الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مأساة النظام الصحي في كوريا الشمالية

17 يوليو 2010 21:51
أعلنت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد لها يوم الخميس أن نظام الرعاية الصحية في كوريا الشمالية بات غير قادر على توفير الإبر المعقمة، والماء النظيف، والغذاء والدواء، وأن المرضى باتوا يُجبرون على الخضوع لعمليات جراحية مؤلمة بدون تخدير. كما وجدت المنظمة الحقوقية، استناداً إلى إحصائيات لمنظمة الصحة العالمية، أن كوريا الشمالية أنفقت أقل من دولار واحد للفرد على الرعاية الصحية، وهو المعدل الأكثر انخفاضاً في العالم، علماً بأن المعدل العالمي هو 716 دولاراً للفرد. ويفاقم انهيار نظام الرعاية الصحية بؤسَ السكان الذين يعانون أصلا سوء التغذية بشكل مزمن ومشاكل هضمية بسبب أكل الأعشاب ولحاء الشجر والجذور وأكواز الذرة وغيرها من الأغذية "البديلة". كما يُضعف النظامُ الغذائي السيئ أيضاً نظام المناعة، حيث يجعل الناس معرضين أكثر للإصابة بأمراض مثل السل الذي يصيب 5 في المئة من السكان على الأقل، كما يقول التقرير. وعلاوة على ذلك، فإن حوالي 45 في المئة من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات يعانون من قصر القامة ومشاكل مرتبطة بالنمو جراء سوء التغذية. وفي هذا الإطار يقول التقرير: "بالنظر إلى هول أزمة الغذاء في كوريا الشمالية، فإنه لا يمكن فصل المشاكل الصحية عن انعدام الأمن الغذائي الذي يعيشه البلد منذ قرابة عقدين من الزمن"، مضيفاً: "إن الشعب الكوري الشمالي يعاني من حرمان مهم من الحق في الرعاية الصحية المناسبة، وذلك يعزى بالأساس إلى السياسات الحكومية الفاشلة أو تلك التي تأتي بنتائج عكسية". وقد أجرت منظمة العفو الدولية، التي يوجد مقرها في العاصمة البريطانية لندن، حوارات مع 40 شخصاً فروا من كوريا الشمالية خلال الفترة بين عامي 2004 و2009، وقد رووا قصصاً مروعة حول تجاربهم في النظام الصحي. وفي هذا السياق، تقول امرأة في السادسة والخمسين من عمرها من مدينة "موسان" أجريت لها عملية استئصال الزائدة الدودية بدون تخدير: "كنت أصيح كثيراً من شدة الألم، واعتقدت أنني سأموت حيث قاموا بتوثيق يدي وساقي لمنعي من الحركة". والواقع أن كوريا الشمالية، وانسجاماً مع إيديولوجيتها الاشتراكية، كانت تفخر في يوم من الأيام بتوفير رعاية صحية شاملة وبالمجان لمواطنيها، مع شبكة تضم أكثر من 44 ألف طبيب عام، قد يفحصون المرضى في بيوتهم. وعلى الرغم من أن الاستشفاء مازال بالمجان، إلا أن المرافق باتت غير صحية ولا تتوفر على أغذية أو ضمادات أو أدوية. وفي هذا الصدد يقول رجل في السابعة والأربعين من عمره، حاورته منظمة العفو الدولية، وتحدث عن تقديم 10 علب سجائر للطبيب الذي كان يعالج ابنه المصاب بداء السل: "المستشفيات في كوريا الشمالية لم تعد تتوفر على الأدوية. والموظفون الصحيون لا يستلمون أياً منها؛ وإذا استلموها يقومون ببيعها في السوق". وتحدث آخرون أيضاً عن تقديم زجاجات مشروبات كحولية أو وجبات غذائية للأطباء الذين لا يتقاضون أي رواتب. وقد جاء تقرير منظمة العفو الدولية منسجماً مع وصف كوريا الشمالية في قصص أوردتها صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأميركية حول مدينة "تشونجين" الواقعة على الساحل الشرقي، في عام 2005. الطبيبة "كيم جي" أون قالت وقتها إن مرضاها يضطرون إلى جلب زجاجاتهم إذا كانوا يحتاجون إلى محلول وريدي، على أن زجاجات الجعة هي المفضلة. وأضافت الطبيبة التي فرت من كوريا الشمالية في عام 1998 وتعيش حالياً في كوريا الجنوبية: "إذا أتوا بزجاجة جعة، فإنهم يحصلون على زجاجة محلول وريدي واحدة. وإذا أحضروا اثنتين، فإنهم يحصلون على مثلها من المحلول الوريدي". والواقع أن الأشخاص الذين فروا حديثاً من كوريا الشمالية يقولون إنه لم يحدث تحسن في مستوى خدمات الرعاية الصحية. وفي هذا السياق، تفيد فتاة في السابعة عشرة من عمرها من مدينة "موسان"، الواقعة على مقربة من الحدود الصينية، فرت من كوريا الشمالية في فبراير الماضي، بأن الناس كثيراً ما يستعملون المخدرات المحظورة، وبخاصة "آيس"، وهو نوع من مادة "الميتامفيتامين" تسبب الإدمان جداً وتصنع في كوريا الشمالية. وتقول الفتاة التي استُجوبت في مارس الماضي: "إنك تستعمل المخدرات إذا كنت مصاباً بالبرد أو بآلام المعدة أو بأي مشكلة أخرى". كما أفاد تقرير منظمة العفو الدولية أيضاً أن الكوريين الشماليين يستعملون "المورفين" ومشتقات الأفيون من أجل تطبيب أنفسهم نظراً لقلة المواد الصيدلية المناسبة. والجدير بالذكر أن كوريا الشمالية تعرضت لمجاعة في سنوات التسعينيات، ما تسبب في موت حوالي مليوني شخص. وبعد تحسن تدريجي بداية من عام 2000، تدهور وضع الغذاء في البلاد مرة أخرى نتيجة السياسات الاقتصادية الفاشلة واستمرار العزلة الدولية. باربرا ديميك - بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم سي تي إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©