السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نصري حجاج: «كما قال الشاعر» هو محمود درويش

نصري حجاج: «كما قال الشاعر» هو محمود درويش
30 ديسمبر 2009 21:22
قال المخرج الفلسطيني نصري حجاج، صاحب فيلم “كما قال الشاعر” الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان دبي السينمائي الدولي الذي اختتم مؤخرا: إن فكرة الفيلم أساسا هي أنني احتفاء بالشاعر محمود درويش وتعبيرا عن فقْده. فقد أحسست كما لو أنه بموته قد فقدته أنا شخصيا؛ كما لو أنه انزلق من بين يدي. لقد كنت تحت تأثير صدمة عاطفية كبيرة جدا فأحببت أن أصنع فيلما عن هذا الإحساس، لكن لم أكن أحب أن أصنعه بطريقة كلاسيكية”. أضاف: “لم أرد لأحد أن يتحدث عن محمود درويش غيري بل ينبغي أن أتحدث أنا عنه، وأريد في الوقت نفسه الخروج عن الأفلام النمطية التي تتناول الأشخاص حيث الحديث عن الذين رحلوا ليس بالضرورة أن يكون حقيقيا وإنما متخيلا أيضا، وتعوزه الصدقية والدقة في الرواية”. وأضاف: “سألت نفسي: ما الذي يجعل المرء يشعر بالإحساس بفقد محمود درويش فوجدت أنها الأمكنة التي ارتادها سواء مكتبه في رام الله في مجلة الكرمل في مركز خليل السكاكيني الثقافي، ومكتبه في بناية مركز الأبحاث الفلسطينية في بوصفه رئيسا لتحرير مجلة “شؤون فلسطينية”، ثم إنه قد قرأ مطارح كثيرة بل ومناف كثيرة في حياته مثل مسرح الأوديون في باريس وفي المسرح البلدي في تونس وفي مدرج جامعة دمشق والمدرج الشمالي في جرش، عودة إلى قصر رام الله الثقافي وهكذا، وذلك فضلا عن أنه قد عاش في هذا البيت وذاك، وأحب هذا المكان وذاك وهذه المدينة أو تلك، فتبلورت الفكرة بالشكل التالي: وهي أن أصور المسارح التي قرأ فيها فارغة بحيث أنه قد ترك صوته موجودا هنا”. وتابع حجاج: “لكن ثمة خراب ما، فبناية مركز الأبحاث في بيروت آيلة للسقوط بطوابقها الثمانية، ثم أدري أن هناك شعراء ومثقفين من كل العالم يحبون شعر محمود درويش فبحثت عن عدد من الشخصيات العالمية وقمت بتصويرهم فيما يقرأون صوت محمود درويش بلغاتهم، وبالتالي التعبير عن البعد الإنساني لشعر محمود درويش وأين وصل هذا الشعر كونيا. ومن هذه التوليفة كلها صنعت هذا الفيلم تعبيرا محبتي وفقْدي لمحمود درويش معا”. وفيما يتصل بالفقْد من حيث أنه ثيمة أساسية في صنيعه السينمائي مثل “ظل للغياب” الذي يطوف فيه صاحبه خلف الفلسطينيين في قبورهم في أماكن عديدة من العالم، من أميركا اللاتينية وحتى فييتنام، قال نصري حجاج: “إن الفقْد جزء من شخصيتي ومن تكويني النفسي والإنساني. لقد ولدت في مخيم عين الحلوة في لبنان وهناك عرفت أنني فلسطيني فتربيت وأنا أسمع حكاية أهل وأرض وخيل وزرع في فلسطين لكني لم أرها مطلقا. فكان فقْد المكان موجودا دائما ولم أكن يوما مواطنا بل لاجئا في كل مكان ذهبت إليه”. وزاد: “لثماني وعشرين سنة عشت في المخيم ثم تنقلت في بلاد كثيرة وأقمت في بريطانيا سبع سنوات ثم منعت من دخولها لثلاث وعشرين سنة، ورفع الحظر قبل شهور، وهذا فقْد أيضا لمكان درست فيه وتثقفت فيه وعرفت فيه أشياء كثيرة. إن الإحساس بالفقْد هو جزء من الحياة الفلسطينية لكنّ الإحساس به يتفاوت باختلاف الأشخاص”. وعن أنّ تحويل هذا الإحساس بالفقْد ليصير إبداعا، هو الفكرة الأساسية ل”كما قال الشاعر” أوضح نصري حجاج: “أشعر بأنني نجحت في التعبير عن هذا الإحساس، لأنني عشته واقعيا وانبنت تجربتي وفقا له”. وقال في هذا السياق: “أنا أعبّر عن نفسي أولا لكنّ ذاتي ليست منفصلة عن الروح الإنسانية والاجتماعية والسياسية والتاريخية للشعب الفلسطيني، ما يعني أنني لست منفصلا عن شرطي التاريخي. لقد تربيت في مخيم وتكوّنت نفسيتي في هذا الواقع، فنفسي هي ذاتية وموضوعية، إنما نتيجةً لشيء ما أو نتيجةً لجهدي الخاص فقد استطعت أن أعبر عن هذا الواقع. بالتالي عن الذات التي تخصني والتي هي ليست ذاتا تجريدية بل واقعية تماما. لذلك فعندما كنت أقرأ قصيدة لمحمود درويش كنت أشعر بأنه يتحدث عني أنا؛ عن نصري حجاج شخصيا، ثم ذهبت أكثر من ذلك فيما بعد فصرت أشعر بأن ما يكتبه محمود درويش هو ما أكتبه أنا وأعيش فعليا في كل حرف ومعه”. وأوضح: “دعني أقول شيئا أيضا فقد قمت باختيار القصائد التي قرأها أصدقاء محمود درويش في العالم، بل قمت بتحريرها أي أنني قمت بتقديم جمل وتأخير سواها، أي أنني أعدت قراءته تماما”. “إن الفيلم هو محمود درويش بحسبي أنا”. بهذا ختم نصري حجاج حديثه ل”الاتحاد الثقافي”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©