الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صخر صدقي يقص الإنساني المهم من الحياة في «محطة بيت المسنين»

30 ديسمبر 2009 03:09
تختزن مجموعة القاص المصري صخر صدقي القصصية “محطة بيت المسنين” الصادرة عن دار “ميريت” نواحي مهمة من الحياة وواسعة أحياناً في لحظات مكثفة شديدة “القول” وشديدة الإيحاء. في كتابة الذي احتوى 39 قصة قصيرة في 94 صفحة من القطع المتوسط يركز الكاتب صخر صدقي أحياناً على حالات الضعف والعجز البشرية وعلى حالات الفقد والوحشة والحنين. قد يتمثل العجز عنده في حالات من الشيخوخة الفعلية وقد يتجسد في غير الشيخوخة. وفي معظم الحالات والأحداث الفعلية والنفسية الذهنية التي يرسمها يسري دفء من التعاطف والشفقة واللوعة لا على إنسان ما في وضع ما فحسب بل على الإنسان في شكل عام. صخر صدقي يجد نفسه في كثير من الناس فيرسم ذلك بصدق يجعلنا كقراء نجد أنفسنا في أشخاصه كما نجد أنفسنا فيه ككاتب مبدع. ولعل من أبرز ما يظهر عنده دقة في كلام هادئ ناعم غالباً يخلو من الادعاء والدوي.. ولعل ذلك واحد من أسباب قدرة هذا الكلام على التأثير. في القصة الأولى وهي قصة نموذجية في تمثيلها أجواء المجموعة إجمالاً، وهي بعنوان “الناحية الأخرى”، قد يشعر القارئ بما يماثل ذلك الشعور الذي يسيطر عليه بعد قراءة امرؤ القيس في كلماته الأخيرة قبيل موته.. كلمات يوجهها إلى تلك المرأة الغريبة التي دفنت في المكان نفسه الذي أقعده فيه السم الذي وضع له في درعه كما تقول الروايات. قال الشاعر الذي لقب بالملك الضليل لتلك المدفونة قربه قبالة جبل عسيب “أياً جارتا انّا غريبان هاهنا” وكل غريب للغريب نسيب”. في قصة صخر صدقي هذه نكتشف أيضاً أن ضعف الآخرين قد يستفز القوة الكامنة بل شبه الراحلة عند ضعفاء من أمثالهم. أن نشفق على الضعفاء يبدو أحياناً كأنه مرادف للإشفاق على الذات. أليست بعض معاني الإنسانية من هذا القبيل أحياناً. يبدأ الكاتب بالقول “وقفت وسط الطريق تتلفت في كل اتجاه في بحث دائب عن يد تمسك بيدها المرتعشة لتعبر بها إلى الناحية الأخرى من الطريق. خجلها وعزة نفسها يمنعانها من الطلب المباشر للمساعدة... وسط عربات لا ترحم وضجة لا تنتهي.. لم تكن الدنيا هكذا..! الحمد لله لم يبق من العمر الكثير... كاد قلبها ينخلع على الصبي الذي مرق من أمامها كالسهم ليصبح في ثوان على الجانب الآخر... تمتمت بالدعاء “ربنا ينجيكو يا ولاد” ... “لمحها وهو في طريقه إلى التأمين الصحي في مستشفى في الاتجاه نفسه الذي يسير فيه. كانت مثله كبيرة السن ولكن عندما يتعلق الأمر بالسن فالمسألة نسبية. فهي تبدو أكبر منه ولياقتها تبدو أقل منه بكثير...” وكأن الكاتب يطرح سؤالاً أو أسئلة عما يمكن لبعض الأمور أن تثيره فينا من حالات وتحرك فينا من قيم وقد تقدم لنا مكافأة نفسية “هنا” فضلاً عما يمكن أن يسجل لنا في الآخرة. أضاف الكاتب في هذه القصة النموذجية ملتقطاً بقدرة وصفية حركة الشارع المرعبة وحالات الخوف والهلع التي تسيطر على من يجد نفسه -خاصة إذا كان مسناً- وسط موجة السيارات المجنونة “سألها بصوت آمر وكأنه يعرفها “عاوزة تعدي”. سقط رأسها غصباً عنها بالموافقة وباللهجة نفسها الآمرة طلب منها أن تعطيه يدها.
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©