الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

البندورة.. عيد شعبي في قرية «تل عرن» السورية

البندورة.. عيد شعبي في قرية «تل عرن» السورية
13 يوليو 2010 20:53
تباهى مؤخراً عدد كبير من المزارعين والشركات الزراعية بعرض نماذج من إنتاجهم لهذا العام من ثمار البندورة “الطماطم” أمام الجمهور في قرية تل عرن شمال سوريا، إلى جانب أصناف من البذار والآلات الزراعية والمبيدات الحشرية، وقام بعض سكانها بنشر ملصقات عن البندورة في كل مكان. وتنظم مهرجان البندورة السوري كل من غرفة الزراعة وكلية الزراعة في جامعة حلب، بهدف تحقيق التواصل الاجتماعي والمهني بين المنتجين والفعاليات الاقتصادية والعلمية، لتطوير زراعة هذا المحصول، وتقديم الدعم المعنوي والإرشاد للفلاحين. أصبح للبندورة عيد في سوريا! تماماً كالمهرجانات التي تقام لها في عدد من مدن العالم، حيث احتفلت قرية “تل عرن” في منطقة السفيرة التي تبعد حوالي ثلاثين كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حلب السورية بمهرجان البندورة السنوي، الذي تقرر إقامته في أوائل شهر يوليو من كل عام. تباهى عدد كبير من المزارعين والشركات الزراعية بعرض نماذج من إنتاجهم لهذا العام أمام الجمهور، إلى جانب أصناف من البذار والآلات الزراعية والمبيدات الحشرية، وتوزعت ملصقات المهرجان في كل مكان، وفاحت رائحة البندورة في أرجاء القرية، بينما ارتدى الأطفال قمصاناً مرسوما عليها حبات بندورة كبيرة، وأقيمت احتفالات موسيقية وعروض فنية عديدة، احتفاء بهذه الثمرة التي تعد المحصول الرئيسي في هذه القرية. ويفاجأ الزائر للمعرض بعرض حبات من البندورة ذات الحجم الكبير يصل وزن بعضها إلى كيلو غرام واحد، وهناك عشرة أصناف مختلفة منها، تمثل أجود أنواعها في سوريا على الإطلاق، حيث تدعم زراعتها طبيعة المناخ والتربة ومهارة الفلاح الذي ورث هذه الزراعة أباً عن جد. وينظم مهرجان البندورة السوري كل من غرفة الزراعة وكلية الزراعة بجامعة حلب، بهدف تحقيق التواصل الاجتماعي بين المنتجين والفعاليات الاقتصادية والعلمية، لتطوير زراعة هذا المحصول، وتقديم الدعم المعنوي والإرشاد للفلاحين، ويأمل القائمون عليه أن يجتذب إليه في السنوات القادمة الفلاحين من جميع المحافظات السورية. حول العالم يرفض المزارعون السوريون حتى الآن تقليد مهرجانات البندورة التي تقام في مدن وبلدات أخرى في العالم، حيث يتم التراشق بحبات البندورة خلال الاحتفال، ويعتبرون ذلك نوعاً من الترف الاستهلاكي. يقول في ذلك أبو محمد- مزارع: “كيف يمكن لنا أن نتراشق ونلهو بمحاصلينا التي بذلنا في زراعتها جهداً كبيراً لأيام طويلة، وأنفقنا على زراعتها الكثير؟. ويضيف: “أنا شخصياً أفضل أن أطعم جائعاً على أن أفسد قرص بندورة واحد بمثل هذا النوع من المرح غير اللائق”. لكن مهرجانات البندورة في إسبانيا وكولومبيا والصين وكوريا وغيرها من دول العالم تعدّ تقليداً سنوياً يحتفل فيه المزارعون والناس بمواسم هذه الثمرة، ويقال إن “أول مهرجان للبندورة أقيم في بلدة بونيول في إقليم بلنسية الإسباني، بعد أن أفضى شجار جماعي في سوق الخضار عام 1945 إلى تراشق المزارعين بهذه الثمرة، ليتحول هذا الشجار إلى لهو ومرح، ويصبح فيما بعد عيداً سنوياً للبندورة يقام في الأربعاء الأخير من شهر أغسطس، يشارك فيه عشرات الآلاف من الشبان والشابات، حيث تأتي الشاحنات محملة بأكثر من مئة ألف كيلو جرام من البندورة إلى ساحة المهرجان، ويبدأ الناس بالتراشق بها، في معركة طاحنة، حتى يتلون كل شيء بالأحمر، وتتحول الساحة إلى بركة كبيرة، تصب فيها أنهار من العصير! يأتي الناس في كولومبيا من كل أنحائها إلى العاصمة بوغوتا، ليشاركوا في المعارك الضارية بحبات البندورة، حيث تطلق رشاشات المياه إعلاناً ببدء الهجوم، بينما يرتدي الجميع نظارات لحماية العيون، ومع بدء المعركة يصبح كل متراشق في موقف الدفاع عن نفسه، ويصبح الجميع أهدافاً محتملة، ومن القواعد المتبعة أن يتم عصر حبات البندورة قبل قذفها، لكي لا تتسبب بإصابات بليغة للمتراشقين. مهرجانات مختلفة ويذكر المزارع نديم حمدو (أبو حسين) بأن هذا الشجار: “وقع أيضاً في قرية تلعرن ذات يوم، عندما اصطدم بعض المزارعين مع الشرطة خلال عمليات نقل المحاصيل من الحقول إلى وسط البلدة، فما كان من أحد المزارعين إلا أن تناول حبة بندورة كبيرة وقذفها باتجاه أحد أفراد الشرطة، وهكذا دخل الجميع في عراك طويل بحبات البندورة الطازجة، حتى اختلط الحابل بالنابل وتلون الجميع بالأحمر، فاستحالت معرفة من هو المزارع ومن هو الشرطي”. ويضيف أبو حسين: “تبقى هذه حادثة، ولم تتحول إلى تقليد، كما حدث في بلدة بونيول الإسبانية”. اكتشفها كولومبوس! كانت هذه الثمرة قد غزت العالم القديم مع شقيقتها البطاطا بعد اكتشاف كولومبوس لأميركا، لتصبحا عنصرين أساسيين في الوجبات اليومية لمعظم سكان العالم، حيث انتقلت البندورة من أميركا الجنوبية إلى أوروبا في القرن السادس عشر على أيدي الرحالة الإسبان، وأطلق عليها في فرنسا اسم تفاحة الحب. ثم انتقلت من أوروبا إلى أميركا الشمالية في القرن الثامن عشر، وقد تأخرت البندورة كثيراً حتى نالت شهرتها وإقبال الناس عليها، فقد كان يسود اعتقاد بأنها سامة نظراً لشبهها ببعض الباذنجانيات السامة، وبقيت على هذه الحال حتى منتصف القرن التاسع عشر، عندما بدأت زراعتها على نطاق واسع في الولايات المتحدة، ولم يعرفها العرب حتى أواخر القرن التاسع عشر مع شقيقتها البطاطا (وجواباً عن سؤال قد يتبادر إلى ذهن البعض، عن سبب عدم إقامة مهرجان للبطاطا، كما هو الحال مع البندورة، فالجواب لا يحتاج لكثير من التفسير والشرح، فالتراشق بالبندورة ألطف بكثير). لا يعرف أحد بعد إن كان عيد البندورة في سورية سيتحول إلى مهرجان شعبي يعم القرى والمدن الأخرى! لكن يبدو أن انطلاقته من بلدة “تلعرن” يبشر باحتمالات انتقاله إلى غيرها بالعدوى. ويرى البعض أن إقامة عيد للبندورة في سورية تقليد لاحتفالات البندورة التي تقام في عدد من مدن العالم، تماماً كما تم استيراد عيد الحب وصار احتفالاً شعبياً لا يستطيع الزوج أو الشاب أن يتملص من مستحقاته وواجباته، في عالم يتحول يوماً بعد يوم إلى قرية كونية صغيرة، إلا أن البعض الآخر يعتبر أن عيد أو مهرجان البندورة مازال يأخذ طابعاً إنتاجياً أكثر منه عبثياً، ويبدي هؤلاء تخوفهم من تطور هذا الأمر باتجاه تقليد أعياد البندورة الأخرى، ليتم التراشق بهذه الثمرة بدلاً من أكلها، في وقت يتضور الملايين جوعاً في آسيا وإفريقيا!
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©