الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الصين... متى تتفوق على أميركا؟

الصين... متى تتفوق على أميركا؟
4 مايو 2011 23:11
التوقع الأخير لصندوق النقد الدولي بتجاوز الاقتصاد الصيني لنظيره الأميركي في غضون خمس سنوات، وهو أبكر مما كان مرتقباً، أثار جدلاً واسعاً في المواقع الإلكترونية التي لم تتوقف عن مناقشة الأمر، لكن هل هذا التوقع صحيح؟ من خلال ما تناقلته المواقع الإلكترونية يبدو وكأن الأمر بات وشيكاً، لا سيما بالنظر إلى العناوين المثيرة التي ظهرت على الشبكة العنكبوتية مثل "قنبلة صندوق النقد الدولي: عصر أميركا يقترب من نهايته"، وعنوان آخر لا يقل إثارة يقول: "حقبة أميركا تختفي بحلول 2016"؛ الحقيقة أنه لا أحد يشكك في المصاعب التي يواجهها الاقتصاد الأميركي خلال هذه المرحلة بعدما حذرت مؤخراً وكالة "ستاندارد أند بور" الولايات المتحدة من خفض كفاءتها الائتمانية بحلول عام 2012 بسبب عجز أوباما والحزب "الجمهوري" عن التوصل إلى اتفاق يقلص العجز الهائل في الموازنة الفيدرالية، وبعد ذلك بأيام قليلة صدر تحذير آخر من "أوليفيي بولانشارد"، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي من أن "الولايات المتحدة لا تملك خطة ذات مصداقية في مجال خفض العجز المالي". واليوم يأتي التوقع الأخير للصندوق ليكشف أن الاقتصاد الصيني سينمو مؤشره في تعادل القوة الشرائية من 2.11 تريليون دولار خلال السنة الجارية إلى19 تريليون دولار عام 2016 متفوقاً على الاقتصاد الأميركي الذي سينمو من 2.15 في المئة إلى 8.18 في المئة بحلول السنة نفسها، وبعد قراءتي لهذه التوقعات قررت الاتصال بذوي الخبرة والاستعلام عن حقيقة الأرقام المذكورة، وما إذا كان الاقتصاد الصيني سيتجاوز فعلًا نظيره الأميركي خلال الخمس سنوات المقبلة،. ومن بين الذين اتصلت بهم كان "نيكولاس إيزجوير"، المدير الفرعي لصندوق النقد الدولي في الجزء الغربي من الكرة الأرضية، والذي يندرج تحت مراقبته الاقتصاد الأميركي، وعندما وجهت إليه السؤال مباشرة قال: "لا، لن يتقدم الاقتصاد الصيني على الاقتصاد الأميركي، إذ سيظل هذا الأخير أكبر حجماً لفترة قادمة، رغم أننا فعلاً ننتقل من عالم تهيمن عليه قوة اقتصادية وحيدة إلى عالم متعدد الأقطاب والقوى الاقتصادية". لكن ماذا عن التوقع الذي قيل فيه بوضوح إن أميركا ستتراجع وراء الصين خلال خمس سنوات؟ فرد الخبير موضحاً: "الأمر هنا يتعلق بمؤشر القوة الشرائية التعادلية والتي لا يُعتد بها كثيراً في المقارنات الدولية". وأضاف أنه في الوقت الذي يتم فيه التركيز ضمن هذا المؤشر على الأنشطة الاقتصادية الداخلية التي لا يمكن مقايضتها عالمياً مثل خدمات الحلاقة وغيرها تبقى الطريقة الأفضل لقياس القوة الاقتصادية مقارنة مع باقي الدول هي احتساب السلع والخدمات القابلة للمقايضة والمبادلة على الصعيد الدولي من خلال التركيز على قيمتها السوقية. وإذا أخذنا في عين الاعتبار القيمة السوقية سيصل حجم الاقتصاد الأميركي إلى 16 تريليون دولار، فيما الصين لا تتعدى القيمة السوقية لاقتصادها 9 تريليونات دولار، وبعد هذه التوضيحات برز سؤال آخر: متى ستصبح الصين الاقتصاد العالمي الأول من ناحية القيمة السوقية للسلع والخدمات التي تنتجها؟ سؤال أجاب عنه الخبير قائلاً "بما أن الاقتصاد الصيني يسجل نمواً سنوياً بمعدل 8 في المئة فيما الاقتصاد الأميركي ينمو بنحو 3 في المئة سنوياً، فإن الأمر سيستغرق أكثر من عقد من الزمن على أن تبقى الأمور كما هي عليه اليوم". وهل تعتقد أن الصين ستواصل نموها بنفس الوتيرة الحالية؟ "الحقيقة" رد الخبير: "رغم اعتماد علم الاقتصاد على معطيات واقعية وقدرته على توقع ما يحدث خلال السنتين المقبلتين، يظل من الصعب تمديد التوقع إلى عقد كامل". بعد كل هذه الآراء التي أدلى بها الخبير الاقتصادي لدى صندوق النقد الدولي، أجدني مضطراً للإدلاء برأيي الخاص: وهو أني لا أعتقد بأن الصين مهيأة لتجاوز الولايات المتحدة، وذلك رغم كل التقدم الذي أحرزته، ويمكن ملاحظة ذلك زيارة البلد، أولاً لأن الدولار مازال عملة الاحتياطات الأولى في العالم، ولا ينافسه في ذلك أحد يدل على ذلك، أنه بعد يوم واحد على تحذير الوكالات الدولية للولايات المتحدة من تدني كفاءتها الائتمانية، ارتفعت قيمة الدولار لاستمرار الدول في شرائه. وثانياً لأننا نعيش في ظل اقتصاد المعرفة، ومازالت الولايات المتحدة المنتجة الأولى للأبحاث العلمية في العالم رغم تخريج الصين لعدد أكبر من المهندسين والعلماء، كما أنه في قائمة العشر جامعات المرموقة عالمياً، حسب تصنيف جامعة شنجهاي، احتلت ثماني جامعات أميركية الصدارة متبوعة بجامعتين بريطانيتين. وأخيراً لا نستطيع استبعاد تدهور الوضع الاقتصادي في الصين بسبب القلاقل الاجتماعية والارتفاع الكبير في عدد سكان المدن بسبب الهجرة الكثيفة للمزارعين، بحيث تتوقع الإحصاءات أن يمثل سكان المدن 70 في المئة من إجمالي سكان الصين بحلول عام 2019 وهو ما سيضع ضغوطاً كبيرة على القيادة السياسية. وبالطبع لا يعني ذلك أن الصين ليست قوة اقتصادية، أو أنها ليست قصة نجاح حقيقية، لكن من السابق لأوانه توقع تراجع أميركا، لا سيما عندما نتحدث عن الخمس سنوات المقبلة. أندريه أوبنهايمر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©