الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحضاري..

الحضاري..
6 مايو 2015 22:37
لا تمر مناسبة إلا وتذكرنا بالشيخ زايد، إن جاء اليوم الوطني تذكرنا زايد وإن حققت الإمارات إنجازاً ثقافياً أو اقتصادياً أو علمياً أو رياضياً كان ذلك جنى ما غرسته يدا زايد.. وإن أقيمت أي تظاهرة مجتمعية ثقافية كانت أو علمية أو غيرها كان ذلك من إلهام زايد.. وحين وجه زايد بتنظيم أول معرض للكتاب وافتتح دورته الأولى سنة 1981، كانت هذه الخطوة هي نقطة البداية نحو الاهتمام بصناعة الكتاب والتشجيع على التأليف والترويج للثقافة. زايد هو المؤسس الذي غرس في النفوس حب الثقافة والقراءة والعلم من أجل نهضة وبناء الوطن.. كلها تمتاح من نبع زايد.. من الجميل الاعتراف بما قدمه زايد للوطن والمواطن، للإمارات وللعرب وللعالم أجمع. ومن الجميل أن نتذكر مقولة «هذا ما يحبه زايد» لتكون منهج عمل وفكر وعطاء للوطن.. هنا نتابع آراء عدد من الباحثين، والأكاديميين في دور زايد الثقافي. درس في بناء الدول يقول الباحث الدكتور فالح حنظل: «تتجسد نهضة الشيخ زايد الثقافية، في فن جمع الأمة. وفي بعثه لمكنونات الفكر والثقافة التي كانت كامنة عند ابن الإمارات، مقيّماً الإبداع والمبدعين من خلال ظهور العديد من الجوائز التي استمرت حتى بعد رحيله. لقد وضع الشيخ زايد «رحمه الله»، فلسفة إنسانية في نشوء الدول. فهذه الدولة التي أشادها بكل وجوهها، الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية، العلمية، العسكرية، الثقافية وغيرها، تمثل ثقافته التي ترتكز على الإبداع بكيفية الانتقال من حكومة القبيلة إلى حكومة الدولة الدستورية. لذا يصعب علينا أن نلم بعبارات قليلة هذا الأمر الذي هو بحاجة إلى موسوعة ضخمة. وتكفي مقارنة سريعة لعدد المدارس في بداية عهده وعددها عند رحيله لكي يتبين حجم إنجازه الذي يكاد يشبه المعجزة. كذلك هو الحال بالنسبة للمراكز الثقافية. ففي حين كانت مجالس الشعراء تمثل ثقافة البلد بأكمله، ظهر عام 1984 المجمع الثقافي بأبوظبي، ولاحقاً لجنة التراث والتاريخ، ومركز الوثائق والدراسات. ففي عام 1968 أن كل هذه المنابر الثقافية لم تكن موجودة على الإطلاق. واليوم ثمة عشرات المراكز التي تبحث في القضايا التراثية التي أنشأها، لأنه كان مدركاً أن العولمة ستدخل شئنا أم أبينا، ولم يكن يريد أن تأكل هذه العولمة التراث الوطني. من هنا، سعى إلى إيجاد معادلة توازن بين الحديث والقديم. وأوجد الجيل المثقف والواعي والطموح الذي يُفتخر به، فمن كان يتصور أنه وأثناء حكمه تكون هناك وزيرتان، وأن المرأة الإماراتية ستحمل رتبة «مقدم» في القوات المسلحة، ويقف ابن الإمارات ليؤدي لها التحية العسكرية باحترام». بناء المحتوى الثقافي الدكتور علي النعيمي، مدير جامعة الإمارات، يقول: «الحديث عن زايد بالنسبة لكل إماراتي حديث ذو شجون، فهو المؤسس لهذه الدولة ونهضتها في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. والحديث في الجانب الثقافي يطول فهناك إسهامات مباشرة وغير مباشرة كونت المحتوى الثقافي من خلال مجموعة من المشاريع، منها تطوير الإعلام وبرامج رعاية الموهوبين والاهتمام بالتعليم بكل مراحله ودعمه وتطويره. والاهتمام بالموروث الثقافي ونقله للأجيال كل هذا من رؤية زايد. إضافة إلى استقطاب الرموز الثقافية العربية والأجنبية في مختلف أنحاء الإمارات وحضوره شخصياً لهذه الفعاليات كنموذج للاهتمام وقدوة معبرة عن الشخصية الإماراتية وحرصها على متابعة كل جديد والاطلاع على الخبرات الثقافية المتنوعة». ويضيف: «من مظاهر اهتمام زايد بالثقافة إنشاء مجالس الشعراء وتشجيع الشعراء على الانضمام إليها وعرض إبداعاتهم. كلها أمور وبُنى أسست وأسهمت في بروز العديد من المبدعين في مجالات عدة وأسست لوجود بنية ثقافية نشهدها اليوم منتشرة في ربوع إماراتنا الحبيبة». الأب المؤسس د. علي عبد الله فارس مدير مركز الدراسات والوثائق في رأس الخيمة يقول: «قليلون من الحكام والملوك والشعراء الذي يجمعون بين المقدرة على تصريف أمور الحكم والدولة وبين الإبحار في عوالم الشعر والأدب والثقافة، وزايد «رحمة الله» الأب المؤسس لهذه الدولة الغالية من أولئك القليلين، الذين دان لهم الشعر كما دانت لهم السياسة، فالشيخ زايد شاعر له مكانته المرموقة في عالم الشعر. شاعر يتذوق الشعر وينظمه خاصة الشعر النبطي، الذي يمثل وجدان شعب الإمارات ويعبر عنه. لقد كان «رحمه الله» محباً للأدب والشعر ومشجعاً للثقافة والفكر في دولة الإمارات وليس أدل على ذلك إنشائه لجائزة الشيخ زايد للكتاب، الجائزة المرموقة، التي لها أثر واضح في إثراء الحياة الثقافية والأدبية والاجتماعية وذلك وفق معايير علمية وموضوعية. وتعتبر الأكثر تنوعاً وشمولية لقطاعات الثقافة مقارنة مع الجوائز العربية والعالمية الأخرى. الركيزة الأولى وتؤكد الدكتورة عائشة النعيمي أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله» هو الركيزة الأولى التي استندت إليها دولة الإمارات العربية المتحدة في مختلف أسس الازدهار الحضاري والثقافي والتعليمي والاقتصادي؛ فهو الراعي النهضة التي نعيش اليوم في كنفها، ويأتي اهتمامه ببناء الإنسان خاصة وتعزيز الجانب الروحي وليس فقط المادي، وكان «رحمه الله»، يولي المواطن الإماراتي جل اهتمامه فعمد إلى إمداده بالعلم والمعرفة من خلال تأسيس نظام تعليم قوي ومرن ومتاح لجميع أبناء الوطن وبشكل مجاني، بالإضافة إلى تنظيم البعثات الدراسية السنوية على نفقة الدولة لأعرق الجامعات العالمية وفي شتى التخصصات الأكاديمية، وفي مقدمتها الآداب والثقافة والفنون بمختلف صنوفها». وتابعت مشيدة بمعرض أبوظبي للكتاب بوصفه «تظاهرة ثقافية مرتقبة ليس فقط بالمهتمين بالشأن الثقافي على مستوى الدولة وإنما على مستوى المنطقة والعالم العربي وحتى العالم، كونه مشهد حضاري تلتقي فيه مختلف الحضارات وتتفاعل كافة الأطياف الثقافية ويجري خلاله تداول العديد من القضايا المهمة عبر ورش العمل والمحاضرات المصاحبة له». الجامعة هي الأصل توضح الدكتورة منى البحر أن تأسيس جامعة الإمارات في عهد المغفور له الشيخ زايد «رحمه الله»: «كانت النواة الأولى لتأسيس حراك ثقافي في الدولة، فالجامعة باتت المنبر الثقافي الذي استقطب أهم الكوادر العلمية وانطلقت منها مختلف المؤسسات الثقافية، كما جاء تأسيس نادي الإمارات للتراث في عهد زايد الخير لتعبر عن فكره ورؤيته المستقبلية للأجيال الشابة في إمدادهم بالعلم والمعرفة وإشباع جانبهم الروحي بالأنشطة والمعارف الثقافية من الشعر والأدب والفن وربطهم بالوقت ذاته بالتراث العريق للأجداد وتاريخ دولتهم». وتابعت: «إن أهم القضايا الثقافية كانت تناقش في مجلس المغفور له الشيخ زايد، فكان يحرص على لقاء المثقفين والأدباء والمفكرين والاستماع إلى مطالبهم وإدارة الحوارات الثقافية». فخر العرب الباحث التراثي عبدالله المُر الكعبي، يقول: الشيخ زايد «رحمه الله» مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة وباني نهضتها، ذكراه باقية في عقل وضمير كل مواطن ومقيم على أرض الدولة بل لدى كل عربي وإنسان على وجه الأرض، فالفقيد يجسد منطقة ناصعة في الذاكرة الإنسانية، يزدهر فيها ما زرعه من حب للناس، وما غرسه من فضائل وإنجازات تغرد في ساحات الوطن وفضاء عالمه العربي والإسلامي. ولا يمكن أن تعبر هذه المناسبة دون أن نتذكر الراحل الذي أسس لصناعة الكتاب وشجع على التأليف والترويج للثقافة. فالعرب والعجم يكتبون عن الشيخ زايد وكل يوم احصل على كتب تتحدث عن زايد. وهذا الكم الهائل من الإصدارات مكنني من جمع 360 كتاباً عن الشيخ زايد، وكان دافعاً وحافزاً لي في إنشاء متحف خاص عن زايد تحت مسمى «فخر العرب». زايد له فضل في تربية الإحساس بقيمة الكتاب والمقتنيات التراثية. أوجد إرثاً ثقافياً في الإمارات لا يوجد في العالم. لذا استحق أن نقول زايد هو الخليفة السادس.. أياديه البيضاء ومساهماته في البناء والتنمية في الإمارات والعالم العربي والإسلامي والعالم أجمع، شاهد على ذلك العطاء من أجل رفاهية وخير وسعادة البشر في كل مكان». رجل ثقافة بامتياز يقول الكاتب الباحث خالد الظنحاني: يعتبر معرض أبوظبي الدولي للكتاب من أهم المعارض، التي اكتسبت سمعة ثقافية ومعرفية على المستويين المحلي والدولي، حيث أضحى منصة مميزة تضم كبريات دور النشر العربية والعالمية، ويستضيف نخبة من الكتاب والمفكرين وأصحاب الرأي. وهذا بطبيعة الحال تأتّى من خلال الدعم الكبير والمتواصل، الذي يتلقاه المعرض من قبل القيادة الرشيدة، والذي منحه المزيد من الاهتمام والزخم. وهو الأمر الذي أبهر الناشرون الأوروبيون وجعلهم يشيدون بمستوى المعرض وسرعة تطوره ونموه، وأعربوا عن قناعتهم بدوره الريادي على المستوى الدولي وبقدرته على التطور بسرعة، مما جعله مقصداً أصيل لأهم مؤسسات النشر الأوروبية. هذا الأمر ليس غريباً على دولة الإمارات، فهي مشهود لها باهتمامها الكبير بالثقافة ودعم المبدعين من أبنائها في كل المجالات، منذ عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وإلى يومنا هذا، وهو ما خلق لها ثقلاً أدبياً كبيراً وبوأها مكانة ثقافية عظيمة بين الأمم والشعوب، بحيث تطورت الحياة الثقافية في دولة الإمارات بشكل يدعو للفخر بمستقبل ثقافي مبهر، حيث تعددت مظاهر التطور الثقافي من خلال العديد من المهرجانات والملتقيات الفكرية والأدبية والثقافية التي تنظمها المؤسسات الحكومية والأهلية في مختلف مناطق الدولة والتي صبغت بيئة المجتمع الإماراتي بصبغة ثقافية مميزة. في حين أن اختيار المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، شخصية محورية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال25، هو عين الصواب وسوف يعود بتأثير قوي على نجاح فعاليات المعرض، فضلاً على حركة النشر والطباعة في دولة الإمارات عموماً، بخاصة أن الشيخ زايد كان شاعراً يملك ثقافة عالية، كما كان «رحمه الله» يمارس الثقافة بصدق ولا ننسى موقفه الجميل مع الكتاب، حيث إنه أمر بشراء جميع الكتب التي عرضتها دور النشر المختلفة في الدورة الأولى لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب. نعم، الشيخ زايد فضلاً عن أنه رجل سياسية فإنه رجل ثقافة بامتياز، فقد شكلت توجيهاته النيرة انطلاقة متفردة للإمارات نحو آفاق الحاضر والمستقبل، وأضاءت سماء الإمارات بأعظم الإنجازات الحضارية والثقافية والإنسانية وسطرت أروع ملاحم العطاء والتميز والتنمية الإنسانية الحقيقية في تاريخ الأمم والشعوب. وها نحن اليوم نقف في صدارة العمل الثقافي العربي والعالمي، الأمر الذي أراده الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيّب الله ثراه»، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» من بعده، وهو ما تحقق بالفعل والحمد لله. نظرة استشرافية الباحث التربوي فهد المعمري: إن الاحتفاء بالشيخ زايد هو اعتزاز وفخر ووفاء للإرث الذي أسس لرؤية حضارية للمستقبل، حتى أصبح الكتاب اليوم بفضل نظرة الشيخ زايد الاستشرافية حاضراً في حياتنا باستمرار. ولا تستطيع الكتب الكثيرة أن تختصر إنجازات سموه في مجال الثقافة، فقد استطاع أن يقفز بدولة الإمارات قفزات كبيرة في هذا المجال الحيوي، وحقق العديد من الإنجازات التي تجمع بين الأصالة والحداثة. فأنشأ خلال فترة حكمه حراكاً ثقافياً وأدبياً، جعل من دولة الإمارات، دولة لها راية عالية في عالم الثقافة». إن إرادته وعزيمته الماضية دوما في تنفيذ طموحاته التي يريدها، كانت تقف في جنبه، فيعمل معها سويا في توفير البيئة الخصبة للمثقفين والأدباء، من خلال حياة ثقافية تعمل على إبراز دور الثقافة في بلاد الثقافة، فكانت الإنجازات حاضرة، وجاءت السحابة المليئة بأمطار الثقافة، ومنها جامعة الإمارات، ومن قبلها المدارس الشبه نظامية مثل النهيانية في العين لتهيئة جيل يعي معنى الثقافة والأدب، ثم مجمع أبوظبي الثقافي وجاء لكل أوجه النشاط الفكري والإبداعي، وتشجيع الحركة الثقافية والأدبية والفنية على الصعيد المحلي والعربي والدولي». ويعتقد الفنان إسماعيل عبد الله، أن اختيار زايد شخصية محورية لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، هو تأكيد على نهج وفلسفة زايد في بناء الدولة والتي ارتكزت على بناء الإنسان. زايد يقول: «الإنسان هو الثروة الحقيقية» ويقول: «لا خير في المال إلا إذا سخر في خدمة الإنسان»، والإنسان يحتاج إلى صقل ثقافي وروحي وصحي، لهذا أنشأ زايد المدارس والجامعات والمستشفيات والمساجد، هذا فيما يتعلق بثقافة الإنسان ليكون قادراً على المساهمة في البناء والتطور. ناهيك عن الوزارات المختلفة، التي يتصل عملها بالثقافة والتعليم، وكان أمام الدولة أولويات كثيرة كلها سارت بخطوات متوازنة بفضل حكمة ورؤية زايد. أيضاً كان اهتمامه بالمسرح من خلال الفرق وجمعيات الفنون وغيرها مما يسهم في تنمية الإنسان والارتقاء بذائقته وثقافته الفنية، وكان زايد حريص على حضور كل الفعاليات الفنية، والاحتفال السنوي للأنشطة الطلابية في كل إمارة. وهو الذي أطلق فكرة تأسيس المسرح الوطني. زايد بفكره الثاقب أسس دولة حضارية زودها بقوة دفع استطاعت أن تحتل المراكز الأولى في كل المؤسسات والمجالات العالمية المختلفة. والآن الإمارات رائدة في مجالات متعددة لقد تجاوزنا كثيراً من الدول المتقدمة بالعلم والثقافة. القوة في البدايات ويعيد الفنان التشكيلي عبد الرحيم سالم جذور الحياة الثقافية بالدولة اليوم إلى «بواكير التأسيس في عهد المغفور له الشيخ زايد، فإنشاء وزارة الثقافة والإعلام أعقبها ازدهار الحركة الثقافية عبر تأسيس العديد من الجمعيات المتخصصة من اتحاد كتاب الإمارات وجمعيات الإمارات للفنون التشكيلية، وازدهار الحركة الثقافية بشكل كبير في عهده في ظل مبادرات متميزة وفي مقدمتها جائزة الشيخ زايد للكتاب كلها معطيات تدلل على إيمان المغفور له بأهمية الثقافة والفنون في حياة الشعوب». شخصية ملهمة ويؤكد الفنان التشكيلي مطر بن لاحج أن «شخصية المغفور له الشيخ زايد كانت ولا تزال شخصية ملهمة لأبناء الوطن عامة وللفنان بمختلف أنواع تخصصه سواء أكان تشكيلياً أم شاعراً أم مسرحياً أم كاتباً بشكل خاص، فالكاريزما الجاذبة والسيرة الشخصية له تعج بالمواقف والأفكار والآراء، التي تلهم الفنان فيستنبط منها مشروعات وأفكار جديدة»، وعلى صعيد آخر عمد الشيخ زايد إلى إنشاء منظومة تعليمية قوية تؤسس قاعدة قوية للنظام تعليمي عصري ومتطور، وهو الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الحركة الثقافية بمختلف صنوفها». تأثيرات من جانبه، قال الفنان إبراهيم سالم: حين نتكلم عن أي مجال لا يمكننا أن نغفل تأثير البعد الإنساني فيه، فالحس الإنساني هو المحور الأساس في حياتنا، اجتماعية كانت أو ثقافية أو سياسية، ومتى ما تحلى الواحد منا بالإنسانية كسب موقع الصدارة وسط الناس، ولقد كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد مثالاً نموذجياً في إنسانيته، وهي إنسانية صادرة عن دربة وخبرة وحنكة في عيش الحياة وفي التعامل مع الناس، لقد كان عميقاً ومتبصراً يغير في الواقع وعينه على المستقبل». وتابع سالم قائلاً: لا يمكن بأي حال أن نحصر أو نلخص دور المغفور له بإذن لله في الحراك الثقافي في الدولة، فهو دور كبير وممتد، نحن كنا محظوظين بالمغفور له فبفضل رؤيته وحكمته وصلت بلادنا إلى ما وصلت إليه من ازدهار ثقافي وعلاقات بناءة مع شعوب العالم من أسيا إلى أفريفيا وأوروبا فكل ذلك هو نتاج لما بذره وسقاه زايد الخير، بصبره ومثابرته وسماحته.. والركيزة الأساسية في تاريخ المسرح الإماراتي هي المدرسة التي أسسها المغفور له بإذن الله، والآن حين نعلم أن مسرحية مثل «لا تقصص رؤياك» للكاتب إسماعيل عبد الله، والمخرج محمد العامري تعرض في مهرجانات أوروبية وعربية لا يمكننا إلا أن نعدها ثمرة لما غرسه الشيخ زايد من خير في هذه البلاد». عاشق العلم أما المسرحي والإعلامي حميد سمبيج فيقول: «كان المغفور له بإذن الله، محباً للعلم، وقد تعاظم جهده فزاد على تيسير سبل التعليم وبناء المدارس أن دعا الناس للإقبال إلى المدارس حتى يستفيدوا من علومها ومعارفها في سبل عيشهم ورؤاهم للحاضر والمستقبل، وكانت هذه النهضة التعليمية شاملة ومنهجية وسرعان ما أثمرت في الواقع العديد من المتعلمين، والراغبين في التعلم. ومن بين ما كانت تقدمه المدارس ثمة المسرح الذي عومل كوسيلة تربوية وتعليمية، ومنذ ذلك الوقت إلى وقتنا الراهن تطور مسرحنا المدرسي تطورا كبيراً». وزاد سمبيج: أول ورشة تدريبية نظمت للمسرح كنت برعاية المغفور له وهي الورشة التي استمرت لوقت ليس بالقصير وتعلم فيها كثر أصول وفنيات المسرح وهي قدمت معظم الفاعلين في المسرح الآن، كما ان الفرق المسرحية على قلتها حظيت بدعم متصل من الشيخ زايد، فكانت تطوف كل إمارات الدولة كما كان في مقدورنا أن نشارك في كافة المهرجانات الدولية». شاعر ومخلص للأدب الشاعر علي القحطاني يقول: دأب المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، منذ قيام الاتحاد على ترسيخ دعائم المعرفة ونشر الثقافة ودعم الأدباء والمثقفين والشعراء بشتى السبل والوسائل. ولم يقتصر مجلسه على مثقفي الإمارات فحسب بل طالما امتدت أياديه البيضاء لتكريم رواد الثقافة في الوطن العربي بشكل عام. وتأكيد على دعمه لدور الثقافة في بلده كانت وزارة الثقافة من أولى الوزارات التي شكلت منذ قيام الاتحاد، وأصدر الأوامر بعد ذلك بإنشاء المجمع الثقافي ومعرض أبوظبي للكتاب دلالة على أهمية الثقافة من منظوره وضرورة أن يكون تقدمها وتطورها مواكباً لأي نهضة في النواحي الأخرى كالنهضة الاقتصادية أو العمرانية في تاريخ أي بلد، وما معرض أبوظبي للكتاب إلا إحدى الدلائل الملموسة لما قدمه الراحل الكبير من دور مهم وبارز في دعم الثقافة وتطورها إلى ما نراها عليها اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة. يطول الحديث عن دوره الرائد في دعم الثقافة والمثقفين، ولكني أرى وبكل وضوح أن المشهد الثقافي في دولة الإمارات بخير فيكفيك أن باني ومؤسس هذا البلد هو بالأساس شاعر ومخلص للأدب والعلم والثقافة، ولأنه يحق لكل مثقف إماراتي أن يفخر لكونه من البلد، التي رسم معالمها الشاعر القائد زايد بن سلطان طيب الله ثراه. ثمار زايد الكاتبة فاطمة المزروعي أن الواقع الذي نعيشه هذه الأيام في ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، هو امتداد طبيعي لما أسسه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد في سن القوانين الإعلامية والثقافية لتعزيز الدور الفكري لوطننا العزيز، وقد أخذ «رحمه الله» على عاتقه هذه المهمة منذ بداية تأسيس الاتحاد، وسخّر كل الإمكانات المتاحة للأخذ بأيدي أبناء الوطن ودمجهم في المؤسسات الثقافية، والذي أعطاه زايد الكثير والكثير وذلك واضح وضوح أشعة الشمس في ما تقدمه الدولة من مخرجات ثقافية أتت أُكلها على جميع الأصعدة الثقافية. وهذا ما دفع الكثير من أبناء الإمارات إلى السعي نحو العلم، وبرز أسلوب التأسيس بدمج الثقافة الإسلامية العربية الأصيلة مع خبرات من دولة عربية شقيقة وأخرى أجنبية لتبادل الخبرات وتعزيز مفهوم التبادل الثقافي. ومن العوامل التي ساهمت في ترشيد الثقافة اهتمام الشيخ زايد بالتربية والتعليم وإنشاء وزارة الإعلام والثقافة، التي أصبحت وزارة الثقافة والشباب وخدمة المجتمع التي ما زالت خير داعم للثقافة. ويذهب الكاتب الشاب محسن سليمان إلى أن أيادي الأب القائد الشيخ زايد، طيب الله ثراه، تمتد إلى الأدب والفنون والثقافة، حتى أصبحت حقيقة وواقعاً ملموساً منذ قيام الاتحاد، وبجهوده ازدهرت، وأصبحت سمة من سمات دولة الإمارات العربية المتحدة حتى أصبحنا بعد سنوات قليلة من عمر اتحادنا في مصاف الدول التي يشار إليها بالبنان علمياً وأدبياً وثقافياً. وقد تحقق كل ذلك لإيمانه بأهمية العلم والثقافة وإنشائه المدارس والجامعات والمؤسسات الثقافية المختلفة، التي وجد فيها المبدعون بيئة ملائمة، لذلك ازدهرت الثقافة في الشيخ زايد الذي كان يرى أن (الثقافة حق للجميع). بذرة زايد فيما ترى الكاتبة مريم جمعة عبدالله، هي الأخرى أن ما تشهده الدولة اليوم من نهضة ثقافية مؤثرة لم يأتِ من فراغ، فحين ننظر إلى البذرة، التي أنبتت هذا الزرع البهيج لا نملك إلا أن تمتلئ نفوسنا عرفاناً وإجلالاً وحباً غامراً للمؤسس، الذي تعهدها بالحب والرعاية فاستوت على سوقها. فعلى مدى ثلاثين عاماً من حكم الوالد زايد، طيب الله ثراه، تبلورت رؤاه النيرة الخيرة معرفة وحباً وسلاماً وتواصلاً بناء. ومنذ الأربعينيات وفي ذلك المجلس الدافئ الذين احتضن أحلامه الشفيفة في مدينة العين، وإلى اليوم الذي فارقنا فيه على حزن، وتجليات فكره النيّر تُحصد إنجازات مبدعة باهرة، في وطن يتسامى في جميع مناحي الحياة. الثقافة، الجسر الحيوي للتواصل الإنساني، كان لها مع الوالد زايد، طيب الله ثراه، شأن كبير حميم، فقد اهتم اهتماماً عميقاً بالثقافة منذ تأسيس الاتحاد، لتكون (وزارة الثقافة والإعلام) حينذاك من أوائل الوزارات المشكلة عام 1971، وما ذلك إلا دليل على إيمانه بدور الثقافة في نشر الوعي والفكر، يقول: « الإنسان السوي إذا لم يستخدم طاقاته الفكرية والعقلية ويعمل على تسخيرها في كل ما أمرنا الخالق سبحانه وتعالى، فإنه لن يحصد إلا الأمراض والمتاعب النفسية والاجتماعية»، وقد أيقن أن هذا الاستخدام السوي لن يتأتى إلا من خلال مؤسسات ذات مستوى متقدم، فكانت تلك المؤسسات التي عملت وما زالت تعمل على تعميق جذور المعرفة وصنع الفكر المتوازن الذي يهدف لبناء الوطن وإعمار الأرض. ويأتي الاحتفاء بالمؤسس الوالد الشيخ زايد - طيب الله ثراه - كشخصية محورية لمعرض أبوظبي للكتاب في يوبيله الفضي، في عمق المحبة اللامتناهية والامتنان للرجل الذي رعى شعلة الكتاب الهادية وأضاء سماء دولة الإمارات بفكره النيّر ونظرته الثاقبة وإنسانيته التي حنت على الشجر والطير والمدر. وتشير الكاتبة مريم ناصر إلى أن النهضة الثقافية التي نعيشها اليوم، هي غرس والدنا الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله وغفر له. فحين قامت دولة الإمارات العربية المتحدة، أنصب اهتمام الشيخ زايد، ببناء الإنسان قبل المصانع وقبل الآلات لم يكن يريد حضارة من آلالات، قبل أن تكون لديه ثروة حقيقة من شعب متعلم وواعي، لذلك كانت هناك المدارس أولاً، وجامعة الإمارات وغيرها من الصروح العلمية والثقافية واليوم تتنافس كبرى الجامعات العالمية والمراكز الثقافية المتنوعة لتفتح فروعها في دولة الإمارات. لم تتوانَ الإمارات من عهد زايد وحتى اليوم، في ترسيخ أهمية الثقافة والعلم وحب التعلم، اليوم دولة الإمارات تحتضن أكبر المحافل الأدبية من معارض كتب ومهرجانات ثقافية وشعرية وأدبية متنوعة وكذلك دعم الجوائز الثقافية الكبرى ولعل أهمها جائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة بوكر وجائزة الإمارات للرواية، وغيرها من الجوائز التي تحتفي بالمبدعين والمثقفين، والتي تقول للكاتب والمبدع والقارئ والناشر، نحن نهتم بالثقافة ونهتم بجودة ما يقدم للثقافة العربية والعالمية. الصروح الكبرى مثل هيئة الثقافة والسياحة ومتحف اللوفر وغيرها مما يتفرع منها كل ما يخدم هذه التوجه في الإمارات ليصب كله في نهر ثقافي يرتوي منه الجميع، أيضاً شاهد على هذا التوجه الثقافي. نحن اليوم أمة ترتقي فوق هام السحاب ثقافياً وعلمياً وإنسانياً واجتماعياً واقتصادياً، وكل هذا من غرس زايد.. رحمه الله. الفنان التشكيلي ناصر أبوعفرا المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كانت الثقافة لديه هي مفهوم اجتماعي يعكس مدى معرفة أبناء المجتمع بالمنظومة الاجتماعية، التي يعيشون فيها، ومعرفة عادات وتقاليد ولغة وأعراف ومكتسبات نظم اجتماعية سائدة تطغى على مكونات الشخصية والسلوك لأفراد المجتمع سواء كان مجتمعاً محافظاً أو انفتاحياً كما يحلو للبعض أن يسميه. وكان يقول، رحمه الله، إن هذه المكتسبات الشخصية والأطر العامة التي تحرك السلوك العام في المجتمع وأفراده، لا تتداخل ولا تخل بالثوابت العامة والرئيسية، التي قام عليها مجتمع دولة الإمارات. وكان يقول دائماً ينبغي على أفراد المجتمع أن يتماشوا مع التوجه العالمي في حدود هذه الأعراف السائدة والتأقلم مع التجديد الحاصل في المجتمعات الخارجية بهدف التطوير والتعايش البناء، وقال كذلك إنها هي البيئة وأسلوب الحياة التي صنعها الإنسان لنفسه وتنتقل عن طريق أفراد المجتمع من جيل إلى جيل مع بعض التطورات التي تتماشى مع ثوابت هذا المجتمع بلا تفريط في أركانها، وكان يتساءل: هل يمكن اعتبار ثقافة المجتمع بأنها شيء لا يمكن المساس به أو التغيير فيه حتى مع التطور السريع الحاصل في العالم، وهذا سؤال مهم كان يطرحه دائماً المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، حيث يجب التفكير فيه وبهذا السؤال نجد أنه كان يحثنا على التحديث المستمر والبحث عن الجديد وإن نثقف أنفسنا حتى نواكب من سبقونا.. رحم الله مؤسس هذا البلد المعطاء.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©