عقيل الحلالي (صنعاء)
وجه الرئيس اليمني الانتقالي، عبدربه منصور هادي، أمس الخميس، بشن حرب جديدة على معاقل تنظيم القاعدة في محافظتي البيضاء ومأرب، وسط وشرق البلاد، فيما تواصل قوات عسكرية ملاحقة متشددين في مناطق نفوذهم في الجنوب. وترأس هادي أمس في صنعاء اجتماعا استثنائيا للجنة الأمنية العليا ناقش خصوصا نتائج الحملة العسكرية الكبيرة على تنظيم القاعدة في محافظتي أبين وشبوة الجنوبيتين. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية أن الرئيس هادي «أعرب عن سعادته وارتياحه البالغ لما حققته الحملة العسكرية» التي انطلقت يوم 29 أبريل الماضي وأسفرت عن مصرع 148 من قيادات وعناصر تنظيم القاعدة بينهم أجانب بالإضافة إلى نحو 50 قتيلا من الجنود.
وقال الرئيس اليمني إن «المعركة مع هذا التنظيم الإرهابي مفتوحة، وعلى القوات المسلحة والأمن الاستعداد لحملات تطهيرية في محافظات أبين، مأرب، شبوة، والبيضاء»، مضيفا: «لابد من ملاحقة هذه القوى الإرهابية بقوة وحسم». وفر مئات المتطرفين تحت ضغط الهجوم العسكري إلى جبال الكور الواقعة بين محافظتي أبين وشبوة وإلى مناطق أخرى في محافظات مجاورة خاصة البيضاء مسقط رأس ناصر الوحيشي، زعيم «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، الذي عزز حضروه في جنوب وشرق اليمن مستغلا الاضطرابات المستمرة في هذا البلد منذ حركة التمرد الشعبية ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011.
وقال هادي إن تنظيم القاعدة «ارتكب جرائم جسيمة في حق الشعب والوطن حتى أصبح عدوانه يزلزل الاستقرار الأمني ويؤثر على مجرى الحياة العامة» بعد تراجع حركة السياحة والاستثمار جراء تصاعد الهجمات المسلحة على رجال الجيش والأمن والأجانب داخل العاصمة صنعاء وفي مدن رئيسية أخرى. وذكر أن «العدوان الهمجي والغاشم لتنظيم القاعدة الإرهابي وصل إلى العاصمة وبات يقلق يومياتها»، مؤكدا ضرورة «العمل على استئصال الإرهاب بكل ما هو ممكن». وأضاف: «لم يعد بالإمكان الانتظار في أماكننا ليأتي اليوم الذي يهجم (القاعدة) علينا جميعا».
ووجه الرئيس اليمني وزير الداخلية، اللواء حسين الترب، ورئيس بلدية العاصمة، عبدالقادر هلال، بإيلاء الجانب الأمني للعاصمة صنعاء اهتماما أكبر، وقال: «لا نريد أن تتكرر الاعتداءات من قبل الخارجين على النظام والقانون بمختلف أشكالهم وانتماءاتهم»، واصفا عمليات خطف وقتل الأجانب المتكررة داخل العاصمة بـ«الأعمال الإجرامية المخزية» التي تسيء لمكانة لليمن على المستويين الإقليمي والدولي. .
في غضون ذلك، واصل الجيش مدعوما بمقاتلات تابعة للقوات الجوية ملاحقة عناصر تنظيم القاعدة في بلدة «ميفعة» جنوب محافظة شبوة غداة مصرع 30 متشددا وعشرة جنود بمواجهات عنيفة في منطقتي «عزان» و«جول ريدة». وقال مصدر في قيادة عمليات الجيش في شبوة إن الطيران قصف أمس «أماكن تتواجد فيها عدد من قيادات وعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي»، مشيرا إلى أن الغارات الجوية «دمرت عدداً من أوكار شراذم الإرهاب وألحقت خسائر كبيرة في صفوف وعتاد وأسلحة تلك العناصر الضالة»، حسب تعبيره.
وأكد استمرار العملية العسكرية «وتعقب وملاحقة العناصر الإرهابية في مدينة عزان وضواحيها»، مشيرا إلى أن عناصر تنظيم القاعدة لجأت «التخفي» بين أوساط المواطنين.
ودعا المصدر العسكري أهالي عزان والمناطق المجاورة إلى «عدم إيواء أي من عناصر الإرهاب في منازلهم»، والإبلاغ فورا عن «حضور/ وجود أية خلايا إرهابية او تحركات مشبوهة». ولاحقا، أعلن قائد المنطقة العسكرية الثالثة، اللواء الركن أحمد سيف اليافعي، تدمير مخزن ذخائر كانت مخبأة في منزل أحد عناصر تنظيم القاعدة في منطقة «عزان»، مؤكدا أن قوات الجيش تضيق الخناق على «من تبقى» من عناصر تنظيم القاعدة، وأنه «سيتم القضاء عليها نهائياً في القريب العاجل».
واعتقلت الأجهزة الأمنية في محافظة البيضاء (وسط) أربعة مشتبهين بالانتماء إلى تنظيم القاعدة قدموا من محافظة أبين، حسبما ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية أمس الخميس. وكانت السلطات اليمنية أعلنت، ليل الأربعاء الخميس، مقتل قائد تنظيم القاعدة في منطقة عزان، فارس القميسي، في مواجهات مع الجيش في شبوة.
واتهمت السلطات المحلية في شبوة تنظيم القاعدة بإطلاق صاروخ سقط، مساء الأربعاء، على صالة رياضية في حي سكني وسط مدينة عتق، عاصمة المحافظة. وقال مسؤول أمني محلي أن انفجار الصاروخ، وهو من طراز «كاتوشكا»، أحدث أضرارا جسيمة بالمبنى من دون وقوع ضحايا في الأرواح.
وأعلن مشايخ وأعيان بلدة «مرخة»، وسط شبوة، تأييدهم ومساندتهم لقوات الجيش ضد الإرهاب، ودعوا إلى تكاتف جميع أبناء محافظة شبوة لدعم النازحين من الصراع بين القوات الحكومية وتنظيم القاعدة في بلدة «ميفعة». وطالبوا في لقاء مع المجلس المحلي في البلدة، أمس الخميس، بتسيير قوافل إغاثة للنازحين من جميع بلدات شبوة.
وعلى صعيد متصل، منعت السلطات اليمنية الليلة قل الماضية قناة الجزيرة القطرية الإخبارية من تغطية المعارك الدائرة في شبوة بعد اتهمها بـ»تحريف الحقائق». وأمرت السلطات بترحيل فريق قناة الجزيرة من محافظة شبوة إلى العاصمة صنعاء بعد ساعات من صدور بيان للجيش اتهم فيها مراسل القناة، حمدي البكاري، «بنقل أخبار كاذبة ومفبركة ونقل معلومات مضللة لا وجود لها على أرض الواقع».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية «إفشال وإحباط عدد من العمليات الإرهابية الجبانة» كان يخطط تنظيم القاعدة لتنفيذها داخل العاصمة صنعاء خلال الأسبوعين الماضيين. وقالت في بيان إنه تلك العمليات الإرهابية كانت تستهدف «منشآت حكومية حيوية ومقرات أمنية وعسكرية وبعض السفارات الأجنبية»، موضحة أن الأجهزة الأمنية نجحت في إحباط هذه العمليات من خلال «رصد وملاحقة العناصر الإرهابية المكلفة بالتنفيذ»، بالإضافة إلى «الإجراءات الأمنية الاحترازية» في العاصمة. وأكد البيان اعتقال إرهابيين انتحاريين بينهم أجانب قدموا من سوريا لتنفيذ «عمليات إجرامية» في صنعاء.
كما وجهت وزارة الداخلية في بيان آخر، أمس، الأجهزة الأمنية والشرطة السياحية في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات «بعدم السماح للسياح الأجانب وكذا الدبلوماسيين بالتحرك بين المحافظات من دون الحماية الأمنية المرافقة لهم» وأمرت الوزارة الشرطة السياحية بعدم منح أي تصاريح لتنقل سياح أجانب بين المدن «في حال عدم توفر الحماية الأمنية الكافية، حفاظاً على سلامتهم ولضمان عدم تعرضهم لأي مكروه»، مشددة على ضرورة التعامل مع هذه التوجيهات «بجدية ومسؤولية».
واعتذرت الحكومة الانتقالية، أمس الخميس، عن المثول أمام البرلمان وطلب مهملة إلى الاثنين المقبل للرد على اتهامات النواب لها بالفشل في الحد من الفلتان الأمني والتدهور الاقتصادي في البلاد.
وذكر بيان الاستجواب الذي تلاه النائب، عبدالعزيز جباري، في جلسة أمس التي حضرها سبعة وزراء لتقديم الاعتذار نيابة عن الحكومة، أن «الأداء الحكومي يعاني من اختلالات أهمها سوء الإدارة وتبديد الأموال العامة وعدم إدخال أي خطوات لمكافحة الفساد». وطلب وزير المالية، صخر الوجيه، من البرلمان تأجيل موعد الاستجواب إلى الأسبوع القادم «للرد كتابياً على موضوعات الاستجواب».
عدد اليوم
