الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المواءمة بين القطاعين الخاص والاجتماعي تحقق أهداف الاستدامة

المواءمة بين القطاعين الخاص والاجتماعي تحقق أهداف الاستدامة
22 يناير 2017 20:52
شهدت دول مجلس التعاون الخليجي عقوداً من الازدهار الاقتصادي والتحوّل السريع بفضل العائدات الهائلة التي نتجت عن ارتفاع أسعار النفط منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي. وسجّلت المنطقة متوسط نمو سنوي بقيمة 10.5%، بينما بلغ الناتج المحلي الإجمالي المجمّع للمنطقة 1.64 تريليون دولار عام 2014، ما أسفر عن زيادة كبيرة في حجم الثروة وأدى بدوره إلى ظهور تحديات جديدة. وفي ظل حالة التقلّب التي تعاني منها البيئة الاقتصادية بالمنطقة بسبب تقلبات أسعار النفط، ظهرت مجموعة من القضايا المعقّدة على الصعيدين الاجتماعي والبيئي. تشكّل القضايا الاجتماعية والبيئية تحدياً متنامياً أمام تحقيق الاستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من وفرة الثروة الاقتصادية، فقد أصدرت شركة «أوليفر وايمان» مؤخراً تقريراً تحت عنوان «حتمية الأثر الاجتماعي» ألقت فيه الضوء على قضايا وثيقة الصلة، كانتشار البطالة بين الشباب واستنزاف الموارد المائية، باعتبارها مشكلة مستمرة تفرض تهديداً محتملًا على الحالة الاقتصادية المزدهرة والمستويات المعيشية المرتفعة لسكان المنطقة. وبحسب التقرير، تصدّت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لهذه التحديات في البداية من خلال تدفق عائدات النفط، إلى جانب اتخاذ تدابير مؤقتة عالية التكلفة بدلاً من البحث عن حلول دائمة. ومع التقلّبات الحادة التي تشهدها أسعار النفط منذ عام 2014، تم اتخاذ بعض التدابير بهدف إعادة النظر في النموذج التنموي الحالي، كما استجابت الحكومات لتلك التحديات من خلال طرح خطط إصلاح طموحة. إلا أن الحكومة لا تستطيع تطبيق الإصلاحات بمفردها. ويوماً بعد يوم، تتضح أهمية تحقيق التوافق بين القطاع الخاص وغير الربحي وبين الحكومات من أجل دفع عجلة الاستدامة في المنطقة. ويسلّط التقرير الضوء على المبادرات التي يطلقها كلا القطاعين، كما تشير النتائج الواردة فيه إلى أنه يتعين على الشركات أن تقطع شوطاً كبيراً كي تصبح شريكاً فعالًا للحكومات. ورغم قلّة عدد مبادرات الاستدامة المطروحة في القطاع الخاص وغير الربحي، فقد نجحت بعض الشركات والمؤسسات والمنظمات غير الحكومية في ريادة التوجه نحو تحقيق تطلّعاتها على صعيد المسؤولية الاجتماعية للشركات، وذلك من خلال التخطيط الدقيق والاستراتيجي. وقبل إلقاء نظرة متعمّقة على طبيعة مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي أطلقتها الشركات، يجب أولًا توضيح مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات على المستوى الإقليمي. فمع قيام العديد من الشركات في القطاع الخاص بإنشاء برامج مستدامة في الوقت الحاضر، هناك اعتقاد خاطئ لدى الكثيرين بأن العمل الخيري المؤسسي يعادل تحقيق استدامة المؤسسات بشكل كامل. وفي حين أن التدابير الخيرية تُعد خطوةً في الاتجاه الصحيح، يقوم قادة الشركات بدمج الاستدامة ضمن الاستراتيجية الأساسية للشركة. أجرى التقرير دراسة استقصائية تركّز على دولة الإمارات، والسعودية، وقطر، من أجل تحديد الجهود الإقليمية المبذولة في مجال الاستدامة. وأظهرت النتائج أن الغالبية العظمى (86%) من صنّاع القرار في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي لديهم نفس الشعور بأهمية مواجهة التحديات الاجتماعية والبيئية في المنطقة. كما أوضحت النتائج أن غالبية المؤسسات (68%) تضع مسألة الاستدامة على قائمة أولوياتها. تبعث هذه الأرقام على التفاؤل، كما أنها تشير إلى أن التغيير والعمل لا بد وأن يبدآ بنشر الوعي بين فرق الإدارة العليا التي تساهم رؤاها وقيمها في تحديد طبيعة المسار الذي تسلكه المؤسسة. يتبنى الكثيرون في الوقت الراهن فهماً خاطئاً للاستدامة؛ إذ يعتبرونها بمثابة فرض قيود على الميزانية. وينبغي على المؤسسات أن تركّز على تدريب وتحفيز موظفيها لاكتساب المهارات المتخصصة. وعادةً ما يكون أفراد الإدارة العليا في المؤسسات مؤهّلين لقيادة عملية التحوّل في جميع إدارات الشركة. وإلى جانب تدريب الموظفين، لا بدّ من التركيز على إنشاء هيكل «لقياس الأثر» بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية الدولية التي يجب على الشركات الالتزام بها. وتنادي هذه المبادرة بالتعاون بين صنّاع السياسات والقطاعين الخاص وغير الربحي، لأن هذا التعاون المشترك بين القطاعات يمثل أهمية محورية في تحديد مدى سرعة استجابة دول مجلس التعاون الخليجي لتجنب مواجهة الأزمات الاجتماعية والبيئية. علاوةً على ذلك، يمكن أن تعتمد المؤسسات على الدعم الخارجي المقدم من الشبكات الدولية. ورغم ما اتخذته حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من إجراءات شاملة في مجال الأطر التنظيمية، لا تزال هناك حاجة ملحّة إلى التعاون والتواصل الوثيق لضمان تلبية السياسات والمبادرات الحكومية للاحتياجات المحددة للمستفيدين المحتملين. وينبغي أن تعمل اللوائح التنظيمية على تحفيز القطاعين الخاص وغير الربحي، لأن هذا من شأنه أن يفتح الباب أمام المزيد من المشاركة بين الأطراف الفاعلة الجديدة في المنطقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©