الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنقيب عن النفط في الصومال... لماذا لا؟

3 مايو 2012
سكوت بالدوف مقديشو تخيل بلداً مليئاً بالتحديات والمشاكل، ومع ذلك تقرر أن تستثمر فيه. لنقل إنه بلد غير معترف به من أي بلد آخر، وبالتالي فإن كل المعاملات التجارية معه ينبغي أن تتم إما عبر حسابات بنكية في الخارج أو نقداً. وفي اليابسة القريبة، تنشط مجموعات مقاتلة في محاربة الحكومة وتحتجز عمال المساعدات الأجنبية في بعض الأحيان وتتخذهم رهائن. وفي البحر، يهاجم القراصنة سفن الشحن وناقلات النفط وحتى السفن السياحية. هذا في حين أن معظم المواد الغذائية في الاقتصاد المحلي تأتي من المساعدات الخارجية لأن المنطقة معرَّضة للنزاع والجفاف والمجاعة. فهل تقبل بالاستثمار في مثل هذا البلد ذي الظروف غير المساعدة؟ شركة "جاكا ريسورسز" الأسترالية للتنقيب عن النفط والغاز تقبل ذلك. وإذا خمَّنت بأن ذلك البلد هو الصومال، فإنك تكون قد اقتربت كثيراً من الجواب الصحيح. إنها "جمهورية أرض الصومال"، التي أعلنت استقلالها من طرف واحد عن بقية الصومال في 1991 وظلت "جمهورية مستقلة" قائمة منذ ذلك الوقت، ولكن غير معترف بها من قبل أي بلد آخر في العالم. فأرض الصومال، التي تعتبر أكثر أمناً واستقراراً مما يحيط بها من الشرق والجنوب، تقع في منطقة جيولوجية يُحتمل وجود النفط فيها، وقد قامت مؤخراً بمنح أولى عقود التنقيب عن النفط لشركات متخصصة أجنبية. وشركة "جاكا ريسورسز" -التي نقبت أيضاً عن النفط بنجاح في بحيرة ألبيرت في أوغندا- من المنتظر أن تشرع في الاختبارات الزلزالية، واختبارات الجاذبية، وعمليات الحفر الاستكشافية قريباً في منطقة "هابرا جارهاجيس" التي تبلغ مساحتها 22 ألف كيلومتر مربع في جنوب غرب "أرض الصومال"، حيث تم العثور على نفط يتسرب إلى السطح في تسعة مواقع منفصلة على الأقل. وقال رئيس شركة "جاكا ريسورسز"، وهو سكوت سبانسر، إن شركته تتطلع إلى العمل مع "بتروصوما"، الفرع الصومالي لشركة "برايم ريسورسز ليميتد"، حول التنقيب في منطقة "هابرا جارهاجيس"، التي يقول إن لديها "إمكانيات هائلة". غير أن "جاكا ريسورسز" ليست بمفردها أيضاً في مغامرتها الصومالية. ذلك أن حكومة أرض الصومال وقعت أيضاً اتفاقات تنقيب مع كل من شركة "أوفير إينيرجي" المدرجة في لندن، و"أسانتي أويل"، و"برايم ريسورسز"، التي تمتلك شركة "بيتروصوما". أما مسألة ما إن كان هذا النشاط الاقتصادي الجديد شيئاً جيداً أم لا، فهذا ربما يعتمد على أي زاوية ينظر منها إليه المرء. وبالنسبة للعديد من سكان أرض الصومال، فإن أي شكل من أشكال الاستثمار يعتبر شيئاً جيداً، لأنه يخلق فرص عمل محلية جديدة مع شركات التنقيب عن النفط ومع قطاع النقل والسكن والمطاعم وشركات أخرى في مجال الصناعة والخدمات، التي يمكن أن تتعامل مع "جاكا ريسورسز". وفي هذا الإطار، يقول محمد يوسف علي، الرئيس والمدير التنفيذي لشركة "برايم ريسورسز" و"بتروصوما": "إنه يوم عظيم بالنسبة لكل شعب أرض الصومال"، مضيفاً "إن كل شعب أرض الصومال سيستفيد إذا اكتشفنا النفط في هذه المنطقة". ولكن النفط لا يمثل دائماً بالضرورة نعمة بالنسبة لبلد فقير يعاني من تبعات النزاع. ففي نيجيريا على سبيل المثال، تعتبر عائدات النفط واحداً من أكبر مصادر الفساد بالنسبة للمسؤولين الحكوميين. كما أنها واحد من مصادر التوتر الرئيسية بين المواطنين وحكومتهم، وبين المناطق التي لديها نفط وتلك التي ليس لديها. وإضافة إلى ذلك، فإن النفط الذي يُكتشف بمحاذاة حدود دولية غير محددة على نحو واضح يتسبب في عدد من المشاكل والنزاعات، مثلما يُظهر ذلك القتال الحالي بين السودان وجنوب السودان. وقد اشتكت الحكومة الصومالية الانتقالية الهشة منذ بعض الوقت بشأن اكتشاف كينيا لنفط قبالة السواحل في مياه تقول الصومال إنها تابعة لها، مسألة وصفها وزير الشؤون الخارجية الصومالي عبدالله حجي بأنها "خلاف ترابي أتى بعد أن أصبحت شركات نفط وغاز مهتمة بالمنطقة"، وقد جاء ذلك في حوار مع وكالة "رويترز". وبالطبع، فإن الفكرة التي تقول إن النفط يمثل نقمة مبالغ فيها. فبعض البلدان التي تتمتع بأنظمة قانونية قوية، مثل بريطانيا والنرويج وغانا، تتمكن من انتزاع بعض المزايا والفوائد من تجارة النفط بدون تأثير سلبي كبير. غير أن بلداناً أخرى، مثل أنجولا ونيجيريا وغينيا وغينيا بيساو والسودان وجنوب السودان، ليست محظوظة بالقدر نفسه. ولكن بالنسبـة لأرض الصومـال، فـإن مجرد إجراء حوار حول الجوانب السلبية الممكنة لاقتصاد قائم على النفط نقاش يستحق أن يجرى. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©