الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتحية بحري: التطريز علمني التحدي

فتحية بحري: التطريز علمني التحدي
5 مايو 2011 19:41
على الرغم من دخول الآلات والتكنولوجيا الحديثة، إلا أن سحر العمل اليدوي التقليدي يمثل حالة تفرد بذاته، فالأنامل المحبة له، تستمر بالعطاء ولا توقفها الآلات، لتعكس أعمالاً تأصلت فيها فنيات العمل الحرفي، الذي جمع بين عبق التاريخ والذوق الفني بأساليب آسرة. لا يزال فن التطريز الذي امتهنته المرأة قديماً، مستمراً بين محبيه، حيث تواصل السيدات عبره نشر إبداعهن وتمسكهن بالحرفة إلى إبهار من حولهن. فتحية بحري إحدى اللواتي استهواهن التطريز، نجدها حاضرة في كثير من الفعاليات المجتمعية، تفترش الأرض منكبة على فنها الذي احتضنته بكل حب وشغف، علها تنهي عملها الذي أخذ منها المزيد من الوقت والجهد ولكنها تواصل متعتها في كل غرزة وكل حبكة، لتطلعنا على فنيات هذه الحرفة التي تأبطت به المرأة زمناً. فنون العمل اليدوي تقول فتحية بحري: فنون العمل اليدوي أشبه بالإدخار المعنوي، يستطيع المرء أن يلجأ إليها إذا تعسرت أموره، فهذه الهوايات تحقق عائداً جيداً، والأعمال اليدوية متنوعة ومتعددة إلا أن عالم التطريز له وهج خاص ومكانة عند المرأة قديماً، التي لم تكل أو تمل من حياكة الكثير من الأعمال كالمفارش والملابس وغيرها الكثير، وبالرغم من الأعباء المنزلية اليومية التي تقوم بها، إلا أنها كانت حريصة على العمل والانتاج. تضيف البحري قائلة: أجد متعتي في التطريز، وأنا أراقب عن كثب تلك الأنامل التي لم تكف أو تمل عن مواصلة العمل الحرفي والاستمرار فيه، فالأمهات كن حريصات على تعليم بناتهن، وهذا الأمر انطبق علي بالفعل فحاولت أمي مرارًا وتكرارًا تعليمي هذه الحرفة، التي وجدت فيها صعوبة في بداية الأمر، ولكن سرعان ما تمكنت من العمل، حتى صرت لا أترك القطعة التي أشتغل عليها حتى أنتهي منها، وأمسى العمل الذي بين يدي نوعاً من التحدي يجعلني عنيدة وشديدة المراس حتى أحقق الغاية والهدف الذي أصبوا إليه. وتتطرق بحري حول عالم فن التطريز قائلة: هو فن واسع ومتنوع، يحمل في طياته العديد من الأفكار والصور، التي يمكن أن ينسجها الحرفي، لتكون كقطعة فنية غاية في الدقة والجمال، وهو فن عرف منذ أمد طويل وتوارثته الأجيال جيلا بعد آخر ومر بعدة مراحل تطورية حتى وصلت إلينا على هذا النحو. فهي حرفة قائمة على زخرفة القماش بواسطة إبرة التطريز بخيوط ملونة. وقد تكون هذه الخيوط من مادة أغلى أو أرخص من مادة النسيج. وقد يستخدم في عملية التطريز خيوط من لون القماش أو خيوط ملونة أخرى ولكن لا بد أن تظهر النتيجة بشكل مرضي وجميل في نهاية الأمر. وتتابع بحري: يجب أن نضع في اعتبارنا أن اسـتعمال الوان عديدة وغرز مختلفة كـثيرة فمن المحتمل جداً أن ينتج عن ذلك نتيجة مضـطربة نوعاً ما، في حين الوســائل البسـيطة وغرزة واحـدة قد تؤدي إلى مؤثرات جذابة. أساليب التطريز وهناك أساليب للتطريز تمنحنا نتيجة جميلة على الرغم من كونها بسيطة فبعض الأعمال البدائية قد شغلت بخيوط ملونة من الصوف والكتان على نسيج الكتان، والذين كانوا يقمون بتطريزها كانوا قادرين على نسج الكتان، حيث استطاعوا تزينها بنماذج ملونة، وهذه النماذج مبنية بواسطة غرز على خيوط السدى وخيوط اللحمة للنسيج في نهاية الأمر، نجد النتيجة حتماً رائعة. وتضيف البحري قائلة: يجب أن يأخذ في الاعتبار قيود النسيج وملاحظتها في شغل التطريز بكل دقة. ولضمان نتيجة صحيحة يجب أن يكون هناك انسجام بين الإبرة والخيط والخيط والغرزة وأيضاً بين الغرز والنسيج إلى جانب التصميم الذي يجب أن يكون على قدر من الجمال والجاذبية. فالأمر يتوقف على الانتقاء المدروس والمناسب لهذه الأدوات حتى يظهر العمل بشكل مرضي. وتضرب البحري مثلا على ذلك، فتقول: اختيار الإبرة الرفيعة جداً قد يتسبب باحتكاك الخيط وينتج عنه وبر وبذلك يفقد الخيط بريقه ولمعانه، أما الإبرة الكبيرة جداً تترك فتحات في النسيج وفي حال الخيط المستعمل ليس مناسباً من حيث سمكه مع النسيج فإن نتيجته أو تأثير الغرزة سيقل. ولابد من أن يحرص المطرز على اعتبار قطعة القماش كاللوحة البيضاء التي يرسم عليها الأشكال والزخارف أو أي فكرة ابداعية قد تخالج فكرة ذهنه. الانتقاء وتكمل: عملية انتقاء التطريز أيضاً تتوقف على الغرض والهدف الذي ستستعمل فيه القطعة المطرزة، فتطريزات الرداء أو الثوب تكون ذات تفصيلات دقيقة وأنيقة من الغرز الجميلة حتى يمكن رؤيتها من مكان قريب، بينما التطريز المستخدم في المفارش والستائر يجب أن تكون قوية وثابتة وكبيرة، بحيث يمكن رؤية تفاصيلها من مكان بعيد. وعن تصاميمها تتابع: كثيراً ما أستعين بالزخارف القديمة، التي كانت النساء يحرصن على نسجها وتطريزها على المفارش والمطارح، وياقة الثوب ونحوه، ولكني أحاول مزجها مع الزخارف والنقوش التي نشاهدها في الوقت الحاضر وفي الغالب يبقى الإبداع والموهبة، ومحاولة الابتكار وخلق فكرة جديدة يمنح العمل وهجا خاصا، وإطلالة فريدة، متجددة، تلقى رواجا عند المهتمات من النساء. حول مراحل عمل قطعة مطرزة تشير بحري: بداية يجب أن أضع الفكرة أو التصميم المراد تنفيذه عبر الرسم على ورق مقوى ثم تطبع الرسمة على ورق رقيق، ويخرم الورق الرقيق بخروم دقيقة ورفيعة بجانب بعضها البعض، ثم يتم وضع الورق المخرم على النسيج المراد نقل الزخرفة إليه، بحيث يثبت بواسطة دبابيس من نوع جيد، ليسهل انزلاقها في النسيج حتى لا تتعرض خيوط النسيج للتلف. ثم يوضع فوق الورق مسحوق بلون مخالف للون النسيج المراد تطريزة، فيتم حتى يتخلل المسحوق خروم الورق ويحدث رسما مطابقا لزخرفه، ثم نبدأ بعد ذلك عملية التطريز، هذه واحدة من طرق نقل الرسم على القماش اما الطريقة الأخرى فيتم من خلال استخدام الكربون بحيث يرسم التصميم المراد نقله على القماش على ورق شفاف، ثم يوضع على ظهر النسيج ويثبت بالدبابيس ثم يوضع الكربون على وجه النسيج بحيث يكون وجه الكربون على وجه النسيج، ثم يمرر بقلم الرصاص على الرسم وبذلك نجد طباعاً واضحاً للتصميم على النسيج. في كلا الحالتين الأمر يتطلب قدرا من الدقة والاتقان والصبر حتى نحصل على عمل متقن. وتضيف قائلة : أقوم بعمل أطقم المفارش، والملابس، والكثير غيرها، وعادة ما يأخذ مني هذا العمل مدة أسبوعين غير متقطعة حتى انتهي من العمل. قيمة العمل اليدوي تقول البحري: التجربة علمتني أن العمل اليدوي غير مقدر عند الكثيرين، مثل المنتجات التي تلفظها الآلات والمكائن، فالناس لا يدركون القيمة الحقيقة للمنتج اليدوى، الذي لا يمكن أن تتكرر قطعة منه مهما حاول الحرفي ذلك، وهذا ما يحفظ للمنتج تفرده واختلافه ويمنحه قيمة وجاذبية. بخلاف الآلات التي أصبحت تنتج الآلاف من القطع نسخة واحدة، فلا تشعر بنوع من التميز فيه. التطريز أو التخوير يسمى التطريز باللهجة المحلية « التخوير» أو «الخوار» ، والثوب « المخور» هو الثوب المطرز، وكان هذا النوع من الفنون اليدوية إلى أن دخلت مكائن الخياطة، خاصة مكائن التطريز إلى السوق المحلية في منتصف السبعينيات الماضية. في الثياب النسائية الاماراتية، خاصة تلك التي ترتدى تحت العباءات وفي الأعياد والمناسبات، يتم تطريز الأماكن الظاهرة من الملابس، ويتركز التطريز عامة على فتحة الرقبة وعلى الصدر والأكمام وعلى بعض الأجزاء الأخرى من «الكندورة» حيث تنثر بعض الوحدات الزخرفية في أماكن مختلفة، باستخدام أنواع من الخيوط المعدنية المستخدمة المخصصة للتطريز تسمى خيوط الزري أو الخوص. وكان اسم «الزري» يطلق على الخيوط الذهبية بشكل أوسع من الفضية التي تسمى « الخوص» ، والخيوط الحريرية التي تسمى «البريسم» ، وعادة ما تحاك الملابس يدويا بأنامل حرفية متخصصة، وغالبا ما كان «الثيم» المستعمل في تطريز الثوب، مفردات البيئة المحلية، مثل أشكال وريقات السعف، أو عناقيد العنب، أو النجوم والأقمار والزهور، لكن هذه الأشكال تطورت اليوم وتغيرت بعد دخول الماكينات، وصارت هناك أشكال هندسية ووحدات «منمنمة» صغيرة، وأيضا «تخوير» الطباعة وهو المصطلح الذي يطلق على التطريز بنفس لون ونقشة القماش.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©