الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«كوريا» وإنقاذ الصحافة العربية

17 يوليو 2010 21:42
اختصر رئيس الإكوادور رافائيل كوريا الجدل الدائر حول الإعلام، وأمهل أصحاب الشركات المصرفية والمالية حتى أكتوبر المقبل لبيع ممتلكاتهم في وسائل الإعلام، وخيّرهم بين أن يكونوا مصرفيين أو صحفيين. لو كان هذا الإجراء قد حدث قبل الأزمة المالية العالمية الأخيرة لكان «العالم الحر» ذرف الكثير من الدموع على حرية التجارة وحرية الصحافة، وشن حملاته الساخطة على الرئيس المعروف بتوجهاته اليسارية، أما وقد حصل ذلك الآن في زمن أزمة عالمية خانقة للصحافة (أي صناعة الأخبار المكتوبة والمسموعة والمرئية)، فإن هذا الإجراء الثوري للرئيس «كوريا» سيجد من يتمعن فيه حتى في قلب الاقتصادات الرأسمالية، ومعقلها الأميركي، وقد يقابل بارتياح من بعض المعنيين من صناع القرار، ورجال الفكر ومراكز الدراسات، ممن يبحثون عن حلول لتلك الأزمة. والواقع أن بعض ما بدأ يطرح في الغرب يتلاقى (مسبقاً) مع ما «أمر» به كوريا، فجامعة كاليفورنيا الأميركية أجرت دراسة عن «مستقبل الصحف وطبيعة العمل النقابي في الجيل القادم»، بمشاركة خمس جهات أخرى وتوصلت من خلالها إلى أن خروج الصحف من محنتها مرهون «بتغييرات كثيرة منها أن تصبح ملكيتها خليطاً من الملكية العامة والخاصة، ويصبح العاملون فيها شركاء (لا خصوماً). وبين د. روبرت ماكتشيزني والصحفي جون نيكولز في كتابهما «موت الصحافة الأميركية وحياتها» ضرورة تدخل المجتمع والحكومة لإنقاذ الصحافة، ودعمها مادياً وجعلها خدمة عامة مثيلة لخدمات الطبابة والتعليم والأمن. وبالفعل فإن لجنة التجارة الفيدرالية الأميركية باشرت بحث كيفية «دعم إعادة ابتكار الصحافة»، تمهيداً لتشريعات قد تسفر عن إعانات حكومية وتبرعات وإجراءات حماية للحقوق الصحفية، حتى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي تضم الديمقراطيات الغنية بدأت بالتحرك وبدرس سبل مساعدة عالم صناعة الأخبار عبر التشريعات والمساعدات. والبارز عالمياً هو أن الإعلام الأميركي الإخباري هو الأكثر مدعاة للمفارقة والأكثر حاجة للمساعدة، لأنه كان الأكثر تبنياً وترويجاً للنموذج التجاري الإعلاني الذي أدى إلى سيطرة 6 شركات تجارية فقط على القنوات التلفزيونية الإخبارية القومية، وأوصل اعتماده على الإعلانات إلى 87% من موارده (مقارنة مع 53% في ألمانيا و35 % في اليابان) ولهذا كان الأكثر تضرراً بالأزمة المالية، حيث تراجعت عائداته في السنوات الثلاث الماضية 31% (تلته بريطانيا بنسبة 21%) وخسر نحو 35 ألف وظيفة وشهد إغلاق 166 صحيفة منذ 2008، وبعدما كان يقدم نفسه كمثال للإعلام الحر في العالم ها هو ينتظر من ينقذه ولا يرى مخرجاً له إلا بتحويله إلى منفعة عامة قبل أن يكون تجارة ونفوذاً وجاهاً، وإلا لن تستعيد صحافته مصداقيتها وثقة الجمهور بها وستتجه فعلاً نحو الزوال. قد لا تكون الصحافة العربية في وضع مماثل تماماً، لكن ذلك يجب أن يجعلها تفكر في كيفية تجنب مصير مشابه، وقد لا يكون «الحل الإكوادوري» مطروحاً عربياً لكن شيئاً من الحكمة يقتضي عدم تكرار التاريخ والوعي بأهمية بناء جسور ثقة ومصداقية مع الناس، والأخذ بالأساس المشترك في الحلول المطروحة عالمياً أي اعتبار الصحافة منفعة عامة وليست أدوات منافع خاصة لاسترضاء المعلنين والممولين والنافذين.. إلا إذا أرادت عن سابق تصميم الاستمرار في ذلك على الرغم من أن جميع هؤلاء لا يعيرونها أي اهتمام في مأزقها الراهن خلافاً لما يجري في العالم الآخر. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©