الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المرأة العاملة ضحية ازدواجية وتعدد المسؤوليات

المرأة العاملة ضحية ازدواجية وتعدد المسؤوليات
6 مايو 2011 20:53
كثيراً ما يثار الجدل حول الآثار الجسدية والفكرية المترتبة على ازدواجية مسؤولية المرأة بين عملها وأعبائها الأسرية والمنزلية، وهل عمل المرأة في ظل الظروف والمتغيرات المجتمعية الحديثة نعمة أم نقمة؟ تشير الاستشارية الأسرية الدكتورة نهى عدنان قاطرجي، إلى هذه الإشكالية، وتقول: «هناك بعض الأضرار التي لحقت بالمرأة وأسرتها من جراء خروجها إلى العمل وإن كان ضرورياً، وهذا الضرر يخشى أن يترك أثراً على الأجيال المقبلة، والذي يمكن أن يلاحظ عند الاطلاع على أحوال المرأة العاملة الغربية التي مرت بالطريق نفسه التي تمر به المرأة العربية اليوم، حتى أن كثيرات من النساء الغربيات بدأن يطالبن بعودة المرأة إلى البيت. ومن أبرز الأضرار التي يمكن استنتاجها عدم تنازل الرجل عن أي حق منحه إياه الشرع أو العادة أو التقليد، لذلك فهو يرفض أن يقوم بأي عمل قد لا يتناسب معه، لهذا تجد المرأة نفسها «تعيش عبء خيارها العمل المزدوج لوحدها ولا تحصل على دعم الرجل أو على دعم المجتمع» رفض الرجل تتابع قاطرجي: هذا الرفض للتعاون قد يكون إرادياً يفعله الرجل عن رغبة وتصميم، كما قد يكون لا إرادياً، وذلك عندما يطال المهام التي هي أصلاً من اختصاص الزوجة كما حددتها طبيعتها الجسدية كالحمل والإرضاع والاهتمام بالأطفال. أما عدم التعاون الإرادي فحجة الرجل فيه تستند إلى فهمه لمفهوم القوامة. وقد استدل بعض من العلماء بهذه الآية على جواز فسخ النكاح إذا عجز الزوج عن نفقة زوجته وكسوتها. وتؤكد: بعض الأزواج يجهلون مفهوم القوامة ويربطونها فقط بالرجولية، فلا ينظر هذا الزوج إلى تقصيره في القيام بواجباته الزوجية، إنما ينظر فقط إلى حقوقه، والتي من أبرزها السمع والطاعة. ومما يبعث على الخوف من تفاقم هذه الحالة هو وجود النموذج الحي الذي تقتفي المرأة العربية أثره، وهو نموذج الزوجة الغربية التي تشير أخبارها إلى مدى القهر والاستبداد الذي يمارسه الزوج عليها، حيث يجبرها على العمل خارج المنزل وداخله من دون الاهتمام لنوعية العمل الذي تقوم به، فإن ضاقت بذلك ذرعاً وأعلنت احتجاجها على هذا الظلم، أحيلت إلى مجموعة النساء المطلقات، بعد أن تنال نصيبها الأوفى في الإيذاء والضرب. وقد أدى الأمر ببعض الدارسات اللاتي يدعين المحافظة على حقوق المرأة أن يتخوفن من هذه النقطة، إذ أدركن أن القوانين التي يمكن أن تسن لصالح المرأة لا فائدة منها إذا لم تقترن بتصحيح للذهنية السائدة، لذلك قالت إحداهن: إن خروج المرأة إلى العمل في ظل هذه الظروف يؤدي إلى أن يتضاعف الاستغلال الواقع عليها وبدلاً من أن تكون «أداة» للعمل داخل البيت فحسب، تصبح بالإضافة إلى ذلك أداة للعمل خارج البيت ولحساب زوجها» الظلم الذاتي وتضيف قاطرجي: «خسارة المرأة لراحتها واستقرارها داخل البيت مع زوجها وأولادها، حيث يسود جو مشحون بالتوتر واللوم نتيجة تقصيرها في واجباتها العائلية، هذا التقصير الذي لا يخفف منه الاستعانة بالخادمات والمربيات اللواتي يزدن من إحساسها بتأنيب الضمير كونها تترك لهن مهمة تربية الأولاد والاهتمام بهن. وقد عبرت إحدى النساء عن مشاعر الإحساس بذنب قوية تجاه أطفالها ناجم عن ضيق في دورها الأسري، والذي يخشى من نتائجه التربوية السلبية التي يمكن أن يتعرض لها الأبناء بناءً على تأثيرات الإعلام والتربية العلمانية الوافدة من الغرب التي لا تملك أن تضبطها. لهذا تخشى هذه الأم أن تخسر أبناءها وتذهب تضحيتها أدراج الرياح، فلا تجد في شيخوختها ابناً باراً أو ابنة مُحبة، لأن من الأسباب الموجبة لبر الأم والإحسان إليها الحمل والفصال والتربية والإشراف. أثار عمل المرأة وتجيب: «إن الحديث عن آثار هذا العمل على المجتمع فهي متعددة ولعلّ أهمَّها استيلاء كثير من النساء على وظائف كان من الممكن أن يستفيد منها رجال مسؤولون عن عائلات، أو شباب يحتاجون إلى بناء أسر وتكوين عائلات. إن قضية عمل المرأة تحتاج إلى وعي للمشكلة القائمة، إذ أن هذه القضية تواجه تبايناً كبيراً في الرأي حتى في صفوف النساء أنفسهن، ففيما تتمسك كثيرات من النساء بعملهن ويعتبرنه منفساً يهربن منه من مصاعب الحياة. حيث تقول إحداهن:«مهما تكدّست مشاكلي فسوف اخرج في اليوم التالي، أذهب لأرى الناس، حيث أحسّ بقيمتي وبموقعي العام»، تقوم كثيرات منهن بالدعاء على أول امرأة تركت منزلها وفتحت الباب لخروج المرأة إلى العمل. حلول مفيدة لهذا من الضروري للمرأة والمجتمع أن يعمل على إيجاد الحلول المفيدة لمشكلة عمل المرأة، ومن هذه الحلول ما يمكن أن ينفذه الزوجان المعنيان بالأمر، عبر تفاهمهما حول هذا الموضوع، إذ أنه إذا كان عمل المرأة ضرورياً لتأمين الدخل الكافي للأسرة، فعلى الزوجين أن يتعاونا لسدّ الفراغ الذي يتسبب به غياب الزوجة الطويل عن المنزل، فإن في قيام الزوج ببعض الأعمال المنزلية، وفي مساعدته في تدريس الأولاد، إشاعة لروح التعاون في البيت، واستبدال لأجواء المشاحنة والبغضاء بأجواء السكن والمودة التي لا بد منها للمحافظة على الاستقرار الأسري. ومن هذه الحلول ما يؤمل تنفيذه من أجل تحسين وضع المرأة العاملة بشكل علم كتوظيف من تحتاج منهن إلى العمل بوظيفة يمكنها القيام بها في منزلها أو تأمين راتب شهري لربة البيت التي فقدت معيلها يدفع عنها ذُلّ العوز والسؤال، خاصة أن الراتب الذي يمكن أن تتقاضاه في الخارج في أغلب الأحيان يكون زهيداً مقارنة بالجهد الذي تبذله». تساؤل مشروع وتتساءل قاطرجي: «هل تقوم الأم العاملة اليوم بواجب الرضاعة لأكثر من أربعين يوماً؟ وهل تقوم هذه الأم بواجب العناية بأبنائها ومراقبة نموهم والسهر على راحتهم أم أن هذا الأمر أصبح من اختصاص الخادمة أو دور الحضانة؟ فهل إذا كَبِرَ هذا الطفل تستطيع أمه أن تطالبه بحقها في الرعاية والاهتمام ؟ هيكل المنزل يقول العلامة الإنجليزي «سامويل سمايلس» وكان من أركان النهضة الإنجليزية: « «إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل، مهما نشأ عنه من الثروة، فإن نتيجته هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه يهاجم هيكل المنزل، ويقوض أركان الأسرة، ويمزق الروابط الاجتماعية، ويسلب الزوجة من زوجها، والأولاد من أقاربهم، وصار بنوع خاص لا نتيجة لـه إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقة، هي القيام بالواجبات المنزلية، مثل ترتيب مسكنها، وتربية أولادها، والاقتصاد في وسائل معيشتها، مع القيام باحتياجاتهم البيتية.. ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات، بحيث أصبحت المنازل غير المنازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم تربية، وتلقى في زوايا الإهمال، وانطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة، والمحبة اللطيفة، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وصارت معرض للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع الفكري، والتودد الزوجي، والأخلاق التي عليها مدار حفظ الفضيلة» كلمات واعترافات كتب«فردناند بروتزمان» عن ابتعاد المرأة الألمانية عن العمل في أعمال الرجال، وانصرافها إلى بيتها وأطفالها، ويقول: «الأطفال والمطبخ، هما الوصف التقليدي لمكانة المرأة في المجتمع الألماني، ففي الصفوف العليا من المرفق التجاري الألماني الغربي، وهو مركز القوة الصناعية والمالية في البلاد، يمكن وصف دور المرأة بكلمة واحدة: ليست موجودة»، فيضيع القدر الكبير من الإمكانات الادارية الجيدة نتيجة الحقيقة الماثلة في أن النساء يخترن دورا كربة بيت أو أم، وتتردد الشركات في نقل النساء إلى إدارة أعلى لأنهن قد يقررن أن يكون لهن أطفال ويتركن العمل»! وتقول المحامية الفرنسية كريستين بعد أن زارت بعض بلاد الشرق المسلم: «سبعة أسابيع قضيتها في زيارة كل من بيروت ودمشق وعمان وبغداد، وها أنا أعود إلى باريس، فماذا وجدت؟. وجدت رجلا يذهب إلى عمله في الصباح يتعب يشقى، يعمل، حتى إذا كان المساء عاد إلى زوجته ومعه خبز، ومع الخبز حُبٌّ وعطف ورعاية لها ولصغارها.. والأنثى في تلك البلاد لا عمل لها إلا تربية جيل، والعناية بالرجل الذي تحب، أو على الأقل بالرجل الذي كان قدرها. في الشرق تنام المرأة وتحلم، وتحقق ما تريد، فالرجل قد وفر لها خبزا، وحُبّا وراحة ورفاهية.. وفي بلادنا حيث ناضلت المرأة من أجل المساواة، فماذا حققت؟.انظر إلى المرأة في غرب أوروبا، فلا ترى أمامك إلا سلعة. فالرجل يقول لها: انهضي لكسب خبزك، فأنت قد طلبت المساواة، وطالما أنا أعمل فلابد أن تشاركيني في العمل لنكسب خبزنا معا!. ومع الكد والعمل لكسب الخبز تنسى المرأة أنوثتها، وينسى الرجل شريكته في الحياة، وتبقى الحياة بلا معنى ولا هدف»! أما «مارلين مونرو» تلك النجمة الشهيرة وممثلة الإغراء الأولى في عالم السينما، والتي ماتت منتحرة، واكتشف المحقق الذي يدرس قضية انتحارها رسالة محفوظة في صندوق الأمانات في مانهاتن بانك في نيويورك، ووجد على غلافها كلمة تطلب عدم فتح الرسالة قبل وفاتها. وعندما فتح المحقق الرسالة وجدها مكتوبة بخط مارلين مونرو بالذات، وهي موجهة إلى فتاة تطلب نصيحة مارلين عن الطريق إلى التمثيل، تقول فيها:«احذري المجد، احذري كل من يخدعك بالأضواء.. إنني أتعس امرأة على هذه الأرض.. لم أستطع أن أكون أما.. إني أفضل البيت والحياة العائلية الشريفة على كل شيء. إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة، بل إن هذه الحياة العائلية هي رمز سعادة المرأة، بل الإنسانية».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©