الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زوجات يصرخن: زوجي ضعيف!

زوجات يصرخن: زوجي ضعيف!
1 يناير 2006

تحقيق: خديجة الكثيري
يعد الجنس في مجتمعاتنا الشرقية المحافظة من الأمور المختصة بغرف النوم· فحياة الفرد الجنسية مسألة في غاية الخصوصية، كما أن مشكلة الضعف الجنسي عند الأزواج وتحديداً في هذا التحقيق عند الزوج، من الأمور التي لا يرغب الأزواج الخوض فيها، لا مع الزوجات وحتى مع الطبيب في كثير من الأحيان·
غير أن البوح بالمشكلة قد يكون من الأهمية بمكان، خاصة إذا أراد الزوج التخلص منها، ليعود رجلاً عادياً يتمتع بإحدى مقومات الإنسان الطبيعي، ويمارس حياته الجنسية كما يجب· لا يوجد داع للتخفي كالنعامة مع وجود العلاج والحل· فليس من العدل ان يعاني الزوج بصمت من الضعف الجنسي، كما أنه ليس من العدل أن تعاني الزوجة هي الأخرى مما يعاني منه الزوج بسبب كبريائه -السلبي- وعدم اعترافه وجهره بمرضه والعلاج منه حتى ولو كان المرض جنسياً!
في هذا التحقيق لسنا بصدد الحديث عن مشكلة الضعف الجنسي عند الزوج كحالة مرضية طبية ووصف العلاج لها، بقدر ما نسلط الضوء والحديث على المشاعر المكبوتة والصراعات النفسية الداخلية التي تعاني منها وبدون ذنب الزوجة·
عدد كبير من الزوجات يعشن أغلب أعمارهن وزهرة عطائهن مع رجال مصابين بالضعف الجنسي، وبمرض آخر هو العناد والمكابرة والخوف من الإعتراف بالمرض امام الزوجة، معتبراً ان مرضه ضعف· عدم القدرة على الإعتراف تؤدي الى نتيجة واحدة، هي عدم الاستعداد للعلاج·
الزوجة التي تعيش هذه التجربة مع أقرب الناس لها،يوماً تلو يوم وسنة تلو سنة، صامتة، حافظة 'السر الأكبر'، خافية الحقيقة، ومتحملة سجن المشاعر والأحاسيس، كيف تشعر؟ الى من تلجأ؟ كيف تفك أسر السر العظيم؟ كيف نساعدها؟ وكيف تستطيع ان تحول السر الى مرض ، والخوف الى علاج؟ كيف ننتشلها من حالة العذاب النفسي والصراخ الداخلي الجارح ؟
واقع مكبوت
تقول وردة: كنت بالفعل وردة في بداية زواجي مليئة بالحب والحياة والتواصل مع زوجي بشكل منتظم· حتى أني قررت أن أؤخر الإنجاب كي أبدو أمامه كما يريد ويشتهي، إلا أنه تغير ولم يعد يهتم بي كثيراً، فلا يلاطفني ولا يداعبني، وعندما أحاول أن أبدأ بذلك··· يصدني بجفاء وكأنه يكرهني، وعندما يأتيني لا يرحمني ويعذبني فلا يرتاح معي ولا يريحني· ولأني أحبه لم أجعل كرامتي تسيطر على قلبي، فحاولت الصبر ولكن مع كل ليلة يعذبني فيها يسمعني من الكلام أفظعه، ويشبعني من الإهانة ما لم أعد أطيق، فهربت إلى بيت أهلي· وها أنا اليوم وردة ذابلة·
وتضيف وردة: أنا متعلمة وأعرف أن لدى زوجي مشكلة جنسية، فقد أصبح ضيعفا، ولكني لا أجرؤ على قول هذا أمامه، حفاظاً على شعوره· وكم حاولت التمثيل أني السبب في ذلك حتى يثق بنفسه قليلاً ولكن دون جدوى· ولا أفهم لماذا ينظر للمسألة بكبرياء؟، لماذا لا يعترف لي ويصارحني وسوف أقف الى جانبه وأساعده وأصبر·
وتؤكد وردة التي بادرت هي بالإتصال بنا وطلبت فتح هذا الموضوع للتحقيق الصحفي، أن هناك كثيرات غيرها من الزوجات، يعانين بصمت من هذه الأمور، التي تضعفهن وتجعلهن تعيسات نفسيا··· فطول فترة عدم المعاشرة وتعمد الأزواج عدم مصارحة الزوجة بضعفهم الجنسي، نجد أن الزوجة تشتكي من الأرق والصداع والعصبية والتوتر النفسي والصراخ على أطفالها وفقدان الشهية للطعام والإرهاق بلا سبب، لأنها تشعر بالتعاسة من هجر اوتعذيب زوجها لها ، فتصبح قلقة جداً وخائفة أن تكون له عشيقة سرية أو زوجة عرفية· وهناك عشرات الزوجات المحبطات· فما ذنب الزوجات المعذبات سراً والمحرومات من متعة الإشباع الجنسي، العائشات كالأرامل أو المطلقات نفسيا بسبب هجر أزواجهن لهن؟ ألا يدرك الزوج مدى حاجة زوجته له عاطفيا وجنسيا وحتى معنوياً؟ لماذا يتهمها هي···' أنت السبب'، ويعلق مشكلته على شماعتها متهما إياها بالبرود الجنسي والعاطفي؟ 'انت مهملة في نفسك ومظهرك، لا تشجعيني ولا تغريني وتثيريني، مشغولة ذهنيا وفكريا عني'·
أو بدل الإتهامات يأتي اليها في كثير من الأيام متأخرا ليجدها نائمة بعد طول شوق وانتظار وألم أو يتعمد العودة غاضباً من عمله حتى يثور عليها من دون مبرر· فلا يبيت معها· وقد وصل كثير من الأزواج الى حد اتهام الزوجة بالخيانة· فهناك أزواج وتحت الضغط النفسي الذي يعيشونه بسبب مشكلة الضعف الجنسي، تصور لهم نفوسهم أن زوجاتهم تخونهم، وأنهن يفرغن العاطفة مع غيرهم، فلا يتبقى لهم شيء من هذه العاطفة· وهنا تظهر أمراض الغيرة والشك القاتل··· فماذا تفعل تلك الزوجات وإلى متى ينزفن صراخاً داخلياً لا يوصل الصوت الى المكان الصح؟ وكيف يكسر حاجز الصمت مع الأزواج؟
أهمية الجنس
يقول الدكتور موسى شلال، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الإمارات: يوجد الكثير من العوامل المتداخلة التي تنصب في هذا الموضوع أهمها العوامل الاجتماعية، والأسرة أهم المؤسسات الاجتماعية، وترجع أهميتها لوظائفها العديدة ومنها وظيفة الإنجاب، وهذا يجعل من الجنس من أهم مقومات الأسرة، والوسيلة الوحيدة التي اختارها الله سبحانه وتعالى للإبقاء على الإنسانية·
كما يؤدي الجنس وظائف أخرى كثيرة ومتعددة داخل الأسرة وخارجها· فالجنس هو المادة اللاصقة التي تربط الزوجين روحياً وعاطفياً، وهو الذي يخلق الجو الأسري المشبع بمشاعر الحب والألفة والمودة والرحمة· وللجنس أيضاً فوائده الشخصية الأخرى التي لا تحصى، أهم ذلك المتعة الشخصية التي ينالها كل من الزوج والزوجة، فالعلاقة الجنسية بين الزوجين أكثر متعة وأماناً من دونها من العلاقات خارج الأسرة، لذلك إذا تعطلت هذه الوظيفة داخل الأسرة بسبب الضعف الجنسي الذي يصيب الأزواج، فإنه قد يؤدي إلى خلل كبير داخل الأسرة، وربما تفقد فيه الأسرة توازنها وترابطها واستمراريتها، إلا إذا تم تدارك المسألة بوعي وروية من الطرفين·
فالضعف الجنسي يصيب الرجل في أخص خصوصيات رجولته فينتقص منها ويجرح كبرياؤه· كما يصيب الزوجة أيضاً في عواطفها واحترمها لزوجها فتفتر العلاقة وقد تموت المشاعر إذا طالت الفترة، وهذا بدوره ينعكس على الأطفال بشكل مباشر وسلبي· وبما أن هذا المرض ليس من الأمراض التي يمكن أن تخفى عن الطرف الآخر في الحياة الزوجية فإنه لا يمكن السكوت عليه لفترة طويلة·
علاج اجتماعي
ويضيف د· شلال: بالرغم من خطورة المسألة إلا أن علاجها الاجتماعي قد يكون سهلاً وفي متناول الجميع، وتعتمد المسألة وبشكل مباشر على تفهم كل من الطرفين للمرض ومواجهته والسعي الحثيث للحصول على مساعدة طبية ونفسية أيضاً·
وقد يكون تفهم الزوجة هنا ذا أهمية كبيرة، فالجرح قد يكون عميقاً عند الزوج، فلا بد من العناية به بصورة متأنية وبتفهم وإدراك كبيرين دون حدوث أضرار تذكر، وعلى الزوج مواجهة المسألة بوعي ومسؤولية وأن يشارك زوجته كل همومه في ذلك، ولا يخفي عنها شيئا وعلى الزوجة مواكبة مشاعر زوجها الجريح والحرص على تقديم ما يمكن أن يساهم في الشفاء واستمرارية الأسرة، مع مراعاة البحث عن السبل البديلة التي تمكن الزوجين من الاستمتاع برفقة كل منهما للآخر، حتى تستطيع الأسرة أن تبقي على تماسكها· فالضعف الجنسي داخل الأسرة لا يعني تعطيلها من وظائفها الاجتماعية الهامة الأخرى وعلى رأسها تنشئة الأطفال في جو مفعم بالحب والصراحة والتفاهم والتعاون· وقد يشاركني الكثيرون في أن مثل هذه الأمراض ما هي إلا ابتلاءات نبتلي بها في هذه الدنيا، فالسعيد الذي يصبر على مثل هذه البلاءات، والشقي من يحاول أن يعكر صفو حياته وحياة من يحب من حوله من غير وعي منه حيث تكون الخسارة كبيرة ولا تقدر بثمن· فالصبر في مثل هذه الحالات التي يعجز الطب عن علاجها هو قمة الإيمان، والسعيد من يحظى بالصبر لأنه وببساطة 'إن الله مع الصابرين'·
مشكلة حقيقية
الدكتور ممدوح مختار أخصائي في علم النفس الطبي، وخبير وأخصائي العلاج النفسي والسلوكي، يقول: إن من المفارقات، إن لم يكن من المتناقضات الجديرة بالتأمل والبحث الجاد، هي أنه بينما لا يوجد أي شك في أن الدافع للسلوك الجنسي هو دافع أساسي وهام وضروري في حياة الإنسان، وبأنه لا يمكن أن نتواجد أو نستمر في البقاء بدونه، ولكننا نستطيع العيش بدون ممارسته؟· يدعونا ذلك أن نحيط الموضوع بالأهمية وإثارة النقاش حول مختلف جوانبه، خاصة فيما تعانيه الزوجة من كبت المشاعر في نفسها بسبب ضعف زوجها جنسيا·
فالزوجة، يقول د· مختار: تعيش صراعات نفسية، وتعاني القلق على ما هو آت، وتصوراتها المستقبلية حول هذه العلاقة· كما أنها تعاني كذلك من الإحباط والإكتئاب على أدائها وشعورها الجنسي في اللحظة الراهنة، وتعتقد أن الماضي والحاضر مؤشران إلى دوام الحالة وإمكانيات المستقبل قد لا تفرج عن بصيص أمل، (هذا على حد اعتقادها)، ومن ثم فهي تقع بين مطرقة الواقع الأليم المحروم والغير ملبي···وسندان المستقبل المجهول بأن هناك إمكانية شفاء، أو تحسن· لذلك يجب أن تنصح الزوجة زوجها بالعلاج، بل وإرغامه على العلاج، لأن المشكلة لها حل وبسيط جداً، شريطة أن يقدم هذا العلاج بسرعة، وحتى لا تبقى وراء الجدران أسر تتمزق ويصعب بعد ذلك علاجها، الأمر الذي قد يتطور اما إلى الانحراف الجنسي أو الطلاق العاطفي، أو الطلاق الحقيقي ونحن في غنى عن هذا المثلث- الشبح، والذي بإمكانه أن يؤدي إلى كوارث مجتمعية·
ويضيف الدكتور مختار: تظهر على الزوجة المحبطة في هذا الجانب عدد من السلوكيات الإرادية وغير الإرادية، يستدل من خلالها أنها تعاني نفسيا من هذه المشكلة، حيث تكثر الذهاب الى منزل أهلها، وتكثر من استقبال الضيوف في منزلها، وتكثر من ضرب الأولاد وتكثر من مشترياتها، وتكثر الجدال والنقاش مع زوجها، وقد يصل الأمر إلى حد السيطرة السيكولوجية على مقدرات الأسرة والأولاد وربما يطال ذلك الزوج·
وفي الغالب تكون ردات فعل الزوج على هذا الحال على النحو التالي: الإنكار للواقع، التعالي والتسامي، الشجار الدائم، التعويض في أمور أخرى، مصارحة الأصدقاء من الرجال للتخفيف النفسي، أو اختبار قدراته الجنسية خارج محيط الزواج، وأخيرا طلب العلاج، الذي من المفترض أن يكون هو الحل الأول·
20 بالمئة من المراجعين في المراكز الطبية في الدولة لديهم ضعف جنسي
د·طارق أمين: فرق كبير بين الضعف والعجز
تشير إحصائيات كثير من المراكز الطبية الخاصة بأمراض الذكورة والجهاز التناسلي والعقم وغيرها في الدولة، بأن من أصل 100 حالة تراجع هذه الأقسام هناك 20 حالة تشكي من مشكلة الضعف الجنسي· وعن ذلك قال الدكتور طارق أمين أخصائي أمراض الذكورة والعقم والتناسلية بمركز علاج الطبي: من الناحية الطبية، الضعف الجنسي يختلف كلياً عن العجز الجنسي· فهو عدم القدرة على إستمرارية الانتصاب الكافي لإكمال العملية الجنسية، ويمكن علاجه حسب نوع وسبب المشكلة· فيبدأ العلاج بالتشخيص الجيد لمعرفة السبب النفسي أو العضوي·
وعادة تشكل الأسباب النفسية حوالي 50% من الحالات المؤدية للضعف، ويشترك فيها الزوجان، ويتم علاجها بجلسات مشتركة معهما· أما الأسباب العضوية فأهمها السكري والضغط وتصلب الشرايين والخلل الهرموني وبعض الأمراض المزمنة، ويتم التشخيص بعمل اختبارات معملية مختلفة ومختصة· وتشير الإحصائيات إلى أن مشكلة الضعف الجنسي تسير يداً بيد مع تقدم العمر، كما تكثر مع المشاكل النفسية عند الزوج· لذا يجب على الزوج أن يتفهم شعور زوجته، ويسارع بطلب المعونة على يد المختصين ولا يلجأ إلى أساليب أخرى لن تجديه نفعا·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©