السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجيش الباكستاني... فرصة للإصلاح والتغيير

6 مايو 2011 21:35
بعد عدة أيام على توغل وحدة من قوات العمليات الخاصة الأميركية عميقاً داخل الأراضي الباكستانية من أجل تنفيذ غارة جريئة دامت أربعين دقيقة وتوجت بقتل بن لادن، أخذ الجيش الباكستاني اليوم يواجه رد فعل داخليّاً قويّاً؛ حيث بدأ عدد من المراقبين، الذين يبدون تردداً عادة في انتقاد الجيش -أقوى وأكثر مؤسسة شعبية في البلاد- يسألون اليوم علناً: لماذا لم يكن لوكالة الاستخبارات الرئيسية الباكستانية علم على ما يبدو بوجود بن لادن؟ ولماذا بدا الجيش أيضاً على غير علم بالغارة الأميركية؟ غير أن مشكلة العلاقات العامة التي يعانيها الجيش الباكستاني يمكن أن تشكل، مع ذلك، فرصة نادرة طال انتظارها لإصلاح العلاقات المعطلة بين الطرفين المدني والعسكري، مثلما يقول محللون. وفي هذا السياق، تقول عائشة صديقة، مؤلفة كتاب "شركة الجيش: داخل الجيش الباكستاني": "إننا بصدد رؤية فترة لم يسبق أن رأيناها من قبل؛ إنه أمر شبيه بـ 1971"، في إشارة إلى العام الذي خسرت فيه باكستان حربها الثانية مع الهند، ونتج عنها احتجاز 90 ألف أسير حرب وانفصال شرق باكستان (بنجلادش اليوم). الأمر الذي عبّد الطريق، بدوره، لوصول حاكم مدني قوي هو ذو الفقار علي بوتو. وتقول صديقة: "إن ما قد نشهد حدوثه (اليوم) هو رفع الناس لأصواتهم (احتجاجاً) واستغلال الرئيس لذلك ليقول إن باكستان مهتمة بالتغيير". وهذا التغيير يشمل إشرافاً أكبر من قبل الحكومة المدنية على الاستخبارات والتعيينات، مضيفة: "ما أريد رؤيته اليوم هو قدر أكبر من الشفافية والمحاسبة من قبل الجيش". وحتى الآن، يتمتع الجيش الباكستاني بسيطرة شبه مطلقة، حيث لا يعتبر الإشراف المدني ضروريّاً للقيام بالتعيينات رفيعة المستوى أو تجديدها، ومن ذلك على سبيل المثال، تمديد فترة مدير جهاز الاستخبارات "آي إس آي" الجنرال شودا باشا في مارس الماضي. كما يقوم الجيش بالإشراف على السياسة الخارجية والدفاعية للبلاد، ولديه اهتمام بالصناعات والزراعة والعقار. بل إنه يملك ماركته الخاصة من حبوب الفطور. ثم هناك مسألة ميزانية الجيش، التي بدأ عدد من المواطنين يتساءلون بشأنها. فرسمياً، يتلقى الجيش حولي 22 في المئة من الميزانية، ولكن بعض المحللين يقدرون أن الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير. ويوم الخميس الماضي، وفي أعقاب رد فعل من بعض المواطنين الباكستانيين، ترأس قائد الجيش الجنرال أشفق كياني اجتماعاً رفيع المستوى لقادته. وكانت النتيجة أن وعد الجيش بالتحقيق في الإخفاقات الاستخبارية في رصد أكثر إرهابي مطلوب للعدالة في العالم. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول الباحث عمران خالد، مكرراً استياءً شعبيّاً: إذا استمر الجيش في ادعاء عدم معرفته بما حدث، فـ"قد ينظر إليه من قبل الجمهور العام على أنه مفتقر للكفاءة من حيث عدم القدرة على حماية الحدود وسيادة البلاد؛ وسيبدأ الناس في التساؤل حول ما إن كان من المفيد امتلاك جيش في حالة ضياع في مواجهة المنظمات الإرهابية وكذلك العمليات العسكرية الأجنبية". غير أن الحكومة المدنية الباكستانية، التي يتزعمها الرئيس زرداري، لديها مصاعبها الخاصة؛ حيث تبدي تردداً في تناول مواضيع تتعلق بالدفاع أو الإرهاب، وذلك أمر من غير المرجح أن يتغير قريباً، كما يقول الضابط المتقاعد في الجيش شوكت قدير، الذي يضيف: "في جنوب وزيرستان، تفيد جل التقارير القادمة من هناك بأن الجيش يعتقل 1500 مقاتل بشكل غير قانوني، لأن الحكومة المدنية ليست لديها القدرة على متابعتهم قضائيّاً. وفي سوات، أخذ الجيش مبادرة وبنى مدرسة من أجل إبطال تأثير ما لقن للأطفال الذين تعرضوا لغسيل الدماغ من قبل الإرهابيين"، كما يقول. كما يمكن أن يؤدي سجل الحكومة المدنية بخصوص الحكامة السيئة إلى تراجع الأمل في انتزاع واسترجاع صلاحيات من الجيش، كما يقول محللون. ذلك أن ارتفاع التضخم، وانقطاع الكهرباء، ونقص الوقود... كلها عوامل ساهمت في تراجع شعبيتها. وفي هذا السياق، يقول المحلل السياسي سيريل ألميدا: "هذه قطعاً بداية التغير لأن الافتراء الذي يوجه للجيش في الوقت الراهن يمثل فرصة بالنسبة للمدنيين حتى يظهروا بعض الزعامة"؛ إلا أنه منذ أن تسلم السلطة، يضيف ألميدا، لم يقم الحزب الحاكم بشيء تقريباً لدفع الجيش وإعادته إلى دور أكثر محدودية، مركزاً اهتمامه بدلاً من ذلك على الحفاظ على حكومته من السقوط. ويقول ألميدا محذراً: "لو كانوا يعملون بفعالية على حكم البلاد بشكل أفضل على جبهات أخرى، ولو كانوا يحظون بدعم شعبي بخصوص التعليم والصحة والإدارة المالية على سبيل المثال، لشجعهم تأثير ذلك على انتزاع صلاحيات من الجيش... ولكن طالما أن عملهم يتم على نحو غير فعال، فإن إمكانية الدفع والمقاومة تصبح محدودة". عصام أحمد - إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©