الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش أنشطة البنوك الإلكترونية في الصين

انتعاش أنشطة البنوك الإلكترونية في الصين
18 مايو 2014 19:59
ترجمة: حسونة الطيب قام أحد أفرع موقع علي بابا الإلكتروني العملاق في يونيو الماضي، بتقديم عرض لمئات الملايين من مستخدميه بدفع سعر فائدة أعلى من البنوك التقليدية في حالة إيداع أموالهم لديه. وتدافع الطامعون في الحصول على هذه الفوائد الكبيرة نحو الموقع، حيث بلغ عدد المسجلين لدى سوق مال الشركة المعروف باسم يووي باو في بداية فبراير الماضي نحو 81 مليون شخص. ويملك الصندوق الذي تم تأسيسه من قبل عليبي الفرع التابع لعلي بابا، نحو 40 مليار دولار في شكل أصول قيد إدارته، ما يجعله أكبر صندوق لسوق المال في البلاد. وتبنت بعض شركات التجارة الإلكترونية الأخرى في الصين ذلك النهج من خلال طرح أسعار فائدة أكثر. ونتج عن ذلك، هجمة على أسعار الفائدة التي تمثل واحدة من الآليات الهامة التي تستغلها الحكومة الصينية لإدارة اقتصاد البلاد. ويقول شانج شون، أستاذ الاقتصاد في معهد المالية التابع لجامعة جياو تونج شنجهاي :«هذه بداية مرحلة تحرير أسعار الفائدة، حيث يتطلع الناس للحصول على أسعار فائدة أعلى على ودائع الادخار، وهذه واحدة من الطرق للتحايل على القانون». ويصر مدير علي بابا جاك ما، على أن القانون المالي في الصين يعمل على خنق المستثمرين وصغار المستهلكين، ما حدا به الالتزام بإحداث تغيير في النظام المصرفي والخدمات المالية في البلاد. وأكبر الرابحين حتى الآن من هذا التحول، المدخرون الصينيون، الذين تصل نسبة الفائدة السنوية على ودائعهم النقدية نحو 7%، في وقت لا تزيد فيه النسبة التي تقدمها البنوك التقليدية عن 3,3%. ووعد المسؤولون في الصين ومنذ سنوات عديدة، بتحرير أسعار الفائدة، كجزء من خطة ترمي إلى إفساح المجال لقوى السوق للعب دور أكبر في الاقتصاد، حتى يتسنى لها النمو بطريقة أكثر استدامة واستقراراً. وربما بسبب المعارضة القوية من قبل البنوك ومؤسسات مالية أخرى، لم يتم فك القيود المفروضة على هذه الأسعار حتى الآن. شركات الإنترنت ووصف المحللون قرار الحكومة بالسماح لشركات الإنترنت بطرح سلسلة واسعة من الخدمات الاستثمارية والمالية، بمثابة الجهود التي تهدف إلى خلق بدائل للبنوك الحكومية، وبالتالي تخفيف القيود المفروضة على أسعار الفائدة. وفي حين يعتبر حجم المال المستخدم في هذا المجال بنحو 50 مليار دولار صغيراً، في اقتصاد يقدر قوامه بنحو 9 تريليونات دولار، فإن ظاهرة نمو النشاط المالي على صفحات الإنترنت، تعمل على تعضيد المنافسة في مجال الإيداعات وعلى تعريض البنوك الحكومية للمزيد من الضغوطات، لا سيما وأنها تعاني من شح في السيولة. كما برزت عمليات التمويل الإلكتروني في وقت تبذل فيه الحكومة جهوداً مقدرة لمكافحة صيرفة الظل. لكن لا يتفق كافة الناس مع هذا النشاط الذي وصفه البعض بمصاص دماء البنوك، محذرين المستثمرين من عدم الوعي بالمخاطر المترتبة على ذلك. وأعلن المنظمون الصينيون نهاية فبراير الماضي، عن أنهم بصدد إصدار قوانين جديدة تكفل تنظيم عمل القطاع. ومن جانبها، قللت الشركات الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية مثل علي بابا وبايدو وتنسينت، من المخاطر المتعلقة بمنتجاتهم الاستثمارية الجديدة. وزعموا أن نشاطهم لم يخرج عن إطار القانون وأنهم يقومون بوضع الأموال في عمليات استثمارية لا تتسم بمخاطر كبيرة. ويواجه التمويل الإلكتروني في الصين العديد من التحديات. وعلى الرغم من تطوير الإيداعات الإلكترونية لترقى لمستوى حسابات التوفير، إلا أنها لا تخلو من المخاطر. كما أن المبدأ ليس مضموناً، وفي حالة بدء العملاء في الخسارة، ربما تواجه هذه المؤسسات فيضا من سحب الأموال. ولم تبخل الحكومة على مدى العقد الماضي، بمد يد المساعدة للبنوك التابعة لها من خلال تحديد سقف للفائدة على ودائع التوفير ووضع حد لفوائد البنوك على القروض. وساعد الفرق الكبير بين العمليتين، البنوك على جني أرباح كبيرة، استعانت بها في عمليات إعادة الهيكلة التي أعقبت الخسائر الضخمة التي تعرضت لها نهاية تسعينيات القرن الماضي. معدل التضخم وعلى الجانب الآخر، بدأت قيمة الإيداعات النقدية للمدخرين في التدهور، وذلك منذ أن أصبح معدل التضخم أعلى من فائدة الودائع الحكومية المحددة بنسبة معينة. ويعتقد خبراء الاقتصاد، أن هذه السياسة تعمل بمثابة الضريبة على مدخرات المودعين. كما أرغمت بعض المستثمرين الأثرياء الصينيين، على وضع أموالهم في أصول مختلفة مثل، العقارات والذهب والفنون. وسعى العديد من المستثمرين خلال السنوات القليلة الماضية، للحصول على أرباح أكثر، عبر شراء ما يعرف باسم منتجات إدارة الثروات من خلال الشركات العاملة في نشاط الإيجار المالي والاتحاد الاحتكاري وحتى البنوك المحلية. وربما يتميز المنتج بمخاطر عالية، نظراً لاستخدام الأموال في تمويل قروض عالية الفائدة للمطورين ولشركات البنية التحتية الحكومية. أما الآن، فتحول المستثمرون ناحية المنتجات الاستثمارية الإلكترونية، حيث أظهرت أسعار الفائدة المرتفعة التي تقدمها منتجات مثل يووي باو، نقاط الضعف التي تعتري النظام المصرفي في الصين، حيث لا يمتلك المستثمرون نفس الخيارات الكثيرة لنظرائهم في الغرب، خاصة فيما يتعلق بأسعار الفائدة الثابتة. وتعمل معظم شركات الإنترنت الصينية الكبيرة في الوقت الحالي، على فك القيود من خلال تقديم فوائد مغرية تستهدف المدخرين العاديين. التسوق الإلكتروني وعلي بابا، هي من أولى الشركات التي تبنت استخدام النشاط الجديد. وهيمنت الشركة ولعدد من السنوات على التسوق الإلكتروني من خلال مواقعها الإلكترونية المشهورة مثل تاو باو وتيمال، حيث أنشأت فرعاً متخصصا في تقديم القروض للشركات الصغيرة. وفي العام الماضي اقتحم فرع الشركة عليبي لخدمات الدفع عبر الإنترنت، المجال المصرفي والمالي من خلال الشراكة مع مؤسسة تيانجهونج لإدارة الأصول المدعومة من قبل الحكومة. وتم تشجيع مستخدمي عليبي البالغ عددهم 800 مليون، على تحويل أي مبالغ مالية متبقية في حسابهم على الانترنت نتيجة عمليات التسوق الإلكتروني، إلى موقع يووي باو، الذي يدفع أسعار فائدة تتجاوز البنوك الحكومية التقليدية. ويرى المحللون أن جاذبية الموقع تكمن في بساطته، حيث يمكن لحامل حساب عليبي، إيداع يوان واحد فقط ومن ثم سحبه في أي وقت شاء، دون دفع أي رسوم تذكر. كما يتلقى العميل حركة حسابه اليومية عبر هاتفه الجوال. وفي رد على الذين يتساءلون عن كيفية حصول يووي باو على هذه الأسعار العالية، يؤكد مسؤولو الشركة على استثمارهم في العمليات بين البنوك، حيث تتبادل البنوك والمؤسسات المالية الأخرى القروض فيما بينها لفترات قصيرة. وحققت أسعار الفائدة بين البنوك ارتفاعاً كبيراً خلال العام الماضي، نظراً لحاجة البنوك الماسة خاصة الصغيرة منها، للسيولة النقدية. وفي أميركا، سارت باي بال على نهج مشابه لمنتجات السوق المالية على الإنترنت لعدد من السنوات قبل إغلاقها في 2011، حيث لم تجرؤ أي شركة كبيرة منذ ذلك الوقت على خوض التجربة مرة أخرى. ويقول بيل هاريز، أحد المدراء السابقين في باي بال:«تضيع شركات الإنترنت الأميركية فرصة كبيرة، حيث يعود السبب لعدم ممارستها لهذا النوع من النشاط التجاري، لعدم تجربتها له. وإذا أقدمت أي شركة إنترنت على تجربته، يمكنها بناء نظام دون الحاجة إلى البشر. وفي مقدور العديد من الشركات القيام بذلك مثل، أبل وأمازون وبيبال وغيرها». ويعتقد المحللون، أن ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك دليل على الضغوطات التي يواجهها النظام المصرفي، ما يعني إمكانية تأخير البنوك والمؤسسات المالية عن سداد ما عليها من ديون وبالتالي الوقوع في الخسائر، أو في أحسن الأحوال ربما تتراجع أسعار الفائدة بين البنوك، ما يعني انخفاض هذه الأسعار والعائدات بالنسبة للمستهلك. لكن تتميز عمليات التمويل الإلكتروني في الوقت الراهن بأرباح عالية. وبامتلاكها لنحو 40 مليار دولار في شكل أصول تحت إدارتها، من المتوقع أن تبلغ عائدات علي بابا وشركائها نحو 250 مليون دولار سنوياً، كرسوم على عمليات الإدارة والخدمات فقط. ويقول جونسون شنج، الخبير المصرفي في مؤسسة أيه تي كيرني العالمية للاستشارات :«من المتوقع استدامة التمويل الإلكتروني في الصين، حيث تستهدف شركات الإنترنت شريحة تغفل عنها البنوك التقليدية». نقلاً عن: «إنترناشونال نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©