الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

76 لوحة تقدم تاريخ الغرافيك خلال القرن العشرين

76 لوحة تقدم تاريخ الغرافيك خلال القرن العشرين
3 مايو 2013 14:42
جهاد هديب (دبي) - تبدو الفكرة الأكثر تقبلاً من سواها، والتي أقيم على أساسها معرض “الأعمال المطبوعة والنسخ المتكررة”، تتلخص بأن بوسع أي مقتنٍ أن ينال لوحة أصلية لفنان عالمي مشهور بستة وستين إلى سبعين ألف دولار أميركي، عِوَضاً عن مبلغ مالي يتجاوز المليون. وبدءاً فإن المقصود هنا في عنوان المعرض مثلما في مضمونه ينحصر في نطاق هو فن الغرافيك تحديداً أو ما يسمى بالعربية الطباعة الغرافيكية بكل أنواعها، من بين جميع الفنون التشكيلية كلها. أما الفكرة التالية التي يقدمها هذا المعرض، الذي يقام في صالة عرض “غاليري برو آرت” في دبي، ويستمر حتى الحادي عشر من الشهر المقبل، ويشتمل على ست وسبعين لوحة، فهي أنه يمثل بالنسبة لمتذوقي الفنون الاطلاع على نُسَخ أصلية لأعمال غرافيكية لفنانين عالميين كبار، تنتمي أعمالهم في أغلبها إلى النصف الثاني من القرن الماضي، تلك الفترة الزمنية الممتدة التي شهدت ولادة مدارس فنية، بعضها اندثر، وسواها ما زال قائماً، بينما ذابت أخرى في تضاعيف الإنتاج الفني لكبار الغرافيكيين في العالم، حيث من بينهم مَنْ لم يُسمع به عربياً حتى على مستوى النخبة ربما. ومن بين هؤلاء الغرافيكيين المشاركة أعمالهم في المعرض: أندي وارهول وروي ليشتنشتاين وسير بيتر بليك وداميان هيرست ورضا وفيكتور فاسارلي وتاكاشي موراكمي، إلى جانب مطبوعات موقعة من قبل ألبرتو جياكوميتي، ونسخ محدودة للفنان جوليان أوبي، ومطبوعات للفنانين الصينيين يوم ينجون وزانغ زياوغانغ. كما تعرض أعمال لفناني الشارع أو البوب آرت، المشهورين من طراز: بانكسي وبليك لو رات، وأخرى أحدث منها للفنان برينووش. وتظهر الأعمال الفنية العالمية الأصيلة كذلك من خلال أعمال فنانين معروفين مثل سلفادور دالي وجورج براك وبابلو بيكاسو ومارك شاغال. وبهذا المعنى يقدم المعرض تيارات واتجاهات واسعة في هذا الفن، تنتمي إلى ثقافات مختلفة ومتنوعة آسيوية وأوروبية وأميركية. إذ لو أُخذت على سبيل المثال لا الحصر أعمال الفنان الياباني تاكاشي مورا كامي، أحد كبار أساتذة هذا الفن في تاريخ الفنون في بلاده، فسوف نجد البيئة اليابانية حاضرة عبر الزهور التي يقترب بها الفنان من رسومات الأطفال، حيث تضحك لاهية بألوانها الزاهية تحت أشعة شمس، وحتى في أعمال أخرى لكامي من التي يدين فيها فكرة الحرب، فمن الجماجم البشرية المتراكمة فوق بعضها بعضاً تبدو خطوطها الخارجية أشبه بأزهار. غير أن فكرة نسخ العمل الفني الواحد هنا لا تستهدف المقتني وحده بل تنطوي على اختبار أن يكون للوحة الواحدة احتمالات لا نهائية من “التمثيلات”، أي الصور والهيئات المختلفة لونياً التي مع كل نُسخة من العمل يسعى الفنان إلى أن تكون مختلفة عن سواها. أيضاً هذه واحدة من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها هذا المعرض إذ يستهدف المتلقي، بوصفه ينتمي إلى جمهور من متذوقي هذا الفن، ويمتلك خبرة جمالية معقولة، تتيح له أن يقلِّب العمل على أوجه التأويل، على نحو خاص. أما الفنان الصيني زانغ زياوغانغ فهو أقرب في صنيعه إلى الحراك الفني الغرافيكي الغربي، غير أن أغلب موضوعاته هي اشتغال على ذاكرة الصور الفوتوغرافية وإعادة إنتاج هذه الذاكرة التي هي ذاكرة عائلية بامتياز، وتعود إلى الفترة الماوية بإرثها ثقيل الوطأة على الأفراد وعلى التوجهات الفنية والأدبية الذاهبة باتجاه الفرد وليس المجموع في ستينيات القرن الماضي، حيث لا محيد أبداً للفرد عن أن يكون فنه فناً خالصاً لوجه الدعاية السياسية، بهذا المعنى تقدم أعمال زانغ زياوغانغ عن الفن الغرافيكي الصيني في تلك الفترة، علماً بأن فن الغرافيك في بداياته أو ما يُعرف بالطباعة الحجرية، هو اختراع صيني بامتياز، وعلماً بأن فن الرجل لو أُخذ بمقاييس الستينيات من النصف الثاني من القرن العشرين فإنه سيكون مدهشاً حتى لكأنها أعمال جرى إنتاجها في محترف نيويركي فني من تلك الفترة. أما على مستوى حضور الغرافيك في الثقافة الغربية، فيشير المعرض إلى ذلك الاشتباك المبكّر بين فن الغرافيك من جهة وما يعرف بفن “البوب آرت” أو الفن الشعبي من جهة أخرى، وهو الفن الذي يلجأ إلى موضوعات رائجة لدى الجمهور فيعيد تقديمها، من دون أن يتنازل العمل عن شرطه الفني الخاص، أي ما يجعل اللوحة عملاً فنياً صافياً بتكنيك وأسلوبية اشتغاله بصرف النظر عن موضوعه. وهنا فإن الأمثلة كثيرة بل تكاد لا تخلو تجربة أي فنان غرافيكي من أثر للبوب آرت وبدرجة أقل للفن المفاهيمي أيضا، خصوصاً تلك الأعمال التي تنتمي إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. اللافت هنا أيضاً أن الكثير من الأعمال تحمل تواقيع لفنانين غربيين جعلوا من كل شيء يحيط بهم مادة وموضوعاً لعمل غرافيكي كالأزهار وصور الشخصيات العامة: رؤساء وممثلين، وصوراً لناس عاديين في محطات مترو، وأخرى لمدن تطاول فيها العمران بإفراط، من بينها اللوحة الشهيرة لمارلين مونرو التي بيعت في إحدى المزادات الفنية العالمية بأعلى من المليون دولار أميركي. ومن بين لوحات المعرض ثمة تلك التي تحمل توقيع البريطاني آندي ورهول الذي طوّع الغرافيك للبوب آرت، وكذلك الفرنسي فيرنانديز أرموم المعروف بـ “آرمو”، والذي لم يتجاوز عمره الأربعين عندما مات في حين ترك وراءه منجزاً غرافيكياً هائلاً جعله فناناً غرافيكياً عالمياً ولا يزال. أخيرا، فإن كل لوحة غرافيكية ينبغي أن تحمل رقماً متسلسلاً من بين الرقم الكلي الإجمالي لعدد الأعمال الفنية الذي أنتجه الفنان من هذه اللوحة أو تلك، وهو أمر، في عُرف الفن الغرافيكي ليس بأكثر أهمية من توقيع الفنان على العمل لكن من غير الممكن نسبة العمل لصاحبه إن لم يكن يحمل الرقم المتسلسل من ضمن الرقم الإجمالي، كأنْ يكتب 35 / 400، حيث 35 هو رقم العمل الفني للوحة، أنتج صاحبها من 400 عمل، وكذلك 135 / 700، وهو ما يتكرر في معرض “الأعمال المطبوعة والنسخ المتكررة” ذاته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©