السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إخفاقات أميركية في منع التدخلات الروسية

17 مايو 2014 22:46
مارك تشامبيون محلل سياسي أميركي ركز جزء كبير من السجال الأميركي بشأن أوكرانيا حول ما إذا كان أوباما قوياً بما فيه الكفاية. وفي الواقع، فإن هذا السجال غير كاشف وغير مجدٍ فيما يتعلق بحل هذه القضية الخطيرة التي تدور حول كيفية التعامل مع روسيا التي أصبحت مؤخرا ذات نزعة قومية توسعية. كما أن هذا التعليق غير كاشف، لأن أي زعيم أميركي سيبذل جهداً كبيراً لاحتواء التصرفات الروسية في المساحة التي تقع ضمن الإمبراطورية الروسية السابقة وخارج منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي الماضي، فشل الرئيس جورج دبليو بوش في منع الغزو الروسي وتقطيع أوصال جورجيا في عام 2008. والتاريخ مليء بالإخفاقات الأخرى لمحاولة تغيير السلوك الروسي والسوفييتي. من ناحية أخرى، فإن هذا النقاش غير مفيد لأنه يصرف النظر عن مناقشة العقوبات التي يجب فرضها، وما هي الأهداف المرجوة منها. وهو أيضاً يتجاهل مدى إمكانية قيام الولايات المتحدة، قبل الاتحاد الأوروبي، بتسليح أوكرانيا وفرض عقوبات على روسيا، قبل أن تصبح الولايات المتحدة هي القضية والسبب في تقسيم أوروبا. وهذا هو الهدف الذي يسعى إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما كان من قبل هدفاً للزعماء السوفييت في الماضي. وقد ذكر المحلل الأمني البريطاني «إيان كيرنز» مؤخراً في مدينة «ريجا»، عاصمة لاتفيا، أن بوتين له حرية التصرف كما يشاء لأنه يعتقد أن الغرب غير قادر على الرد بصورة فعالة على ما يفعله، تماما كما كان الحال في عام 2008. والأمر المؤسف أن «كيرنز» أشار إلى أننا «نؤكد في هذه اللحظة أن بوتين يفهم الغرب أكثر مما يفهم الغرب نفسه». أعتقد أن السياسة الخارجية للرئيس أوباما كانت منعزلة وكارهة للمخاطر أكثر مما ينبغي. فرفضه تقديم السلاح والتدريب للمتمردين في الأيام الأولى من الصراع السوري بناء على نصيحة خبراء الأمن بإدارته هو خير مثال على ذلك. ورغم ذلك، فالقضية في أوكرانيا تتعلق في المقام الأول بتباطؤ الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات اقتصادية وليس ضعف البيت الأبيض. من ناحية أخرى، فإن مسألة فرض العقوبات ليست هينة، حيث إن فرض عقوبات لن يؤدي إلى رجوع شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا. كما أنه لن يساعد كذلك على إقناع الرئيس بوتين بالتخلي عن هدفه الذي يتمثل في ضمان أن تظل أوكرانيا في نطاق نفوذ روسيا: فهو لا يستطيع الفوز بالقرم وفقدان أوكرانيا. وفي أحسن الأحوال، يمكن التودد لبوتين لكي يبرم صفقة يمتنع بموجبها عن إثارة حرب أهلية في أوكرانيا، أو تقسيم الدولة إلى قسمين، أو خنق اقتصادها أو زعزعة استقرارها على المدى الطويل. وحتى مع عدم وجود أي ضمانات على أن فرض عقوبات أكثر صرامة سيساعد على إنقاذ أوكرانيا، إلا أن هناك حاجة لمثل هذه العقوبات لوضع حدود لتصرفات روسيا في المستقبل. ويجب أن يتأكد بوتين من خطأ افتراضاته فيما يتعلق بانقسام وضعف الغرب. وعلى الجانب الآخر، فإن دعوته الأخيرة للانفصاليين في شرق أوكرانيا بتأجيل الاستفتاء على الاستقلال توفر قدراً ضئيلا من الراحة هناك. فهو لا يزال متقدما على الغرب ببضع خطوات من حيث تأمين أهدافه من دون إثارة الغرب لفرض المزيد من العقوبات الخطيرة. ومن أكثر الحالات التاريخية الشيقة، والمماثلة للوضع في أوكرانيا هي الغزو السوفييتي لأفغانستان عام 1979. فبعد سنوات من التدخل في شؤون هذه الدولة المجاورة لدرء ظهور قادة أكثر استعدادا لإجراء محادثات مع الولايات المتحدة، تحرك الاتحاد السوفييتي بعد إبعاد (وإعدام) رئيس الوزراء «نور تراقي»، الذي كان صديقاً لهم. وعليه، فإن أوجه التشابه مع سقوط الرئيس الأوكراني «فيكتور يانوكوفيتش» واضحة. واحتجاجاً على غزو أفغانستان، قامت الولايات المتحدة وبعض الحلفاء بمقاطعة دورة الألعاب الأوليمبية التي استضافتها موسكو عام 1980، كما أقدمت الولايات المتحدة على فرض عقوبات اقتصادية على الاتحاد السوفييتي، والتي لم يتم تفعيلها بسبب رفض أوروبا الانضمام. وفي خضم الأحداث التي تخللت عام 1979، وكما هو الحال الآن، بدت الولايات المتحدة عاجزة عن وقف التدخل السوفييتي وغير قادرة على حشد تأييد حلفائها لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة قامت بتسليح المجاهدين من المقاتلين المسلمين الذين حاربوا الغزاة في أفغانستان، وبعد مرور عقد من الزمان انسحبت القوات السوفييتية. وعلينا الانتظار حتى نرى ماذا سيحدث في أوكرانيا بعد عشر سنوات. وفي سياق متصل، يصر الأميركيون، وحلف شمال الأطلسي على تأكيد وجود دعم روسي عسكري وبشري للمعارضين، بينما تنكر موسكو ذلك تماماً. وقد انتظر العالم حزمة جديدة من العقوبات الغربية ضد روسيا، على خلفية ضمها للقرم، وموقف موسكو من الأزمة الأوكرانية، وتوقع البعض أن تكون أقسى من العقوبات السابقة التي لم تجدِ، ولم تغير شيئاً من الموقف الروسي. لكن العقوبات الجديدة التي أعلنها البيت الأبيض أواخر الشهر الماضي جاءت مثل سابقتها، بل ربما أقل فاعلية في رأي البعض، لتعكس خوف وتردد الجهات الغربية، من تصعيد الصدام مع روسيا بالدرجة التي قد تعود بأضرار كبيرة على الغرب، وخاصة على الأوروبيين. فقد أعلن البيت الأبيض فرض عقوبات على 17 شركة، و7 شخصيات روسية، والشخصيات السبع ليست من مواقع مؤثرة في دائرة صنع القرار في روسيا. وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها لا ترى حالياً ما يبرر الانتقال إلى «المرحلة الثانية»، من العقوبات الأوروبية ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية. وقد صدم هذا الموقف الأميركيين كثيراً، وباتت الشكوك تنتاب واشنطن حول احتمال أن ينسحب الأوروبيون من الأزمة الأوكرانية خشية أن تصيبهم أضرار كبيرة هم في غنى عنها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©