الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شهادة الرجل بامرأتين في المعاملات المادية رحمة بالنساء

شهادة الرجل بامرأتين في المعاملات المادية رحمة بالنساء
2 مايو 2013 21:59
استنتج بعض الفقهاء من قول الله تعالى «واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان»،282 سورة البقرة، أن شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل، واتخذ خصوم الإسلام هذا الأمر ذريعة لاتهام الإسلام بظلم المرأة والانتقاص من شأنها، وهو الأمر الذي ينفيه علماء الدين، موضحين أن الشهادة لا تتخذ من الذّكورة والأنوثة معياراً لها، بل تعتمد على البينة. أحمد مراد (القاهرة) - الإشهاد الذي تقصده الآية القرآنية، خاص بالمعاملات المادية، وليس في هذا تفضيلاً للرجل على المرأة، لأن تحمل الشهادة فيه عبء وعناء ومشقَّة، وقد جعل الإسلام شهادة المرأتين مقام شهادة رجل واحد في بعض القضايا من باب التخفيف عن المرأة لا من باب الانتقاص من قدرها، وهو ما يؤكده أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية الدكتور محمد كمال إمام، في قوله إن مقولة «شهادة المرأة تعادل نصف شهادة الرجل» ملتبسة وغير دقيقة، ومعارضة للقاعدة العامة في الشريعة الإسلامية في المساواة في الحقوق والواجبات بين الجنسين إلا ما استثني بنص صريح لاعتبارات تتعلق بالعدالة وبقاعدة «الغُنم بالغُرم»، وجاءت هذه المقولة في إطار استنتاج خاطئ من آية المداينة، وهي الآية رقم 282 من سورة البقرة، وفيها يقول الله تعالى «واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى». استنتاج وأضاف: استنتج البعض من الآية أن شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد، لكن هذا الاستنتاج الذي اعتمده بعض الفقهاء، وسار عليه القضاء الإسلامي على مر التاريخ ليس قطعياً، بمعنى أنه يحتمل النقاش، وكان ابن تيمية أول من جادل الجمهور في هذا الاستدلال، فقال: القرآن لم يذكر الشاهدين والرجل والمرأتين في الطرق التي يحكم بها القاضي، إنما ذكر هذين النوعين من البينات في الطرق التي يحفظ بها الإنسان حقه، فأمرهم في الآية بحفظ حقوقهم بالكتاب، ثم أمر ولي الحق أن يستشهد على حقه رجلين، فإن لم يجد فرجلاً وامرأتين.. إلى أن قال: كل هذا نصيحة لهم وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم. وختم ابن تيمية كلامه باستنتاج رائع فقال: وما يحفظ به الحقوق شيء، وما يحكم به القاضي شيء آخر، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهدين والرجل والمرأتين، فما معنى هذا الكلام؟.. معناه أن هذه الآية واردة في «شهادة التحمل» أي حفظ الحقوق لا في «شهادة الأداء» أمام القاضي، ومعناه أن للقاضي أن يقبل شهادة امرأة واحدة، فالآية لا تقطع بأن شهادة امرأتين تعادل شهادة رجل واحد عند القضاء. التساوي بين الشهادتين ويذهب الشيخ المدني - والكلام للدكتور كمال إمام - إلى أبعد من ذلك، إذ يستنتج من نفس هذه الآية التي استنتج منها الجمهور التفرقة بين شهادة الرجل والمرأة ما يفيد التساوي بين الشهادتين، فيقول: وقد يؤخذ الدليل على هذا التساوي من الآية نفسها، إذ هي تفرض أن إحدى المرأتين قد تضل أي تنسى فتذكرها الأخرى، وإذن، فالاعتماد عند الحاكم هو على شهادة الأخرى التي ذكرت صاحبتها، أي أن الأمر قد آل إلى الحكم بشهادة رجل واحد وإحدى المرأتين في الواقع، وإذا تساءل البعض: لماذا ارشد القرآن الدائن إلى إشهاد امرأتين ورجل لحفظ حقه؟، فإننا نجيب على ذلك بالقول: الموقف هنا موقف احتياط ومبالغة في الضمان، ولما كان شأن المرأة في المجتمع الإسلامي يختلف عن شأن الرجل، إذ يغلب أن يكون هو المتعامل الذي يبيع ويشتري ويضرب في الأسواق. أما المرأة، فالشأن الغالب عليها أنها منشغلة بشؤون أخرى، وقد لا يحفظ ذهنها كثيراً من صور المعاملات وملابساتها، فهذا مظنة لنسيانها، لذلك أرشدنا القرآن إلى طلب امرأة أخرى عند الاستيثاق، وتحمل الشهادة لتؤازرها، فإن ما يحتمل أن ينسى من واحدة بنسبة النصف مثلا يقل احتمال نسيانه إذا انضمت إلى الواحدة ثانية، ولا ينبغي أن يعد هذا الأمر انتقاصا للمرأة. مكانة المرأة وحول مكانة المرأة في الإسلام، يقول عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة: الإسلام لا يقلل من شأن المرأة، ولا ينتقص من مكانتها، ولا يتصور مثل هذا الأمر في دين جاء للناس كافة ونادى بالمساواة، ولقد كانت المرأة أول من أقبل على هذا الدين الذي أنصفها وكرّمها وحررها من الجهالات والتقاليد اللاإنسانية، وقال صلى الله عليه وسلم: «النساء شقائق الرجال»، وجعل الإسلام للأم 3 حقوق في مقابل حق واحد للأب، وجاء الدستور الخالد، كتاب الله عز وجل، يخاطب الرجل والمرأة على حد سواء (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فكيف إذن يظلم الإسلام المرأة، وهي التي حظيت بالرعاية الفضلى والمعاملة الأرقى لدى الرسول صلى الله عليه وسلم. تقدير وعن تقدير المرأة في الإسلام، أوضحت أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الدكتورة إلهام شاهين أن الإسلام كرم المرأة وأعطاها حقوقاً لم تنلها في الشرائع السابقة، وجعلها شريكة للرجل في الحياة، وقد جعل الله عز وجل لكل منهما طبيعة جسدية، خاصة تتناسب مع الوظائف المطلوبة منه، وسوى بينهما في الأوامر الشرعية، مشيرة إلى أن الشهادة لا تتخذ من الذّكورة والأنوثة معياراً لها، بل تعتمد على البينة، أما الإشهاد الذي تقصده الآية القرآنية فهو خاص بالمعاملات المادية، وهو أمر يحتاج من الشاهد أن يكون مختلطا بالمجتمع، والمرأة في الغالب ليس لها علاقة بمثل هذه المعاملات، لذلك، فهي معرضة للنسيان لعدم انشغال ذهنها بها، وانصراف اهتمامها إلى تدبير شئون بيتها، فإذا ما اضطرَّت الأمور إلى شهادة المرأة في هذه المعاملات مع رجل واحد فقط، فلتكن معها امرأة أخرى، وهذا الأمر ليس فيه تفضيل للرجل على المرأة، لأن تحمل الشهادة فيه عبء وعناء ومشقَّة، وقد جعل الإسلام شهادة المرأتين تقوم مقام شهادة رجل واحد في بعض القضايا من باب التخفيف على المرأة لا من باب الانتقاص من قدرها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©