤولة عن إنعاش وتأسيس الحراك الثقافي، فتولت الإصدارات الثقافية من الكتب والدواوين الشعرية، وجاءت مبادرة القوافل الثقافية التي كانت تجوب إمارات الدولة في المناطق البعيدة، وذلك في حقبة السبعينيات والثمانينيات قبل انتشار الفضائيات والاقتصار على البث الأرضي للتليفزيون، فكانت القوافل تصل إلى تلك المناطق وتقوم بعرض البرامج والأفلام الوثائقية والأفلام العربية ويحرص أهالي تلك المناطق على التجمع والاستمتاع بالفعاليات التي تقدمها القوافل، لتقوم الوزارة بذلك بنقل الثقافة إلى المناطق النائية بالدولة، كما تم إنشاء مكاتب للوزارة في جميع إمارات الدولة، بالإضافة إلى إنشاء المراكز الثقافية مما أسس للحياة ثقافية في الدولة نقطف اليوم ثمارها الإيجابية. مكانة الفنان بدوره، يقول ياسر القرقاوي (مدير الفنون الأدائية في هيئة دبي للثقافة): «عندما بنى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، هذه الدولة اهتم بجميع عناصر التنمية المستدامة لكل إمارات الدولة، فلقد وضع الأساسيات للطاقة والزراعة والثقافة. ومن يقرأ تاريخ نشأة الدولة يدرك الحجم الكبير لمساهمة المغفور له بإذن الله في تعزيز المكانة الثقافية للدولة، ولنتذكر مثلاً حضور المغفور له بإذن الله مع إخوانه أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى لاتحاد حكام الإمارات، لأوبريت (حكيم الزمان) سنة 1972، الذي قدم في إمارة دبي، ففي ذلك الحضور ما يعبر عن الاهتمام الذي حظيت به الفنون من قبل قيادتنا الرشيدة في ذلك الزمان. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) كان يهتم بالفنانين ويصغي إليهم ولعل من الشواهد الدالة على مكانة الفنانين لديه، ان معظم فرقهم ومجموعاتهم الفنية، سواء كانت شعبية أو حديثة، تأسست في السنوات العشر الأول للاتحاد، أي في عهد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)». رافعة الشاعر محمد البريكي (مسؤول بيت الشعر التابع لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة)، قال إن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، «كرس اهتماماً مخصوصاً بالتعليم باعتباره رافعة أساسية للنهوض ولتعزيز أواصر الاتحاد وتثبيت دعائم الدولة»، وذكر البريكي، أن الاهتمام بالتعليم كان بمثابة حجر الأساس للنهضة التي تشهدها البلاد الآن، مشيراً إلى أن الأجيال الأولى من الإماراتيين «تدربت وتعلمت وابتكرت الوسائل والأفكار، مهتدية برؤى الشيخ زايد، وصنعت هذا الواقع الراهن الذي ننعم بخيراته». ويلفت البريكي إلى أن «خريطة التعليم توسعت، وشملت كل الإمارات على عهد الشيخ زايد»، مشيراً إلى أن المناهج والمدارس كانت محكومة باستراتيجية محددة وجاءت كامتداد لرؤيته، ومن هنا «كان دورها فاعلاً ومؤثراً بصفة مباشرة في حركة النمو». وتابع مسؤول بيت الشعر في الشارقة: «لو أخذنا جانب الشعر مثلاً، ففي تقديري أن العناية التي أولاها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه)، للشعر في تلك الأيام، هي التي أكسبتنا هذا الثراء الذي نراه في مشهدنا الشعري المحلي، فلقد كان شاعراً متميزاً» وزاد «فثمة مسابقات وجوائز ومنابر في كل إمارة وفي كل يوم. لقد حبب إلينا هذا الشعر الذي يعبر عن أصالتنا وهويتنا ويحفظ ميراثنا، وبحمد الله غدت بلادنا الآن قبلة لكل الشعراء ولكل المثقفين من مختلف أنحاء العالم». صانع المشهد الثقافي من جهته، أشار الشاعر راشد شرار (مدير مركز الشارقة للشعر الشعبي) إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» كان يتمتع بحس اجتماعي ورؤية استشرافية كبيرة. حكيم، يمتلك مشاعر جياشة وعاطفة تجاه شعبه. واحتفاء معرض أبوظبي الدولي للكتاب بالراحل الكبير مؤسس دولتنا الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، مناسبة ثقافية كبيرة لتسليط الضوء على شخصية صنعت مشهداً حضارياً ثقافياً كبيراً وعميقاً، مكّن ووفر لأجيال الإمارات حياة كريمة تزهو بالعلم والمعرفة، وأتاح فرص التعليم للمرأة، واهتم بالتراث وحرص على توثيقه وتسجيله فحافظ على هويتنا وشخصيتنا. وأنشأ القوافل الثقافية التي تجوب المناطق النائية لتوصيل مفردات الثقافة لكل مواطن. واهتم بتأسيس المكتبات ومجالس الشعراء وغيرها من البنى التنموية الثقافية التي تهتم ببناء الإنسان. وها نحن اليوم نحصد ثمار ما زرعه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©