الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متمردو الكونغو وحرب إقليمية مقبلة

متمردو الكونغو وحرب إقليمية مقبلة
15 أكتوبر 2008 02:32
لقد دفع تجدد الاشتباكات والمواجهات العسكرية بين قوات المتمردين والجيش الحكومي في جمهورية الكونجو الديمقراطية، بالأزمة الإنسانية هناك إلى كونها الأسوأ من نوعها عالمياً؛ فقد أرغمت المعارك وأعمال العنف الجارية، الآلاف من القرويين على الفرار من قراهم وبيوتهم؛ إلا أن الحكومة الكونغولية تتهم جارتها الرواندية بالتدخل في أراضيها وشؤونها الداخلية؛ فقد تمكن مقاتلون من الفصيل المتمرد الذي يقوده الجنرال ''لوران ناكوندا'' -وهو ينتمي إلى قبيلة التوتسي، ويعتقد أنه يحظى بدعم الحكومة الرواندية التي يهمين عليها أفراد منتمون إلى القبيلة نفسها- من السيطرة على ضاحية ''رومانجابو'' الاستراتيجية إلى جانب قاعدة عسكرية حكومية، على إثر المواجهات العنيفة التي جرت بين الطرفين خلال الأسبوع الحالي، إلا أن المتمردين انسحبوا من المواقع التي سيطروا عليها لاحقاً؛ هذا ولم يحدد عدد قتلى تلك الاشتباكات بعد، إلا أن أهالي القرى التي دارت فيها المعارك قالوا إن الجنود الحكوميين حثوهم على مغادرة بيوتهم وقراهم تجنباً لخطر حدة وشراسة المواجهات؛ ومن هؤلاء حدثتنا ''أبولين نيرانزا بيمانا'' -وهي أم لثلاثة أطفال- لحظة وصولها إلى مخيم ''كيبومبا'' للاجئين، الذي يقع على بعد 25 ميلاً شمالي العاصمة الإقليمية جوما، قائلة، إن الجنود الحكوميين أمروهم بمغادرة بيوتهم بدعوى أنهم يعتزمون خوض معارك شرسة ضد فصائل المتمردين التوتسي· هذا وقد اندلعت نيران الاشتباكات الجديدة هذه بعد مضي 10 أشهر فحسب على التوقيع على اتفاقية السلام بين الحكومة ومعظم الفصائل المسلحة في الإقليم الشرقي المضطرب من البلاد؛ وأزهقت هذه الحرب الأهلية أرواح ما يقارب الثلاثة ملايين نسمة منذ اندلاعها في عام ،1996 حين أطاحت مجموعة متمردة مسلحة، مدعومة من قبل عدد من الدول الإقليمية المجاورة، بما فيها رواندا، بحكومة الرئيس ''موبوتو سيسي سيكو؛ وفي حين نظر الكثير من المراقبين والمحللين إلى صفقة السلام التي أبرمت بين الحكومة والمتمردين، بوساطة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، على أنها فرصة لوضع حد للتمرد واستقرار البلاد أمنياً وسياسياً، إلا أن هناك من أدرك إثر تجدد موجة القتال مؤخراً، أن صفقة السلام تلك لم تمنح ما يكفي من الوقت ولا الفرصة لأن تفعل مفعولها أصلاً· وعلى حد تصريح الجنرال ''تشارلس ماكنايت'' -مسؤول كبير من مسؤولي عملية ''مونوك'' لحفظ السلام، التي تعتبر أكبر عملية من نوعها تديرها الأمم المتحدة- فقد تعمد طرف ما إثارة المعارك الدائرة الآن بقصد تخريب عملية السلام، إلا إننا لا ندرك على وجه التحديد من هو ذلك الطرف؛ وقال الجنرال إنه كان متفائلاً للغاية بمسار عملية السلام في الكونغو حتى شهر أغسطس الماضي؛ وتكمن المعضلة التي تواجهها الكونغو، باعتبارها إحدى أغنى دول العالم من حيث الموارد الطبيعية، وأفقرها على الإطلاق من ناحية مستوى التنمية البشرية، في مأزق المواجهات العرقية الدموية المدعومة خارجياً، إضافة إلى التنافس الدموي على السيطرة على الموارد المعدنية الغنية فيها· وقد ثبت عجز الحكومة التي جرى انتخابها في عام 2006 عن فرض نفوذها على حدود أراضيها الشاسعة، بينما يبدو أنها تعتمد اعتماداً كلياً على قوات حفظ السلام الأممية، فيما يتصل ببسط الأمن والنظام في الإقليم الشرقي الغني بالموارد الطبيعية والمعادن، والمعروف في الوقت نفسه بأنه أشد أقاليم الكونغو عنفاً ودموية، حيث تواصلت فيه الحرب الأهلية لما يزيد على العقد الكامل من الزمان· وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة وحدها، تم تشريد ما يقارب الـ100ألف نسمة من بيوتهم وقراهم؛ وبالنظر إلى شراسة المعارك التي دارت خلال الأيام القليلة الماضية، فإن من المتوقع أن يكون قد شرد نحو 30 ألفاً آخرون؛ يذكر أن اتفاقية السلام التي حظيت بإشادة الكثيرين لكونها شملت كافة الأطراف والفصائل المسلحة في البلاد، قد انهارت على إثر تجدد القتال في شمالي ''جوما'' بتاريخ 28 أغسطس المنصرم· ومن رأي الجنرال المتمرد ''ناكوندا''، أن الحكومة المركزية لم تظهر أي جدية أو رغبة حقيقية في إحلال السلام، بدليل أنها لم تسرح حتى اليوم ''قوات تحرير رواندا الديمقراطية''، وهي مجموعة من متمردي قبيلة الهوتو، التي نسبت إليها مجازر الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا في عام 1994؛ غير أن وسطاء السلام الموالين للحكومة، يتهمون الجنرال ''ناكوندو'' بعدم الجدية في إحلال السلام، ويفسرون الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مؤخراً بأنها دليل قاطع على رغبته في إشعال حرب إقليمية في الكونغو· إلا أن من رأي ''جريجوري ميتومبو-سولتر'' -المحلل المقيم بوحدة ''ذي إيكونومست'' الاستخباراتية في مدينة جوهانسبرج بجنوب أفريقيا، والخبير في شؤون الكونغو-، أن صفقة السلام المبرمة نفسها لم تكن واقعية في الأساس؛ والسبب أن الكثير من الفصائل المتمردة المسلحة، لها مصالح حقيقية في الهيمنة على الموارد التعدينية للبلاد، إضافة إلى ما يبديه قادتها من مخاوف تعرضهم لمحاكمات لها صلة بجرائم الحرب، في حال خروجهم من الغابات إلى الحياة العادية؛ ومن ناحيتها تعزو حكومة ''كنشاسا'' المواجهات الأخيرة، إلى الدور التخريبي الذي تقوم به حكومة ''بول كاجامي'' الرواندية· بل أعلنت حكومة الكونغو اعتزامها يوم الأربعاء الماضي، دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد بهدف مناقشة ما وصفته بـ''الغزو الرواندي للكونغو''· ويؤكد وزير خارجية الكونغو ''أنتيباس موبوسا نيامويسي'' أن لبلاده أدلة قوية على تورط رواندا في هذه العمليات، بما فيها عدد من الجنود الروانديين المعتقلين أثناءها· سكوت بلادوف- الكونغو ينشر بترتيب خاص مع خدمة ''كريستيان ساينس مونيتور''
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©