الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سياسة أوباما الآسيوية.. والفشل في ردع الصين

10 سبتمبر 2016 20:07
إنه لأمر مؤسف، ولكنه مبرّر أيضاً، أن يسجل الرئيس باراك أوباما أحدث فشل له في التوصل إلى هدنة في سوريا خلال اجتماع قمة العشرين بمدينة «هانزهاو» الصينية يوم الاثنين الماضي. بل هو أمر مأساوي، لأن هذه السقطة الأخيرة للجهود الدبلوماسية المتعلقة بالوضع في سوريا تعني أن قائمة ضحايا الحرب الأهلية ستزداد بعد أن تجاوزت 400 ألف. وهو أيضاً أمر «مبرّر» يتطابق مع المنهج السياسي المنطقي لأوباما الذي يقضي بالامتناع عن التدخل في سوريا، وهي الاستراتيجية التي تبناها منذ ولايته الأولى من أجل تركيز اهتمامه الدبلوماسي والعسكري بعيداً عن الحروب الدائرة في الشرق الأوسط وتوجيهها إلى منطقة آسيا- المحيط الهادي. وقد أوضحت مستشارة أوباما للأمن الوطني سوزان رايس هذا الموقف من خلال موقع «ميديوم» Medium لتبادل الآراء على الإنترنت خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث كتبت تقول إن أوباما تفهّم حاجة الولايات المتحدة لتركيز الاهتمام على منطقة آسيا- الهادي على رغم أن الحروب التي كان يحاول إيقافها تبعد عنها بنحو نصف محيط الكرة الأرضية. وبهذا نشأت الحالة الجديدة التي تطلق عليها رايس تعبير «إعادة التوازن». وأضافت رايس: «في إطار السعي لاستعادة الريادة الأميركية وتعزيزها في القرن الحادي والعشرين، أدرك أوباما أن الفشل في مهمة إعادة توجيه السياسة الخارجية إزاء تلك المنطقة لن ينطوي على الحماقة فحسب، بل إنه سيكون أيضاً أمراً محفوفاً بالمخاطر الكامنة». وتعرضت رايس في منشورها لما يشبه التعبير بالرسوم المتحركة حول أهمية «اتفاقية الشراكة عبر الهادي»، بالإضافة لحزمة متنوعة من أطروحات أوباما الأخرى التي خلقت في نفسها الشعور بالرضى. وقالت إن الزعماء الدوليين أبدوا الاهتمام بها، وقد أدت إلى تقوية التحالفات الأميركية. وحتى نكون منصفين في الحكم على ما تقوله رايس وما يقوله أوباما، فإننا نرى أنهما على صواب فيما يتعلق بالحديث عن أهمية منطقة آسيا- المحيط الهادي. فبعد هجمات 11 سبتمبر الإرهابية، كان جلّ اهتمام الولايات المتحدة منصبّاً على العالم الإسلامي والحرب في العراق وأفغانستان. وكانت الصين تلعب دور القوة الصاعدة فيما اتجهت الولايات المتحدة نحو تعزيز علاقاتها مع اليابان وكوريا الجنوبية والفليبين، وأقامت شراكات جديدة مع فيتنام والهند وميانمار. وبناء على هذا التوجّه، حقق «المحور الآسيوي» بعض النتائج الملموسة. ونجح أوباما أيضاً في إقناع الصين بالموافقة على البدء بتنفيذ خطة تخفيض انبعاثاتها الكربونية قبل حلول عام 2030. وفي عام 2015، تمكن من إقناع بكين بتوقيع اتفاقية حول «الهجمات الافتراضية» تتضمن القواعد والأحكام التنظيمية في هذا المجال الذي ينطوي على قوة تنافسية ضخمة. ولكن، على رغم هذه الأحاديث المتواترة حول المحور الآسيوي وإعادة التوازن، فلا يزال أمام أوباما الكثير مما يتوجب عليه فعله لمعالجة مشكلة «الفيل الذي اقتحم الغرفة»، والوقوف في وجه الحركات «الاستفزازية» لبكين في بحر الصين الجنوبي التي تنفذ الآن خططاً لإقامة جزر صناعية جديدة في مياه أعلنت سيادتها عليها رغم دعاوى أخرى بأنها تقع تحت سيادة حلفاء لأميركا مثل الفليبين. وتتخوف الدول المجاورة من ادعاءات الصين المتلاحقة للسيادة على القطاعات المائية التي تمثل الشريان الاقتصادي الحيوي لتلك الدول. وقد اتجهت إدارة أوباما الأسبوع الماضي نحو تشجيع الفليبين على معالجة الخلاف حول الجزر الصناعية مع الصين بطريقتها الخاصة على رغم إعلان البيت الأبيض عن تأييده للحكم الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي في شهر يوليو الماضي، الذي يعارض ادعاءات الصين بسيادتها على المناطق المتنازع عليها. وعلى هذه الجبهة أيضاً، تواجه الاستراتيجية الجديدة لأوباما بعض المشاكل. وفيما كان قد رفع قضية النزاعات في بحر الصين الجنوبي إلى موقع الأولوية خلال محادثاته مع الرئيس الصيني «تشي جينبينج»، إلا أن الموضوع بقي خارج جدول أعمال قمة العشرين. ويمكننا أن نستخلص من كل هذه الأحداث أن العمل الذي حاولت إدارة أوباما إنجازه لبناء التحالف الآسيوي، لا يزال أمامه الكثير من الإجراءات الدبلوماسية المكملة حتى يتحول إلى سياسة فعالة قادرة على ردع الصين. وقد اتضحت هذه الحقيقة في أبرز صورها أثناء اجتماع قمة العشرين عندما تم اكتشاف القوارب الصينية وهي تقوم بدورياتها في المياه الضحلة الفليبينية المسماة «سكاربورو شول»، والتي سبق للولايات المتحدة تحذير الصين من إقامة المزيد من الجزر الصناعية فوقها. *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©