الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قصاصات للموت

25 يوليو 2017 21:42
لايزال ذاك الحزن الدفيق ينام على جفنيك، رغم المساحيق التي رحت تحاولين بها إخفاء الدمعة البعيدة، يا حبيبة لاتزال عيناك غائمتين بهواجس الرحيل، الموت يا حبيبه ليس نهاية النهاية، لكنه يؤسس لتلك العلاقة السديمية المترافقة مع دفن الجسد المعطون بالروائح التي طالما تمرغنا فيها في ليالي السهاد والحزن، تلك النظرات المجتازة لكل خيباتنا التي تهدهد بحب وجعنا المكابر، تلك اليد الحانية التي تمسح على خصلات الزمن الموشومة على جباهنا تحثنا على المضي قدماً، فنعلم دائماً أننا سنعود ونجدها بذات السخاء. لكن حزنك يا حبيبة لا يشبه حزن الآخرين، فالمرأة دائماً لديها قديسان رجل ولدها من زمرد الغيب ورسم على ملامحها أبجديات البداية ورجل رسمته على مقاييس الكمال، فواحد تضمه وواحد يضمها ويضم الأول، لذا حزن الوالد يشبه تشقق السماء وتبتل الحيارى في صحراء لا تستبين معالم الحياة، لعلي يا حبيبة لم ألتق أباك ذاك الموشوم على ابتسامتك كجرح لايلتئم، لكن وأعجبي كلما التقيت عينيك رأيته يمسد الحضور الغياب في ضحكتك الباهتة وصوتك المتشكل من أرخبيل صوته. البارحة بعد أن خلدت للنوم على ذراعي، وأنت تحكين عنه وعيناك تمطران، كأن موسم الخريف هذا العام لك وحدك، حاولت جهدي أن أرسمك على لوحة قماشية ضيقة المساحة وكلما سكبت اللون غسله المطر، كلما وضعت الخطوط ضاعت في مسام شفتيك الجافتين كغابة حرقها الناس مخافة الجن واللعنة. حزنك في ذاك الفجر كان دفيقاً كنهر مشروخ كلما لامست يدك العينين الدامعتين، أشعر أن النهر يضرب الأرض حاسراً وألف ألف مركب يتحطم ضياعاً على اليباس، أيا سيدتي تراه والدك كان ذاك النهر؟ وأنت وأنا مركبان ضلا الطريق ذات مساء فتمسكنا بما تبقى من شعاع شمس حزيران وهي تَعبٌ من عمامة أبيك وآخر ابتسامة وهو يطبق الوجه على الغياب الأبدي. ألملم أطرافك وكحلك يرسم طريقاً أسود لا حد لنهايته، بينما أحلامك تضج بصوت أبيك ورائحته وبقايا الكلمات التي لم ينطقها وهو يضم شفتيه وتروم روحه الفضاء البعيد المشع بالنور والخلود. محمد جاجدول
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©