الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيديـــة.. «غنيمة» للأطفال وسعادة للأسرة

العيديـــة.. «غنيمة» للأطفال وسعادة للأسرة
15 سبتمبر 2016 13:44
أشرف جمعة (أبوظبي) العيدية ذلك التقليد الذي يملأ وجوه الأطفال غبطة وبهجة ويملأ وجوه الكبار إشراقاً وفرحاً، تمر السنوات ولا تزال العيدية مصدراً أصيلاً للسعادة العائلية، وفضاء واسعاً من الألفة الإنسانية، يطلبها الصغار دون حرج وينتظرون موكب الأقارب والضيوف في أيام العيد الأولى حين تشتعل الزيارات، وتتلاقى الوجوه، ينتظرون قدومهم حتى تمتلئ جيوبهم بالأوراق النقدية، وكذا الكبار يتلقون أفواج الأقارب على استحياء ليكون نصيبهم من العيدية «الغنيمة» غير قليل أيضاً، ورغم أن العيدية في عيد الأضحى لا تزال تحمل السمات القديمة ذاتها فإنها تختلف عن الماضي من حيث القيمة ورغم ذلك فإنها في كل الأحوال لغة مشتركة للفرحة، وعيد آخر للكبار والصغار على مدى الأيام والسنين فالعيدية هي الأداة التي تكمل فرحة «عيد الأضحى» وأيامه العامرة بالمودة والسعادة الغامرة. جائزة العيد ويقول المستشار التراثي في نادي تراث الإمارات حثبور الرميثي: «العيدية في الإمارات قديماً كان لها طعم آخر فهي كانت جائزة الصغار، وتكريماً للكبار رغم ندرة المال وقلة المورد، لكنها كانت موجودة بين الناس، توزع في أثناء الزيارات المنزلية حيث الأطفال قديماً يتبارون فيمن يجمع أكثر من الآخر، خصوصاً وأن الزيارات قديماً كانت جماعية إلى البيوت يتقدمها الأكبر سناً فالأكبر ويمر جموع الرجال من بيت إلى بيت ويحرص الأقارب على أن يكون لكل بيت نصيب من تلك الزيارة حتى تكتمل الفرحة وهو ما كان يدفع الجميع إلى تقديم العيدية إلى الأطفال خاصة، سواء الأقارب والجيران، وفي الأحياء القريبة وكان الأطفال يرددون نشيداً من الموروث الشعبي «عطونا عيدية». أجمل المظاهر ولفت إلى أن الكبار أيضاً كان لهم نصيب من هذه العيدية الزهيدة بعض الشيء فكان الأشقاء الكبار يعطون أخواتهم المتزوجات، والأخوال والأعمام يعطون البنات وكان الأب يغمر أبناءه بهذا التقليد الذي يعد من أجمل مظاهر العيد، ويشير إلى أن الدنيا تطورت وتطور معها قيمة العيدية التي أصبح للجميع نصيب منها، وربما لم يعد يتباهى الأطفال في هذا العصر مثل أقرانهم في الماضي بما حصله كل واحد منهم لكون قيمة العيدية اختلفت فأصبح الكبار يغدقون على الأطفال المال وقد يحصل الطفل الواحد في نهاية موسم العيد على آلاف الدراهم. فرحة تكبر ويذكر مرشد الرميثي أن الحياة قديماً على بساطتها لم تكن تمنع من وجود العيدية بين الناس حتى وإن كانت قليلة جداً لكنها كانت فرحة ما بعدها فرحة لمن يحصل عليها، ويلفت الرميثي إلى أنه يتذكر أنه منذ أكثر من أربعين سنة حين كان شاباً يعيش هذه الأجواء ويذهب مع الرجال في جماعات لزيارة الأهل والجيران وكان هؤلاء الرجال يخرجون من جيوبهم مبالغ نقدية زهيدة جداً تذهب إلى الأطفال الصغار الذين كانت تتسع فرحتهم ويشعرون بأن العيد هو موسم الكرم الذي تكثر فيه العيدية ويتفق الجميع على أنها من أهم المظاهر التي تسعد هذه الفئة الصغيرة. أطفال أغنياء ويشير إلى أنه كان يمنح العيدية الصغارَ وبعضَ أقاربه الكبار، خصوصاً الفتيات والنساء، وهو ما كان يشعرهم بالسعادة والفرح ويجعلهم في حالة من الغبطة بما يتماشى مع طبيعة الأعياد، ويرى أن العيدية في هذا العصر أصبحت كبيرة في الغنيمة على غرار الماضي، إذ إن الأطفال لا يقنعون إلا بالأوراق النقدية الكبيرة وأصبح يشجع على ذلك أفراد المجتمع في مظهر جديد يجعل بعض الأطفال في أيام العيد هذه أغنياء نسبياً. ذاكرة شعبية ويذكر الباحث التراثي أحمد مرشد أنه في الماضي كان الكبار يقدمون العيدية إلى الصغار عبارة عن الروبية أو الآنة والبيزة حيث كانوا يطوفون الفريج من أوله إلى آخره للحصول عليها من أقاربهم لافتاً إلى أن البنات الصغيرات كن يحصلن على العيدية أيضاً من الأخوال والأعمام وفي هذه الأثناء كانت تنصب «المريحانة» في ساحة الفريج وكانت تعم مظاهر الفرح والبهجة بقدومه ولم تكن العيدية أمراً عادياً ومجرد تقليد اعتاده الكبار كواجب تجاه الصغار لكنه كان مظهراً أصيلاً يزداد تألقاً في العيد وهو ما يبعث وجودَ علاقة فيها الكثير من الرحمة والمودة بين أبناء المجتمع الإماراتي الذي كان ولا يزال يحتفظ بهذا المظهر الأصيل في مثل هذه المناسبة الدينية المتوهجة في الذاكرة الشعبية. إظهار الحفاوة ويبين أحمد مرشد أن العيدية لم تختلف في هذه الأيام عن الماضي من حيث مستوى البهجة المرتبطة بها وكونها تدخل السعادة في نفوس الكبار والصغار لكن لا يختلف أحد في أن قيمتها اختلفت ولم يعد الأطفال يقنعون بـ 100 درهم مثلاً ويرى أن الذي رفع قيمة العيدية في هذا العصر هو رغبة بعض الكبار في إظهار الحفاوة بمن هم أصغر منهم وهو ما أصبح تقليداً بين الناس أيضاً مع مرور السنين ويؤكد الرميثي أن الطفل قديماً عندما كان يحصل على عيديته فهو كان يذهب لشراء الحلوى ربما من أطفال مثله تفننوا في صناعة أنواع من الحلوى ويجلسون ليبيعوها في الفريج ورغم أن هذا المظهر كان نادراً جداً فإن أحلام الأطفال كانت بسيطة وتقترب من مستوى وقيمة العيدية التي يحصلون عليها فضلاً عن أنه في البيت الواحد وبين أبناء الجيران أيضاً كان يتباهى كل طفل بما حصل عليها من عيدية مشيراً إلى أنه في الوقت الحالي لم يعد يحدث ذلك التباهي لأن الأطفال غالباً ما يحصلون على مبالغ كبيرة في هذه الأيام القليلة التي تصاحب الاحتفال بعيد الأضحى المبارك. تبادل التهاني ولا يخفي إبراهيم المرزوقي أنه في كل عيد يترك أطفاله على هواهم إذ إنهم بعد أن يحصلوا على العيدية يختار كل واحد منهم الطريقة التي يمكن أن يستفيد بها منها، لافتاً إلى أن البنات يرغبن في غالب الأحيان في شراء الذهب أما الأولاد فلا يخفون رغبتهم في شراء الأجهزة الإلكترونية الحديثة وبعض الألعاب ورغم ذلك فإنه تتبقى بعض المبالغ المالية معهم ويلفت إلى أنه لا يزال يتذكر ذلك الماضي البعيد الذي كان فيه طفلاً يطوف على بيوت الأقارب ويلتقيهم ويسلم عليهم وفي المقابل كان يحصل على جائزته التي تتمثل بالعيدية ويرى أنه كان محظوظاً حيث كان يجمع أكثر من إخوته ربما لأنه كان أكبرهم أو لأنه لم يكن يهاب مجيء الكبار وإقبالهم عليه فكان يسلم عليهم بشجاعة ويبادلهم التهاني برجولة على حد قوله ويشير إلى أنه شتان ما بين العيد قديماً والعيد حديثاً فهو يشعر بأن الفريج بشكله القديم كان يؤصل تلك العلاقة الحميمية بين الجميع ويجعل للعدية طعماً لأنها كانت تأتي أحيانا بكد واجتهاد من الطفل أو الصبي. سلسلة ذهبية اعتادت الطفلة إيمان عبدالرحمن الحصول على عيدية كبيرة كل عام من أقاربها وعائلتها بوجه عام وهي تحاول استثمار هذه العيدية في شيء نافع ونظراً إلى ارتباطها الوثيق بوالدتها فإنها تدخر جزءاً من هذه العيدية معها إذ إنها تنوي في عيد الأضحى من هذا العام أن تشتري سلسلة ذهبية تعلق فيها حروف اسمها خصوصاً وأن سلسلتها القديمة أصابها العطب وتشير إلى أنها تسعد كثيراً بالحصول على عيديتها من الأهل إذ تشعر بأن مثل هذا التقليد هو نوع من الاحتفاء بالصغار وتكريم أيضاً للكبار وأن العيدية جزء مهم لا تكتمل فرحة العيد من دونه. زمن قديم ويورد علي الزعابي أن لديه ثلاثة أولاد وبنتاً واحدة، وفي كل عيد يجمعهم بعد أن يحصل كل واحد منهم على عيديته ويقترح عليهم أن يشتروا ما يفيدهم وأن يدخروا من هذه المبالغ إذ إنه يحثهم على الادخار ويشير إلى أنه منذ ثلاث سنوات تقريباً وهو ينتهج معهم هذا الأسلوب حتى أصبح لديهم القدرة على التفكير في كيفية الاستفادة من مثل هذه المبالغ التي قد تتخطى لأحدهم عشرة آلاف درهم وبعضهم يزيد كثيراً على هذا المبلغ ويتعجب الزعابي من هذا العصر الذي يتنعم فيه الأطفال بمثل هذه المبالغ التي لم تكن متاحة لجيله في زمنهم القديم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©