الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

ثقافة الموروث التي تنمي الأفكار المتطرفة هي السائدة

7 سبتمبر 2016 22:52
ظافر جلود (دبي) ناقشت الجلسة البحثية الثالثة التي أقيمت على هامش اجتماعات الأمانة العامة للأدباء والكتاب العرب، والمقامة حاليا في فندق البستان روتانا في دبي، موضوع (السياسات الثقافية في الوطن العربي)، وشارك فيها: د. يوسف ربايعة من الأردن، ناجح المعموري من العراق، بدر بن سالم بن حمدان العبري من سلطنة عمان، د. سيف الجابري من الإمارات، وقدمها الدكتور ربحي حلوم من الأردن، واستغرقت اكثر من ثلاث ساعات من النقاش بين المحاضرين والجمهور.وأكد د. يوسف ربايعة أن أهمية السياسات تكمن في كونها أصبحت القوة التي تربط الثقافة بالتنمية وأنها مرهونة بعد اليوم بالتفاعل المتناغم داخل الجماعات والأفراد، لافتاً إلى أن السياسات الثقافية ترمي في الوقت الحاضر إلى صون التنوع الثقافي وتعزيزه بشتى أشكاله التراثية منها والمعاصرة، وهي تستند - في ذلك - إلى أداة معيارية وضعتها اليونسكو تستوعب اهتمامات قطاع الثقافة بأكمله، ومن هنا، يقول ربايعة، أصبحت هذه السياسات جزءا من التخطيط العام في الدول ومؤسساتها. وجاء هذا التدخل بعد أن صارت الثقافة مطلبا تنمويا يحتاج إلى أهداف واستراتيجيات وترصد له الاستثمارات المالية والمادية والبشرية اللازمة. فتّش عن المال وقال ربايعة إن السؤال الذي يمكن طرحه بعد البحث في أهمية تمويل الثقافة وما له من تأثير في تنمية المجتمعات وتغيير أنماط تفكيرها هو: هل لدى الدول العربية سياسات ثقافية واضحة وخطط لتطبيقها؟ وأضاف: هذا السؤال يتعدى الحديث عن مبادرات خاصة وشخصية قد تقوم بها بعض الحكومات، إلى كونه سؤالا جذريا يتعلق بنظرة هذه الحكومات التي تخصص ميزانيات بأرقام فلكية للأمن ـــ مثلاً ـــ ولا تلتفت كثيرا إلى الأمن الاجتماعي القائم على النظرة الشمولية لمفهوم الأمن، وهي نظرة تعتبر الثقافة أحد ركائزها الأساسية. واللافت في ما قدمه د. ربايعة أنه قام بمقارنات موجزة لميزانيات الثقافة في مصر، الجزائر، المغرب، الأردن، تونس، موضحا بالأرقام المبالغ المصروفة على المؤسسات والمثقفين والكتاب، وإشارته إلى أن ميزانيات الثقافة في الدول العربية لم تحظ بأي زيادة خلال السنوات الخمس الأخيرة كما تظهر التقارير التي قامت بها مؤسسة المورد الثقافي. وفي ختام ورقته يلاحظ ربايعة غياب السياسات الوطنية الرؤيوية مما يؤدي إلى ضمور الصناعات الثقافية، التي يمكن أن تدر أموالا وتؤمن مداخيل مجزية كفيلة بخلق المناخ الثقافي والفكري والفني في المجتمعات العربية. هكذا يحدث العنف الباحث والكاتب ناجح المعموري رئيس اتحاد الكتاب والأدباء في العراق، قدم ورقة مهمة أثارت الجدل الطويل بين الحاضرين، ويمكن القول إنها بمثابة تفسير للكيفية التي يُربّى فيها العنف، حيث قال: الثقافة هي كل ما تعارفت عليه الجماعة موروثا لها من العادات والتقاليد والإرث الروحي المتمتع بأهمية كبيرة، ويعطي حياة الفرد مغزاها الإنساني، وهي التي تميز شعبا من الشعوب، كذلك هي القبول بتداول الأشكال الرمزية والعلاقات والإشارات الواحدة بين الجماعات، لذلك فإن الثقافة هي رؤية شاملة للعالم بمستوى أو بآخر، تتجلى أو تتجسد فرديا ومجتمعيا في المفاهيم والقيم وظواهر السلوك المتنوع، فالثقافة حصرا هي الخصوصية الإنسانية. ويشير المعموري إلى أن التخندق أمام ووراء الموروث كامن في أعماق الذات الجمعية، إلا أنه يستيقظ في لحظة من اللحظات ويصير قوة لا يستهان بها تساهم في خلق نوع من الصراع والعنف، ثم يتعمق شيئا فشيئا مدعوما من قبل الآخر لزعزعة وتفكيك قيم راسخة، لذلك علينا كمثقفين وكتاب أن نساهم بشكل كبير وملحوظ في صياغة تصورات الأفراد منذ وقت مبكر، ولا نترك الفضاء حرا مفتوحا للآخر للعب في حياتنا الخاصة، والشواهد على ما أعني هو الحاصل بعد «الخريف العربي». ويرى الدكتور سيف الجابري أن الوطن العربي استلهم ثقافته من تاريخه العريق ومورثه الثقافي المستمد من القرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال العلماء على مختلف مناهجهم الثقافية، والتي بنت علاقات قوية مع غيرها، وزادت رسوخا وعلوا وأصبحت جزءا من ثقافات الشعوب التي كانت تتطلع إلى مكانة الثقافة العربية في فترة النهوض الحضاري العربي الإسلامي، حيث حققت الحضارة العربية وقتها العالمية من خلال نشرها للعلم والمعرفة في الطب والرياضيات والفلك إلى غير ذلك من العلوم التي تميزت بها وأصبحت منارة وصرحاً استفاد منه العالم. وأضاف الجابري، أن أهم الأسباب التي تؤدي إلى انحراف سبل تعزيز دور الثقافة في المجتمع تنبع من: الانحراف عن مصادر التلقي الأصيلة، الاختلاف العقائدي وفرقة الأمة، التعصب المذهبي والجمود الفكري، الجهل وقلة العلم، الانحراف السياسي، كثرة البدع والخرافات، لذلك فإن الحديث عن السياسات الثقافية في الوطن العربي يحرك بوصلة الفكر في اتجاه توسيع مساحة الخارطة الذهنية العربية في ذهن كل عربي، ويستدعي العناية بالتنوع الثقافي بين أقطار الدول العربية. وتناول الباحث العماني بدر بن سالم بن حمدان العبري موضوع الثقافة العربية والحراك الاجتماعي، لافتاً إلى أن العلاقة بين المثقف والسلطة ما تزال موضع جدل، فهناك من يرى ضرورة إبعاد المثقف عن السلطة خاصة بعد 2011 حيث أصبحت السياسة طاغية على كل شيء، وهي الوضعية التي أدت إلى انغماس النخب في مستنقع السياسة، لذا يرى هذا الفريق وهو الأكثر أن الخطر يكمن في خلط العامل الثقافي بالسياسي، لا لأن العاملين يشتغلان بآليَّتين مختلفتين وحسب، ولا لأنهما يتحركان في مستويات قد تتداخل أحيانا، لكنها لا تتطابق في الغالب، بل لأن الاستراتيجيات الثقافية شيء ومناورات السياسة شيء آخر. ويضيف العبري: «يعرف بعضهم التطرف بالمغالاة السياسية أو الدينية أو المذهبية أو الفكرية ويعتبرونه أسلوبا خطرا مدمرا للفرد والجماعة، وفي اللغة، المبالغة والإفراط وتجاوز حد الاعتدال، واليوم تعاني المجتمعات الشرقية وخاصة العربية من تطرف ديني ناتج من موروث سابق أدخل الفكر إلى الفكر كدين، حيث تعود مشاكله إلى غياب القيم لهذا الموروث والناقد له، وفي الوقت نفسه يعود إلى قراءة القيم ذاتها قراءة استعلائية فردية مذهبية مع أن الله تعالى نهى عن تزكية الذات واستعلائها، لذا من أهم مظاهره التعصب للذات وعدم الاعتراف بالآخر أو إلغاء الآخر وتصفيته فكريا، وقد يستغل الجانب الشعبي والمجتمعي كقاعدة في إلغاء الآخر وقد يتعرض للتصفية الجسدية». ويختم العبري ورقته قائلا: «هذه العوامل مجتمعة ستؤثر على الجانب الثقافي ووضعية المثقف من جهة انسياقه مع هذه الموجه أو صموده مع المبادئ العامة للثقافة ليسير في طريق التنوير والتغيير والإصلاح».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©