الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روبوتات إنقاذ وتدخل... في فوكوشيما

روبوتات إنقاذ وتدخل... في فوكوشيما
8 مايو 2011 22:21
يتحرك الروبوت الصغير فوق أرضية مختلفة عن المألوف. عدسات الكاميرا التي يحملها يغشاها ضباب ضار وسام بالنسبة للبشر. ويقوم بإرسال صور إلى من يقومون بتشغيله على بعد مسافة آمنة. الموقع موضوع الحديث لم يكن كوكب المريخ، والعلماء فيه ليسوا من وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا"، بل إن مشغلي الروبوت مهندسون يابانيون يوجهون الآلة المتحكم فيها عن بعد داخل أحد المفاعلات المتعطلة والمتضررة في محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية. لقد تسبب الزلزال والتسونامي اللذان ضربا اليابان في مارس الماضي في انفجارات عطلت ثلاثة من مفاعلات المحطة الستة وبدأت تنبعث منها نظائر مشعة، مما أجبر السلطات على إجلاء أكثر من 80 ألفاً من السكان. وحتى الأسبوع الماضي، كانت المفاعلات المهجورة تعتبر جد خطيرة على العمال حتى يجازفوا بالدخول إليها. وهنا أتى دور التكنولوجيا، أي الخبرة والمهارة اللتان أتيتا من الخارج إلى هذا البلد المشهور بقدراته وإنجازاته في مجال التكنولوجيا. فخلال الأسابيع الأخيرة، قام روبوتان أميركيا الصنع من طراز باك بوت 510 وآلتان أخريان، بتقييم الأضرار في المحطة، حيث قامت بقياس الحرارة ومستويات الأكسجين داخل المفاعلات، إضافة إلى تسجيل مستويات الإشعاع التي يمكن أن تهدد حياة البشر في وقت قياسي، لاسميا المهندسين العاملين في المحطة. الروبوتات المفيدة التي تتحرك فوق جنازير وتقع كاميراتها في نهاية ذراع طويلة قابلة للطي، بسيطة في تصميمها؛ فحجمها ليس أكبر من حجم عربة طفل، وهي تهتز أثناء سيرها على التضاريس غير المستوية في مهمات تدوم ساعات. وقد أظهرت إحدى الصور التي أفرجت عنها شركة طوكيو للكهرباء ذراعاً للروبوت تقوم بتحريك مقبض باب مزدوج يفضي إلى مبنى أحد المفاعلات. مثل هذه الصور تجعل "نيم ترينر" يشعر بفخر كبير. فهو نائب الرئيس المكلف بالعمليات في "آي روبوت"، الشركة التي يوجد مقرها بولاية ماساتشوسيتس الأميركية والمشهورة أكثر بمكنستها الكهربائية "رومبا"، وقد سبق له أن أرسل مبتكرات شركته إلى بيئات خطيرة من قبل؛ حيث تم إرسال أكثر من 3500 روبوت من طراز باك بوتز إلى أفغانستان والعراق قصد استعمالها من قبل الجيش الأميركي في رصد وإبطال القنابل تقليدية الصنع. كما سبق أن استعملت من قبل فرق المتفجرات في الشرطة واستعملت أيضاً في البحث عن جثث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. غير أنه لم يسبق لها أبداً أن عملت في مثل هذا المناخ المشحون حيث تصل درجة الحرارة إلى 43 درجة مئوية في ظروف مشابهة للسونا أو الحمام البخاري. لكن "ترينر" يرى أن الروبوتات المتبرع بها، والبالغ وزن الواحد منها 27 كيلوجراماً، تتحمل ظروف العمل الصعبة على نحو جيد، إذ يقول: "إن الجو رطب جداً داخل المفاعل الثاني، مع وجود مستويات مرتفعة جداً كذلك من الإشعاع"، ليضيف: "لكنها بشكل عام تبلي بلاءً حسناً". غير أنه في بلد مشهور ببحوثه في مجال الروبوتات، يتساءل الكثيرون هنا بشأن السبب الذي دفع المسؤولين إلى استيراد آلات يتم التحكم فيها عن بعد من الخارج؛ ويقول المنتقدون إن العلماء اليابانيين أضاعوا الكثير من تجربتهم في تطوير تكنولوجيا خيالية مثل الروبوتات التي تغني وترقص وتعزف على الأدوات الموسيقية بدلاً من تطوير نسخ عملية أكثر كان يمكن أن تستعمل في حالة طوارئ وطنية. وحتى بعد حادث بمحطة نووية وقع عام 1999 ولقي خلاله عاملان حتفهما جراء تعرضهما للإشعاع، فإن قطاع الطاقة النووية الياباني كان بطيئاً في الاستثمار في الروبوتات المقاومة للإشعاع، مثلما يقول علماء بحث يابانيون هنا. وفي هذا الإطار، يقول هيروهيسا هيروكاوا، مدير معهد بحوث الأنظمة الذكية بالمعهد الوطني للتكنولوجيا والعلوم الصناعية المتطورة: "في الولايات المتحدة، تشتري وزارة الدفاع روبوتات مثل باك بوتس من أجل الاستعمال العسكري؛ وفي فرنسا، يجبر القانون الحكومة على إنفاق المال على اختراعات تكنولوجية مثل الروبوتات لحالات الطوارئ النووية كإجراء احتياطي"، مضيفاً: "أما اليابان، فليس لديها شيء مثل ذلك". وعقب موت العاملين، بحث المسؤولون إمكانية تطوير روبوتات تستطيع العمل في كوارث نووية، إلا أنه سرعان ما ضاع الزخم؛ حيث يقول ماساهيرو ساكيجاوارا، المدير العام في مركز تكنولوجيا الروبوتات المستقبلية في معهد شيبا للتكنولوجيا: "بعد أن وجدت أن المبنى الذي كان يحتضن المفاعل النووي آمن، قالت السلطات: لن يقع حادث آخر؛ وبالتالي فإننا لن نحتاج إلى مثل هذه الروبوتات. وهكذا، توقفت جهود تطوير مثل هذه الروبوتات". "ترينر" أشاد بقرار المسؤولين في محطة فوكوشيما السريع والقاضي باستعمال آلات شركته، حيث يقول: "أحياناً، عليك أن تذهب إلى الحرب بما لديك، وليس بما ترغب في أن يكون لديك". ويقول ترينر إن الشركة وفرت أربعة روبوتات بعد أن علمت بحدوث الكارثة، حيث قامت بإرسالها في غضون 24 ساعة من اتفاق إيصالها مع الحكومة اليابانية. في هذه الأثناء، تأمل عدد من الشركات اليابانية أن تساهم قريباً بروبوتاتها الخاصة في هذا الجهد، ومن ذلك ما تصفها بأنها نماذج أصغر حجماً وذات استعمالات متعددة تستطيع التعامل مع الدرج والأماكن الضيقة على نحو أكثر سهولة مقارنة مع روبوتات باك بوتس. وحالياً، يتم تقييم حولي 20 روبوتاً مختلفاً. وإلى أن يحدث ذلك، تقوم الروبوتات الأربعة المتجولة بالنصيب الأكبر من العمل وسط الإشعاعات. وبعد ذلك، يقول ترينر، ستحال الآلات إلى التقاعد على الأرجح إذ يقول: "إنها ليست مصممة للعمل في بيئات مشعة ونحن لا نعرف التأثيرات على المدى الطويل... ولذلك، فإن هذه ستكون مهمتها الأولى والأخيرة". جون جليونا ويوريكو ناجانو - طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©