الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ظلمة الليل

18 مايو 2014 00:26
الخوف من ظلمة الليل، لم يكن يُـثنينا عن المغامرة ، بل ونحن صغار، كنا نتحدى تلك الظلمات بمغامراتنا الجريئة، والتي لا نحسب لعواقبها أي حساب. فقد كنا نتسابق في أنشطة اللعب بالألعاب الشعبية البسيطة، نلعب بتلك الألعاب وسط الأزقة الضيقة في الحارات القديمة، حيناً، وبين بساتين النخيل، أو في بطون ومنخفضات الأودية أحياناً أخرى. نعم، في مغامراتنا تلك، كم تفاعلنا بألعابنا وشقاواتنا، نمسك بالعصي، ونتراشق بالحصى، في سباقٍ وعراكٍ مع ظلمات الليل الحالكة، سواءً كان في ليالي الشتاء القارس، أو في ليالي الصيف الدافئة. كنا نشعر بدفء مشاعرنا، قبل الشعور بدفء تلك الليالي، خاصة المقمرة، والتي كانت تُضيف لنا روعة الإحساس بمتعة المغامرة. في تلك الليالي الهادئة، لا تسمع فيها سوى أصوات الحشرات الليلية، وبعض أصوات الحيوانات، كنباح الكلاب والضباع الضالة، والتي كانت تختبئ بين الأحراش من الأشجار الكثيفة نهاراً. وتقوم بنشاطها الليلي في مزارعنا لتهاجم وتصطاد الدواجن والأغنام الموجودة في تلك المزارع. وكان هذا يمثل خسارة كبيرة لمربي تلك الأغنام والدواجن، والتي كان يعتمد عليها الأهالي في مصدر دخلهم، وقوتهم اليومي. وبرغم ما كان يُحكى لنا، ونحن صغار، من سوالف خطر تلك الحيوانات، وسوالف شعوذة السحرة، لم تُخيفنا تلك الحكايات المتوارثة جهلاً، ففي ذلك الزمن البريء، المفعم بالصفاء، صفاء القلوب، ونقاء النفوس بين كافة أفراد المجتمع. في ذلك الزمن المفعم بروح التسامح بين كافة أفراد المجتمع، فالصغير قبل الكبير، كان يعرف كيف يتعامل مع محيطه وبيئته التي يعيش فيها. لذلك، لم يكن هناك ما يكدر صفو العلاقات الاجتماعية، بين أفراد المجتمع. كم أحنُ إلى ذلك الزمن!! وأنا اليوم قابع في متاهات الغربة، أفتقد الصحبة، صحبة أصدقاء الطفولة والصبا. أشعر بالغربة، فكل فرد منا، تسكن بداخله غربة خاصة، فغربة المكان والزمان، لهما من المؤثرات المؤلمة في حياة الفرد، ولكن غربة النفس، هي من أشد أنواع اللحظات التي يعاني منها الإنسان. وفي ظل غياب الشعور بالوفاء للصحبة.. ما أشد آلام التجاهل من المقربين إليك، سواء كان من الأهل أو الأصدقاء. همسة قصيرة : غربة النفس أصعب من غربة المكان. صالح بن سالم اليعرب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©