الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علياء إبراهيم: الأزمة الاقتصادية تضر بالأسرة وتغير من سلوكياتها

علياء إبراهيم: الأزمة الاقتصادية تضر بالأسرة وتغير من سلوكياتها
17 يوليو 2010 21:24
الأزمة الاقتصادية التي ألمت بكافة أنحاء العالم كانت لها تأثيرات واضحة على المستويين العالمي والمحلي، وكذلك على مختلف طبقات المجتمع، وكانت الأسرة، وهي البنية الأساسية للمجتمع، إحدى أهم المؤسسات التي تأثرت بهذه الأزمة، والتي كشفت بحدة ووضوح عن غياب الثقافة الاستهلاكية المعتدلة والواعية لدى أفراد الأسرة في الوطن العربي بوجه عام، والأسرة الخليجية خاصة، هذه الأزمة أظهرت جهلاً وعدم وعي لدى شريحة كبيرة من أبناء المجتمع بمبادئ التعامل مع الأمور المالية على المستويين الفردي والأسري. هكذا تقول الدكتورة علياء ابراهيم، محمود خبيرة الاستشارات الأسرية والتربوية وتطوير الأداء، موضحة أن الانفتاح الذي شهدته منطقة الخليج، في ظل عصر العولمة الذي قارب ما بين الثقافات والمسافات، أفرز أنواعاً وأنماطاً مختلفة من الاستهلاك ارتبطت بثقافات جديدة اعتنقها العديد من شرائح المجتمع، خاصة المجتمع النسائي والشبابي، ومجتمع المراهقين، وهي تتصل بثقافة المظهر في شكل أساسي. وتضيف علياء في نفس السياق: لقد طفت ثقافة المظهر على الجوهر، مما أوجد معياراً لتقدير الآخر تبعاً لمظهره واستخدامه أحدث الماركات بدءاً من النظارة إلى السيارة، كما أفرزت ثقافة المظهر أيضاً ما يمكن أن يطلق عليه وصف «مواسم استهلاكية»، مثل مواسم الإجازات التي تشهد تراكم الديون على الأسر خلال مواسم السفر، أو التسوق بهدف وبدون هدف، واستعمال البطاقات الائتمانية، التي باتت لا تشعرنا بقيمة المال، وكذا الأعياد والمناسبات، كما أن شهر رمضان تتصاعد فيه نسب الاستهلاك فيه. عشوائية الإنفاق ما تؤكد عليه علياء إبراهيم، من مظاهر الأزمة، هو عشوائية الإنفاق في معظم الأسر العربية، وعدم مشاركة أفراد الأسرة في وضع ميزانية تتضمن أولوية الإنفاق، وتضيف أن تخويل مهام إدارة البيت للخادمة، دون إشراف من ربة البيت، ساهم في إهدار موارد الأسرة ثم وبالتبعية إهدار موارد الدولة من ماء وكهرباء، نظراً للاستخدام غير الواعي من معظم الخادمات لموارد البيت. وتضيف: إن الأزمة الاقتصادية لها عواقب نفسية على أطفالنا ومراهقينا الذين اعتادوا على تلبية مطالبهم. ولم تتم تنشئتهم تنشئة مالية سليمة يدرك من خلالها الطفل كيفية التعامل مع مصروفه اليومي، وكيفية استيعابه التدريجي لحدود دخل أسرته، فهذه التنشئة لابد وأن تنعكس عليه في مرحلة المراهقة والشباب، والأزمة الاقتصادية أظهرت أن الهوس الاستهلاكي أدى إلى انحرافات سلوكية في شريحة المراهقين والشباب، وهو أمر يمس أمن المجتمع وأمانه، وتعتبر العادات المرتبطة بالبذخ والإسراف في الولائم في الزواج ومواسم الإجازات والأعياد، وكذلك العوامل المرتبطة بالاستسلام التام للإعلانات والعروض الترويجية للسلع التي جعلت من كل فرد في المجتمع هدفاً لاستنزاف موارده وأمواله. وتؤكد محدثتنا: إن الأزمة الاقتصادية تحتاج منا إلى ترويض لهذا الحصان الجامح الذي يجسد الرغبات الإنفاقية، وهي تعتمد على العشوائية والنزوات الشرائية اللحظية، خاصة بعد أن حولنا شعوباً تشتري أشياء لا تحتاجها، بل وربما يكون مصيرها النهائي القمامة. المرأة بيدها حل الأزمة المالية تتحدث علياء إبراهيم على ضرورة مراجعة القيم الاستهلاكية تجاه المال، وتضيف: ستظل المرأة هي العقل المدبر الذي يمكن أن يُخرج الأسرة من هذه الأزمة بسلام، فتاريخ المرأة يؤكد قدرتها على التدبير والتوفير إذا امتلكت إرادتها، وشاركت الزوج في قيادة سفينة الأسرة بعد تحديد مسارات الإنفاق، إذ هناك آليات لابد من اتباعها في مرحلة تغيير النمط الاستهلاكي والإنفاقي للأسرة، فهذه المرحلة تعد مرحلة انتقالية في حياة الفرد والأسرة، وعليه يجب أن يدرك كل منا في ظل هذه الأزمة أن التغيير ليس أمراً سهلاً لأنه يمس سلوكيات اعتدنا على ممارستها، وعلى الأم والأب إدراك صعوبة التغيير على نفسية أطفالهم، لذا يجب اتباع خطوات تدريجية تناسب المرحلة العمرية لأبنائهم، وعلى الآباء والأمهات أن يكونوا قدوة حسنة للأبناء بما يسهم في تعزيز السلوكيات أو التغيرات الإيجابية التي تطرأ على أبنائنا في غضون هذه المرحلة، وتعطي علياء بعض الحلول من الآليات التي يمكن أن تعتمد عليها الأسرة في مرحلة التغيير هو ما يلي: تحديد الأخطاء التي نرتكبها في مجال إنفاق أموالنا، البعد عن العشوائية في الإنفاق وتحديد خطة لميزانية الأسرة بحيث تتضمن الدخل وبنود الإنفاق مهما كانت صغيرة. إشراك كل أفراد الأسرة في وضع الميزانية ورفع شعار «الالتزام وعدم الاستسلام». تحديد أولويات الإنفاق، تخصيص جزء وإن كان صغير جداً للادخار. الحد من استخدام بطاقات الائتمان والتي ساهمت في زيادة الديون على الأسرة. الحرص على الالتزام ببنود الإنفاق وعدم تعديلها أو تخطيها. التمهل عند الشراء، وعدم الاستجابة للرغبات الشرائية اللحظية. كتابة قائمة بالاحتياجات الفعلية للأسرة قبل النزول إلى الأسواق. التعامل مع البدائل المتاحة في الأسواق إذا كان سعرها أفضل مع ملاحظة عنصر الجودة. التخلص من بعض المعتقدات الموروثة مثل «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»، أو «الغالي ثمنه فيه». الإشراف التام على أساليب تعامل الخادمة مع موارد البيت، الحرص على موارد الدولة من مياه، كهرباء غاز إلخ.. وذلك بترشيد الاستهلاك. عدم الاستسلام للعروض الترويجية إلا بعد الاطلاع على مدى جودتها ومدى احتياج الأسرة لها. استغلال مواهب أفراد الأسرة في ترشيد الاستهلاك مثل موهبة إصلاح الأجهزة أو الكي أو الطهي أو الديكور. تشجيع الأبناء على الادخار بعمل دفتر توفير خاص لكل منهم. الحرص على بث الحماس في أفراد الأسرة للاستمرار في برنامج ترشيد الاستهلاك. جدولة الديون وجعلها إحدى أولويات الأسرة للتخلص منها. بث قيمة «الاعتدال في الإنفاق» باعتبارها إحدى القيم التي أمرنا الإسلام باتباعها مع البعد عن الإسراف والتبذير. تخصيص جزء ولو كان بسيطاً للصدقة بحيث يشارك فيه كل أفراد الأسرة حتى يشعر كل منهم بأهمية التكافل الاجتماعي. خاصة أن هذه الصدقات تأتي بالبركة في المال والصحة والأولاد. عدم معالجة الشعور بالوحدة أو التوتر بالتسوق والشراء العشوائي. وتضيف علياء في سياق حديثها عن الاستهلاك في ظل هذه الأزمة الاقتصادية، وما يجب أن يتغير من سلوكيات، فتقول إن الموضوع يحتاج إلى وقفة مع النفس من أجل اعتناق ثقافة استهلاكية معتدلة، لن تتحقق إلا بمواجهة ذاتية تسجل فيها اعترافات المستهلك.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©