الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب مصراتة... جنود في حرب الشوارع

7 مايو 2011 21:07
كانوا يتحركون أثناء الليل بأسماء رمزية منها على سبيل المثال اسم"الطيور" .. كان القتال بدائياً، ويدور حول البقاء على قيد الحياة من خلال الانتقال من بناية لبناية. ولكنه كان، مع ذلك، ممتعاً بالنسبة لشباب مصراتة، حيث كان يجعل سرعة نبضهم تزيد، ونسبة الإدرينالين ترتفع في دمائهم، ويحدث لديهم تأثيراً شبيهاً بذلك الذي تحدثه عادة أفلام الإثارة التي كان يقوم ببطولتها الممثل الشهير" جان كلود فاندام". فمن زعيم المجموعة الذي كان يهوى النظر إلى القناصة التابعين لمعمر القذافي من خلال منظار الرؤية الليلية، إلى الصياد اليافع الذي تحول إلى خبير في الشراك الخداعية، إلى طالب الطب الذي كان يخفي بندقية صيد بين طيات رداء العمليات الطبي الأخضر الذي كان يرتديه، تحول الجميع فجأة إلى أبطال لفيلم حركة تدور أحداثه في مدينة تحت الحصار. وعندما تسأل هؤلاء جميعاً عن السبب الذي دعاهم لخوض الحرب، فسوف يقولون لك إنهم قد فعلوا ذلك لأن القذافي حرم عائلاتهم من الحرية على مدى 42 عاماً على وجه التقريب.. ولكن الحقيقة هي أن الذي دفعهم لذلك هو حالة الخراب التي باتت مدينتهم عليها، والتي فرضت إلقاء القواعد المتحضرة من النوافذ وحولت أحياءهم الهادئة إلى مسرح لألعاب مغامرات مثيرة. لقد قرروا خوض الحرب، وشنوا غارات انتحارية على مخابئ العدو، باستخدام أوعية الطبخ التي حولوها إلى قنابل معبأة بمادة" تي. إن. تي" شديدة الانفجار، ولوحوا ببنادق الكلاشينكوف، وأطلقوا قذائف عيار 106 من على ظهر شاحنات مكتوب عليها كلمة "متمردون"، مدهونة باللونين الأحمر والأسود، ومنحوا قادتهم أسماء رمزية، وغلفوا أعمالهم بالأسطورة. لأسابيع طويلة، حارب شباب مصراتة إلى جانب آبائهم وإخوتهم لأخراج القناصة التابعين للقذافي من مخابئهم، بعد أن أخذوا المدينة كرهينة. وفي الوقت الراهن، تمكن سكان مصراتة من حسم حرب الشوارع لمصلحتهم، وإن كان التهديد الذي تمثله كتائب القذافي ما يزال باقياً مع ذلك حيث تمطر تلك الكتائب المدينة بوابل من القذائف من ضواحي المدينة الساحلية الغربية. ولكن هذا التهديد سيواجهه الشباب الذين تغيروا، ولم يعودوا هم نفس الشباب، الذين كانوا يعيشون في المدينة قبل اندلاع المعارك. من هؤلاء الشباب "صلاح ريس" الذي لم يكن قد نام ساعة واحدة في اليوم السابق عندما قابلته. كان يريد النوم بشدة، ولكنه لم يكن يستطيع إغلاق عينيه، وكان يدق قدميه بعصبية، ويدخن السجائر بشراهة، ويسند ظهره الى مقر قيادة المجموعة المقاتلة الذي كان من قبل مركزاً للتدريب البدني، وأصبح الآن يضم مزيجاً من الأجهزة الرياضية والأسلحة مثل بنادق الكلاشينكوف، وبنادق "إف.إن" الهجومية. ونحن في وقفتنا تلك، ورد خبر مفاده أن أحد قادة المجموعة ويدعى"الشبح"، قد لقي مصرعه، وعلى إثرها نزل قائد المجموعة ويدعى" قتيبة"، وهو رجل أعمال إلى "بدروم"، كي يطلق العنان هو وزملاؤه للتعبير عن حزنهم على الرفيق الذي سقط في الطريق. ويقود"ريس" الذي يبلغ من العمر 25 عاماً:"مجموعة قتالية ليلية تعرف باسم"الطيور". وهذه المجموعة تقوم بإطلاق ألعاب نارية في المساء لإخافة جنود القذافي وحرمانهم من النوم. كما يقوم أيضاً بمراقبة قناصة القذافي من خلال منظار الرؤية الليلية الذي يحمله، وذلك من خلال فتحة في جدار منزل قريب من الموقع الذي يوجدون فيه. يتحدث"ريس" في توجس عن قناصة (امرأة) من كولومبيا تعمل ضمن مرتزقة القذافي، ويقول البعض إنها قتلت، ويقول آخرون إنها محبوسة ، هذا إذا كانت قد وُجدت من الأساس. وبعد أن تعرض لإصابة في ساقة بسبب شظايا قنبلة، ربط "ريس" الجروح التي أصيب بها في ساقة بضماده وصمم على مواصلة القتال على الرغم مما كان يشعر به من الآم مبرحة. أما الدكتور"جهاد أبو حجر"، والذي لم يصبح طبيباً بعد حيث لا يزال طالباً في السنة الدراسية الخامسة بكلية الطب، فقد كان يثبت بندقيته في مقدمة سيارة الإسعاف التي يعمل من خلالها. وعلى الرغم من الحرب فإنه يثبت شعره بكمية كبيرة من "الجل" ويتحدث بسرعة تحاكي سرعة صوت انطلاق قذائف المورتر والصواريخ. منذ أن اندلعت المعارك يعمل"أبو حجر" في وحدة للعناية المركزة، ويتنقل من مكان لآخر لمعالجة المصابين في مواقع القتال الكائنة بين البنايات السكنية، وهو يشعر بالنشوة لإحساسه بالتواجد في غمرة القتال، وخصوصاً عندما يسرع سائقه بالسيارة وسط الحارات غير الممهدة ونقاط التفتيش. وعندما يرى المتمردون السيارة ذات اللون الأبيض قادمة، فإنهم يصيحون الله أكبر، وهم يحملون أحد المصابين لوضعه بداخلها لتلقي العلاج. بعد ذلك يأخذ"أبوحجر" السيارة لجراج يقع خارج الخطوط الأمامية مباشرة. وهناك يجد أربعة شباب في العشرين من أعمارهم يجلسون خلف مدافع رشاشة، تبدو فوهاتها من خلال فتحات في الجدار على حين يجري الدجاج بين أقدامهم. يتجاهل الشباب الدجاج والأصوات الصادرة عنها، ويركزون أبصارهم على علم قوات القذافي الأخضر الذي يرفرف في الأفق. ينتظر "أبوحجر"، لكن لا يحدث شيء، حيث كان أحد المتمردين الشباب منشغلاً بضبط مدفعه وإطلاقه للمرة الأولى في حياته. تخرج الطلقة من فوهة المدفع مطلقة صوتاً مدوياً، وعندها يبدي أبوحجر رغبته في إطلاق المدفع هو الآخر ويسمح له رفاقه بذلك. يمسك" المدفع ويطلق منه زخات بعد زخات في الهواء. ند باركر - مصراتة ينشر بترتيب خاص مع خدمة »إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©