الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بينالي الشارقة 13 مقاربة حيوية لصدمة التغيرات

بينالي الشارقة 13 مقاربة حيوية لصدمة التغيرات
26 يوليو 2017 20:34
يمكن القول إن الدورة الثالثة عشرة من بينالي الشارقة، التي اختتمت في 12 يونيو الماضي، تذكرنا، بطريقة أو بأخرى، بالدورة الثامنة للبينالي في 2007 التي حملت شعار (طبيعة صامتة: الفن والبيئة وسياسيات التغيير)، فقد سعت تلك الدورة من البينالي إلى إبراز المخاطر والمهددات التي تحيق بالبيئة نتيجة للتطورات والامتدادات العمرانية والطموحات الاقتصادية لعصرنا، وهو ما ظهر أيضاً في التعبيرات المفهومية التي تضمنها البيان التعريفي للدورة الـ 13، كما تجلى في الدلالات والرسائل التي عكستها العديد من الأعمال المعروضة. كما أن شعار «تماوج» الذي اختارته القيمة «كريستين طعمة» (لبنان مواليد 1964) لهذه الدورة، يتمحور حول أربع ثيمات هي: «الماء والأرض والمحاصيل والطهو»، وهذه المفردات تبدو كصيغة تفكيك لشعار الدورة الثامنة، المستلهم من تعبير اصطلاحي شائع في المجال الفني: «طبيعة صامتة..، إلخ». يمكن، بالطبع، افتراض أن تحولات عدة حصلت خلال السنوات العشر الفاصلة بين دورتي البينالي، كما أن الموضوعات والقضايا تبقى قابلة دائماً للمقاربات الفنية طال الزمن أم قصر، زد على ذلك أن هذا الشبه بين الدورتين على صعيد الرؤية أو المفهوم قد لا يكون دقيقاً، كل الدقة، عند التمعن في اختيارات وبرامج وعروض البينالي في الدورتين! كيف تتداخل دورة بينالي الشارقة الحالية مع دوراته السابقة، وما حجم حضور الأعمال الفنية هذه السنة بمقابل الحضور الكثيف للمادة الثقافية (في شكل محاضرات وورش عمل)، وهل أثرت استمرارية البينالي في شيوعه جماهيرياً؟ هذه الأسئلة وسواها طرحها «الاتحاد الثقافي» على قيمة الدورة الحالية للبينالي اللبنانية كريستين طعمة، وجاءت إجاباتها كما يلي: * كسب بينالي الشارقة مكانة بارزة في المشهد الفني الدولي بعد إنجازه أكثر من عشر دورات، كيف تتداخل هذه الدورة مع ما أُنجز سابقاً؟ ** امتاز بينالي الشارقة بتاريخه الرائد في دعم الإنتاج والتعبير الفني في المنطقة. وقد أحرز مع دورته الثالثة عشرة منظومة مؤسساتية متماسكة ورؤية فنّية متبلورة ومكانة فنّية بارزة، ولا يتأتّى كل ذلك إلا بتراكم معرفيّ واهتمام حقيقي بقيمة الفن ومكانته وما يمكن أن يصير إليه. لقد اخترت لهذه الدورة العنوان «تماوج»، في تعبير عن نهج للرعاية و«التثقيف» (على معنى الزرع والحرث والحصد والتشذيب)، وصيغة عمل تتوسّل التشبيك والتهجين وإدخال مكوّنات جديدة تخلّ بالتوازن الأصلي، في مداخلات ومساهمات لا تخلو من حسّ  مغامر ونزعة للتجريب. منظومة متواشجة * مكتبة إلكترونية وبرنامج تعليمي - تثقيفي ومنصّة للنشر الإلكتروني وبرنامج للعروض والندوات والأفلام.. هذه هي محاور الرؤية العامة للبينالي هذه السنة.. هل يمكن القول إن تركيزكم وُجه للجوانب المعرفية والثقافية أكثر من العروض الفنية، وإلى أي مدى في رأيك تناغمت وانسجمت الأعمال الفنية سواء المختارة أو تلك التي تم تكليف البعض بإنجازها، مع الرؤية المضمنة في رؤية البينالي 13؟ ** حقيقة لا أجد ضرورة لرسم حدّ فاصل ما بين الإنتاج المعرفي والثقافي من جهة، والعمل الفني من جهة أخرى. حينما تصّورنا تلك المنابر كنا نسعى لوضع منظومة متواشجة، يفضي بعضها إلى البعض كقنوات الريّ. فالمكتبة الإلكترونية «شبشب» كانت ضرورة عملّية لإنجاز مرحلة بحثية جرت في المدن الخمس على يد عدد كبير من الباحثات والباحثين، لزم لهم التواصل وتبادل المواد البحثّية. أما منصّة النشر الإلكتروني tamawuj.org فهي محلّ للكتابة والترجمة والنشر حول ثيمات البينالي، تتيح مجالاً مغايراً للتعبير عن تساؤلات وقضايا تشغلنا، قد لا تجد لها موضعاً في فضاءات العرض وبرنامج العروض الأدائية. أما الأعمال المشاركة، فنترك للجمهور تأويلها واختبارها على نحو مباشر من دون وساطة. تفاعل حيوي * زادت على نحو ملحوظ متاحف ومؤسسات ومناسبات الفن، الرسمية والخاصة، في العديد من العواصم العربية وثمة أموال تنفق بسخاء، وبعضهم يتكلم اليوم عن سوق فنية عربية منتعشة.. كيف يتداخل أو يتقاطع هذا مع منظور بينالي الشارقة 13؟ ** حينما وجهت لي مؤسسة الشارقة للفنون الدعوة للإشراف على تنظيم بينالي هذا العام، لم يكن من الممكن تجاهل تحوّلات مجتمعية وأخرى سياسية عصفت بأوضاعنا، إلى جانب طول المسافات التي فرّقت بيننا، فجاءت مقاربتي لهذه الدورة من بينالي الشارقة أقرب إلى التفاعل الحيوي مع صدمة التغيرات. ثمة ازدياد ملحوظ في عدد المتاحف الفنّية ومجموعات المقتنيات الخاصة في المنطقة، والكثير منها لا تزال مشروعات قيد التحضير. وهو ازدياد لا يتناسب مع ما تتعرض له المؤسسات الفنّية صغيرة الحجم، لا سيما الأهلية منها وغير الربحية، من ضغوط اقتصاديّة وسياسية تهدّد استمرارها. ففي ظل غياب الدعم الرسميّ لتلك المؤسسات، تظل تربة الإنتاج والتعبير الفنّي هشّة لا تتحمّل وطأة المؤسسات الكبرى. وهكذا فإن هذه الدورة من البينالي هي بمثابة طرح أو مُقترح لنهج عمليّ، يتيح للمؤسسات الفنّية في المنطقة الوجود والاستمرار في وظيفتها الحيوية أمام التغيّرات التي نشهدها. * يربط البينالي بين الشارقة وإسطنبول وبيروت وداكار ورام الله، ما الفلسفة وراء هذا الامتداد المكاني؟ ** ليست الشارقة أو داكار أو إسطنبول أو رام الله أو بيروت مجازاتٍ مُرسلةٍ عن ظرف جيوسياسي ما، وإنما هي الأمكنة التي اخترنا أن نعمل فيها، أو وجدنا فيها أنفسنا، أو بمقدورنا أن نستمر في الفعل وفي التفكير وفي الإحساس عبر معايشتها. ولقد جاء التعاون مع كل من زينب أوز ولارا خالدي وقادر عطيّة وزملائي في «أشكال ألوان» في عقد هذه الدورة من بينالي الشارقة، ببساطة، قناة جديدة تسري فيها نقاشاتٌ كنا قد شرعنا فيها بالفعل، وسبيلاً للعمل المشترك، يؤمّن تربة تسمح بالنمو والانفتاح على آفاق جديدة. هكذا، وبفضل ذلك النهج، تعدّدت أوجه بينالي الشارقة الثالث عشر، فانطوى على مشروعات موازية، والكثير من منصّات الإنتاج والبث. لقد جاءت مقاربتي لهذه الدورة من بينالي الشارقة متحرّرة من شرطيّ الزمان والمكان، أو هي سلسلة من عمليات التنشيط والإحياء، بالإضافة إلى مقاربة الصيغ الممكنة التي تسائل ماهية البينالي، وما يمكن أن يصير إليه. علاقة عضوية * رغم ما يقدم من جهود هنا وهناك، ومن قبل مؤسسات رسمية ومستقلة، إلا أن برامج وعروض الفنون ظلت تواجه مشكلة أساسية في علاقتها بالجمهور، خصوصاً في المجتمعات العربية.. في ضوء تجربتكم الحالية مع مؤسسة الشارقة للفنون، هل لديكم أية ملاحظات في هذا الجانب؟ ** لقد لمست منذ سنوات العلاقة العضوية التي تربط مجتمع الشارقة بالفنون. لقد عهد البينالي منذ سنوات على عرض مداخلات فنيّة مثيرة في الساحات العامة والحدائق وغيرها، بحيث تتفاعل مع الجمهور خارج جدران قاعات العرض. وهكذا فإن تركيبة الشارقة المجتمعية، إلى جانب سياسة مؤسسة الشارقة للفنون، تعدّ فرصة ممتازة لأي فنان راغب في الاشتباك مع الفضاء العام أو التداخل مع الجمهور في سياق مغاير. كذلك فإن جهود مؤسسة الشارقة في نشر محتوى فنّي عربّي معاصر، وكذلك منهجها في التواصل مع الأطفال والشباب، هي جهود رائدة تصبّ في خلق جمهور جديد منفتح على العمل الفنّي والتعبير. * كيف تنظرين إلى حجم المشاركة الإماراتية على مستوى العروض والبرامج وسواها من محاور البينالي 13؟ ** إلى جانب الجهود البحثيّة التي أجريت حول الثيمات الأربع (الماء والأرض والمحاصيل والطهو) في الشارقة علي يد عدد من الباحثات والباحثين، فقد اهتممت منذ أن شرعت في إقامة هذا البينالي بالتفتيش عن ممارسات فنيّة متميزة في الإمارات، وأسعدني الحظ بالعمل مع فنانين معروفين شأن عبد الله السعدي، وكذلك مع أسماء جديدة شأن هند مزينة. لقد سعدنا كثيراً بمشاركة موسيقيين شباب من تسجيلات بيدوين، في حفل ختام لقاء مارس. وطأة المؤسسات الكبرى ثمة ازدياد ملحوظ في عدد المتاحف الفنّية ومجموعات المقتنيات الخاصة في المنطقة، والكثير منها لا يزال مشروعات قيد التحضير، وهو ازدياد لا يتناسب مع ما تتعرض له المؤسسات الفنّية صغيرة الحجم، ولا سيما الأهلية منها وغير الربحية، من ضغوط اقتصاديّة تهدّد استمرارها. ففي ظل غياب الدعم الرسميّ لتلك المؤسسات، تظل تربة الإنتاج والتعبير الفنّي هشّة لا تتحمّل وطأة المؤسسات الكبرى. من هي القيّمة؟ كريستين طعمة القيمة على بينالي الشارقة 2013، هي  المدير المؤسس لـ (أشكال ألوان)، وهي الجمعية اللبنانية للفنون التشكيلية التي تأسست في العام 1993، وعكفت على دعم الفن المعاصر من خلال مبادرات عديدة، من ضمنها: منتدى «أشغال داخلية» للممارسات الثقافية في المنطقة الذي أسسته طعمة عام (2001). بالإضافة إلى مبادرات أخرى مثل: برنامج «أشغال الفيديو»، ومنح إنتاجية، ومنصة لعرض الأفلام، إنتاج ونشر أعمال الفنانين وصناع الأفلام المقيمين في لبنان، التي أنتجت العام 2006، كما أطلقت في عام 2011 برنامج «فضاء أشغال داخلية»، الرامي إلى تسهيل التعليم والإنتاج والبحوث في المجال الفنيّ. حصلت كريستين طعمة على جائزة «الأمير كلاوس» العام 2006، تقديراً لدورها في دعم إنتاج الفن المحلي، وعلى جائزة «بارد أودري إرماس» للتميز في التقييم الفني العام 2015. تعمل طعمة كعضو في مجلس إدارة مرسى (بيروت)، وهو مركز للصحة الجنسية، يقدم خدمات طبية متخصصة للشباب المعرض للخطر والمجتمعات المهمشة، و«صحة» في إسطنبول، وهي جمعية تدعم الفن المعاصر في تركيا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©