السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغضب جماع الشر .. ومصدر العداوات والمفاسد

10 يونيو 2018 18:36
أحمد محمد (القاهرة) للشيطان مداخل خطيرة على المرء ينفذ عليه في أحوال الضعف، وفقد السيطرة على النفس، فإذا انفعل المرء وأسرف على نفسه ولم يملكها حال الغضب تمكن منه الشيطان واستولى عليه، وحمله على إنفاذ غضبه ولو كان محرماً، والنفوس متباينة الطباع، مختلفة المشارب، فما يصلح لبعضها قد لا يناسب غيرها، ومن هذا المنطلق راعى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في وصاياه للناس، فعندما سأله أبو الدرداء رضي الله عنه وصية قال: «لا تغضب». قال الخطابي، معنى لا تغضب، اجتنب أسباب الغضب، ولا تتعرض لما يجلبه، وقال ابن التين: جمع صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا تغضب» خيري الدنيا والآخرة، لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق، وربما ينتقص من الدين. وبهذه الكلمة الموجزة، يشير النبي إلى خطر هذا الخلق الذميم، فالغضب جماع الشر، ومصدر كل بليّة، فكم مُزّقت به من صلات، وقُطعت به من أرحام، وأُشعلت به نار العداوات، وارتُكبت بسببه العديد من التصرفات التي يندم عليها صاحبها، فهذا حديث مهم في باب إصلاح أخلاق الناس وتزكية نفوسهم وهو جليل القدر مع صغره. وقال البيضاوي: لعله لما رأى أن جميع المفاسد التي تعرض للإنسان إنما هي من شهوته، ومن غضبه، فلما سأل السائل، عما يحترز به عن القبائح نهاه عن الغضب، الذي هو أعظم ضرراً من غيره، وأنه إذا ملك نفسه عند حصوله، كان قد قهر أقوى أعدائه، فقد جمع له النبي صلى الله عليه وسلم، الخير في لفظ واحد، ومعنى ذلك أن الغضب يفسد كثيراً من الدين، لأنه يؤدي إلى أن يُؤذِي ويُؤذَى، وأن يأتي في وقت غضبه من القول والفعل ما يأثم به، ويُؤثِم غيره، ويؤدي إلى البغض، والغضب أيضاً يمنع كثيراً من منافع دنياه. وقال ابن رجب، طلب هذا الصحابي من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصية وجيزة، جامعة لخصال الخير، ليحفظها عنه خشية أن لا يحفظها لكثرتها، فوصاه صلى الله عليه وسلم أن لا يغضب، ثم ردد هذه المسألة عليه مراراً، والنبي يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جِماع الشر، وأن التحرز منه جماع الخير. وقال ابن عثيمين، المعنى لا تكن سريع الغضب، يستثيرك كل شيء، بل كن مطمئناً متأنياً، لأن الغضب جمرة يلقيها الشيطان في قلب الإنسان حتى يغلي، ولهذا تنتفخ الأوداج، عروق الدم، وتحمر العين، ثم ينفعل الإنسان حتى يفعل شيئاً يندم عليه، وإنما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل ألا يغضب لأن حاله تقتضي ذلك، لأن النبي علم من حاله أنه غضوب كثير الغضب، فلذلك قال لا تغضب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©