يحتكم كتاب “دفتر العابر” للشاعر المغربي ياسين عدنان إلى استراتيجية خاصة في الكتابة، قائمة على تدبير ثروة القول الشعري وفق خارطة نسقيّة، محكمة المداخل والمخارج.
تومئ العتبات السديمية للدفتر بملمح أوليّ للنص، الذي يبدو تخييلاً ذاتيا لحياة متنقّلة ومتحوّلة وغير ثابتة، في أكثر من مكان. تخييل شعري يوثّق مجازيا لسفر متعدّد بين المدن والقرى، مغرباً ومشرقاً، شمالاً وجنوباً، في شتّى أصقاع العالم. فالسفر هنا مقامات، منطلقها قدر الترحال الذي ورثه الشاعر في صورة غجريّة عن جنوب السلالة: “أنا شاعر من الضفة الجنوبية لبحر الزقاق” ص193.
ثم يردفه ولعُ التيه صنو ولع المفازات عند صعاليك الشعر العربي والهَيَمان على غير هدى في جيوب المدن الرّملية بين تخوم ورزازات التي قضى بها الشاعر عقدا كاملا وأمومة مراكش، ولعٌ يتفاقم امتدادا ويستفحل انعطافا مع بزوغ أو اندلاع شهوة السفر الكبير، السفر الخرائطي، كأفق إنساني، كوني، لا نهائي قبل أن يكون أفقا شعريا لتحقق مغامرة القصيدة.
![]() |
|
![]() |
فالدليل السري إلى متاهة المدينة المسافَرِ إليها كامنٌ في بريق الكأس، وكشفُ لغزيّة المكان لا يستقيم إلا بشموس الحسناوات.
![]() |
|
![]() |