الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانفتاح على الصين وبطالة الأميركيين

31 يناير 2016 00:14
هل كان فتح أسواقنا الأميركية للتجارة مع الصين فكرة صائبة؟ نوح سميث، كاتب العمود في «بلومبيرج فيو» يرى أن الأمر ربما لا يكون كذلك، مستشهداً لدعم رأيه بورقة جديدة كتبها «ديفيد أوتور»، و«ديفيد بورن»، و«جوردون هانسون» حيث كان من ضمن ما قالوه فيها: إن «التصحيحات التي تمت في سوق العمل المحلي - لمعالجة آثار الانفتاح على الصين- كانت بطيئة بشكل ملحوظ، مع ركود مستوى الأجور، وتدني مساهمة قوة العمل واستمرار معدل البطالة عند مستوياته المرتفعة -حتى وإن كان قد تحسن قليلاً- بعد مرور عقد واحد على الأقل، من بدء ما يعرف بصدمة الصين التجارية». وإذا ما ثبتت صحة الاستنتاج الذي أورده «أوتور» وزملاؤه في هذه الورقة، فإنه سيكون واحداً من أربعة استنتاجات كنت مخطئاً بشأنها من قبل وهي: حرب العراق، وشدة الأزمة المالية التي تلت سقوط بنك «ليمان براذرز»، وصعود دونالد ترامب، والآن الفرضية الخاصة بالصين. لقد كان واضحاً لفترة أن الصين قد لعبت دوراً ما (وإن لم يكن الأكبر) في انكماش فرص سوق العمل بالنسبة للعاملين غير الحاصلين على مؤهل جامعي. ولكن مؤلفي الورقة يقولون إن هذا التأثير أكبر، وأطول مدى مما توقعته في البداية. والحقيقة أن المؤمنين بحرية التجارة -وأنا منهم- قد بدوا دائماً شديدي الفصاحة عند الحديث عن «الفوائد التعويضية» للواردات الرخيصة». وليس هناك خلاف على أن الواردات الرخيصة شيء عظيم. ولكن الناس، يضعون العمل، والقدرة على بناء نوع من المستقبل الاقتصادي القابل للتنبؤ بدرجة معقولة، والمستقر، في منزلة أعلى من المنزلة التي يضعون فيها أجهزة التلفزيون ذات الشاشات المسطحة، على سبيل المثال. وفي الحقيقة أن موقفي بشأن حرية التجارة، كان يقوم على ملاحظتين صحيحتين تماماً: الأولى: أن كافة أنواع النمو الاقتصادي، تجعل أحوال بعض الناس أسوأ مما كانت عليه من قبل، وغالباً ما يكون ذلك بشكل دائم، تماماً مثلما حدث للنساجين اليدويين في أوائل القرن التاسع عشر، عند إحلال مصانع الغزل والنسيج بدلًا من وسائل الإنتاج اليدوية. الثانية: أن اقتصاد الولايات المتحدة، قد لعب -تاريخياً- دوراً جيداً للغاية في استيعاب العمالة العاطلة. وأن ما حدث عقب فتح أبواب التجارة مع الصين كان حالة خاصة، لسببين واضحين: حجم الصين الضخم، والسرعة التي نما بها اقتصادها، وتطورت بها أسواقها. ولكن الدرس الذي يمكن أن نخرج به هو أننا لا نستطيع أن نعود إلى الوراء، وأنه لا يوجد الكثير من الدروس التي يمكن أن نستعين بها في مواجهة المستقبل. بيد أننا نستطيع على أقل تقدير، أن نحدد السياسات التي تحتاج إلى إعادة تقييم في اللحظة الراهنة، لمحاولة إصلاح الضرر. ولكن ما هي تلك السياسات؟ ينبغي أن نضع في اعتبارنا أن إغلاق الباب في وجه الصين، لن يكون له نفس التأثير الذي كان يتوقع أن يكون له لو أننا لم نفتح ذلك الباب من الأساس، علاوة على أنه ليس في مقدورنا أيضاً إغلاق الباب في وجه الصين حالياً، لأنها باتت عضواً في منظمة التجارة العالمية. فحتى لو فرضنا رسوماً جمركية بنسبة 800 في المئة على الواردات الصينية، فإن علينا ألا نتوقع أن الأشياء ستعود إلى ما كانت عليه، وأننا سنتمكن من إنقاذ العمال الذين تشتتوا، ولا المهارات التي تبددت هباءً، ولا التمزق الذي طال كل شيء. كنت سأكون سعيداً لتقديم مساعدة حكومية لهؤلاء الناس، ولكن من الصعب تحديد نوعية المساعدة الحكومية التي يمكن أن تعالج الضرر. كما أن صعود سياسيين مثل دونالد ترامب وبيرني ساندرز، يؤشر على خواء الرشاوى التقليدية التي اعتاد الحزبان الرئيسان في الولايات المتحدة تقديمها في مواقف مثل هذه. ومشكلات هؤلاء الناس الذين تضرروا، لن تحل من خلال الإجازات العائلية مدفوعة الأجر، ولا توفير رسوم التعليم الجامعي، أو الرعاية اليومية للأطفال، لأن هذه المزايا لا تتوافر إلا لمن يشغلون وظائف، في حين أن الوظائف لم تعد متاحة أصلًا، أو يصعب الحصول عليها. والمشكلة أنه لا توجد إجابة شافية، أليس كذلك؟ أنا لست عالقاً مع هؤلاء العمال المتضررين: فلديَّ وظيفة مستقرة، ومنزل جميل -حتى وإن كان متداعياً إلى حد ما- وجهاز هاتف ذكي رائع مصنوع في الصين. إن آخرين هم الذين علقوا في المشكلات، بسبب القرارات التي اتخذتها النخبة. وكل ما تستطيع هذه النخبة تقديمه حالياً، هو بالضبط نفس ما كان يمكنها تقديمه منذ خمسة وعشرين عاماً تقريباً. أنا لا أستطيع أن ألوم النخبة.. هذا صحيح. ولكني لا أستطيع أيضاً أن ألوم الناس الذين قرروا أنهم قد ملوا من الاستماع إليهم، كذلك. * كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©