الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحادية إسرائيل تعرقل عملية السلام

2 مايو 2012
لم يكد يمر عيد الفصح اليهودي لعام 2002 بسلام حتى استدعى وزير الدفاع وقتها بنيامين بن أليعازر كبار القادة الأمنيين لاجتماع طارئ بعدما أُبلغ بالعملية التفجيرية الأخيرة في سلسلة من العمليات التي قضت مضاجع الإسرائيليين على مدار السنتين السابقتين، وبعد الاجتماع مع قادته العسكريين الذين هرعوا إلى قاعة الاجتماع بلباسهم المدني اتُخذ قرار غير وجه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لاسيما بعد سقوط ثلاثين إسرائيليّاً في العملية التفجيرية، حيث أقنع وزير الدفاع "بن أليعازر" الحكومة الإسرائيلية بإعادة احتلال مجمل الضفة الغربية حتى لو كان ذلك يعني خرق اتفاقات أوسلو التي وُقعت في 1993 وأعطت الفلسطينيين حق إدارة العديد من المدن والتحكم في أمنها الخاص. واليوم وبعد مرور عشرة أعوام على ذلك القرار يرى العديد من المراقبين أنه شكل تغيراً استراتيجيّاً في سياسة إسرائيل وضعها على سكة التصرف الانفرادي الذي ما زال يتحكم في سياستها الأمنية ويملي سلوكها سواء تجاه الفلسطينيين والتعامل مع قضية الدولة الفلسطينية، أو في التعاطي مع الملف النووي الإيراني، وبإقدامها على خطوة 2002 واجتياح الضفة الغربية تكون إسرائيل قد تنصلت من التزاماتها التي تنص عليها اتفاقات السلام في التسعينيات وقضت على الفكرة القائلة بأن بلوغ السلام ممكن عن طريق التفاهم مع الفلسطينيين. وفي المقابل برزت فكرة بديلة تفسح المجال للقوة العسكرية العمياء واتخاذ الخطوات الانفرادية، على رغم تحذير الفلسطينيين من وأد هذه الإجراءات لحل الدولتين وارتداد السياسات الأحادية على الدولة العبرية نفسها، ولا سيما الآن بعد الثورات العربية التي قلبت موازين السلطة في عدد من الدول العربية. ولم يمض وقت طويل على اجتياح الضفة الغربية في 2002 حتى أعقبها بناء جدار للفصل اعتبرته محكمة العدل الدولية غير شرعي، وهو الجدار الذي يخترق الضفة الغربية ويفصل المناطق الإسرائيلية عن الفلسطينيين. ثم بعدها وفي إطار الخطوات الأحادية انسحبت إسرائيل من قطاع غزة دون تنسيق مع الجانب الفلسطيني. وعلى رغم التحذيرات الفلسطينية من مغبة الاستمرار في هذه السياسات الأحادية يبقى الأمر بالنسبة لإسرائيل مقبولاً ولا مبرر لتغييره، فقد توقفت الهجمات التفجيرية، كما أن القادة الفلسطينيين يبدون أضعف وأكثر مرونة مقارنة بالسابق. وحتى العزلة الدولية التي تعاني منها الدولة العبرية تظل مقبولة ويمكن التعامل معها. هذا فضلاً عن تراجع قضية الدولة الفلسطينية عن صدارة الاهتمامات الدولية. وعن هذا الموضوع يقول "بن إليعازر" نفسه الذي هو اليوم عضو في البرلمان الإسرائيلي "قبل عشر سنوات ساهمت الخطوات التي قمنا بها في تغيير سلوك الناس في الضفة الغربية، لقد أظهرنا للعالم أنه لا شيء يحول دون تحقيق الأمن، ومن أجل ذلك نحن مستعدون لاجتياز كل الخطوط الحمراء، سنذهب إلى الضفة ونضرب كل من يتعرض لنا، وهي سياسة أثبتت نجاعتها على مدى السنوات الماضية". ويعتقد البعض أن "النجاح" الذي لقيته إسرائيل في التعامل مع القضايا الفلسطينية بدأ يتمدد إلى موضوعات أخرى في سياستها الخارجية، فقد منحها الثقة لمقاومة ضغوط الإدارة الأميركية بشأن تجميد الاستيطان ورفض مساعي تحسين العلاقات ورأب الصدع مع تركيا، بل التهديد علناً بضرب إيران التي تعتقد إسرائيل أنها تطور برنامجاً نوويّاً لتصبح القوة الثانية في الإقليم. وهذه السياسة الإسرائيلية يصفها الفلسطينيون بالغطرسة والتعنت، مبدين تخوفهم من تصاعد اليمين المتطرف الذي يدعو إلى إدارة الصراع بدل السعي إلى تسويته. وفي هذا السياق يقول نبيل شعث، كبير مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس: "لقد تخلى الإسرائيليون عن عملية السلام منذ مدة طويلة"، مشيراً إلى أن "التغير في السياسة الإسرائيلية بدأ منذ انهيار مباحثات كامب ديفيد في عام 2000 عندما أدرك الإسرائيليون أن الهوة بينهم وبين الفلسطينيين كبيرة"، مضيفاً "وقتها قرروا أن التطلعات الفلسطينية عالية ولابد من إنزالها". ولكن مثل هذه السياسة، يقول المراقبون، قد تنعكس سلباً على الدولة العبرية. ويواصل شعث شارحاً التداعيات السلبية قائلاً "يشعر الإسرائيليون بغرور القوة، وذلك يجعلهم يحسون بأنهم غير مضطرين لتقديم تنازلات وبأنهم يستطيعون الاحتفاظ بكل شيء سواء الاستيطان، أو تهويد القدس، أو التحكم في حركة التنقل من غزة إلى الضفة الغربية"! ولكنه توقع ارتداد الثقة الإسرائيلية المبالغ فيها على الدولة العبرية، مشيراً إلى أن هذه الثقة المفرطة نفسها هي التي سادت لدى بعض قادة المنطقة قبل أن تطيح بهم الانتفاضات الشعبية الأخيرة، قائلاً "سيأتي وقت لن يستطيع فيه الإسرائيليون التحكم في الأمور". غير أن الجانب الإسرائيلي يحمّل الفلسطينيين مسؤولية ما آلت إليه الأمور بينهم، وهو ما يذهب إليه نائب رئيس الوزراء، موشي يعلون. ومع ذلك يحذر البعض داخل إسرائيل نفسها من استمرار السياسات الحالية، ومن هؤلاء الباحث "شلومو بروم" في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب الذي يرى أنه "في المفاوضات بين أطراف غير متكافئة في القوة يصبح من الصعب على الطرف الضعيف تقديم تنازلات، وعلى إسرائيل ألا تفرح كثيراً بضعف الطرف المفاوض"، وبالمثل يعتقد "بن أليعازر" أن السياسة الأحادية كانت مبررة في وقتها، ولكن اليوم عليها أن تكون جزءاً من سياسة العصا والجزرة لمنح الفلسطينيين صفقة حقيقية لبلوغ السلام. إدموند ساندرز القدس المحتلة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©