الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المفاوضات النووية الإيرانية وفرص النجاح

13 مايو 2014 22:24
بول ريتشر كاتب أميركي بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات الدولية حول برنامج إيران النووي المتنازع بشأن أهدافه، يبدو أن إيران فاجأت الجميع تقريباً بحرصها الظاهر على الوصول إلى اتفاق نهائي، فقد أوفى المفاوضون الإيرانيون بجميع تعهداتهم، بموجب الاتفاق المؤقت الذي وُقع في شهر نوفمبر الماضي، بل طرحوا على الطاولة تنازلات إضافية حول عدد من نقاط الاختلاف الأساسية، هذا فضلا عن مشاركتهم في ثلاثة اجتماعات على مستوى رفيع من دون المماحكات التي طغت على الاجتماعات المماثلة طيلة العقود الثلاثة الماضية. لكن رغم هذه الأجواء الإيجابية التي تخيم على المفاوضات والتجاوب الإيراني الواضح بدأ الرئيس حسن روحاني وحكومته ينأون بأنفسهم عن الولايات المتحدة وحلفائها حول موضوع قد يكون الأهم في عملية التفاوض، وبعبارة أوضح تريد القوى الست من إيران خفض تخصيب اليورانيوم للحد من إمكانية تصنيع القنبلة النووية بتقليص عدد أجهزة الطرد المركزي، التي يصل عددها حالياً إلى 19 ألف جهاز، إلى بضعة آلاف فقط. والحال أن طهران تريد توسيع قدرتها التخصيبية بإضافة الآلاف من الأجهزة التي تقول إنها جزء من برنامجها لتوليد الطاقة، هذا الاختلاف الذي يأتي قبيل استئناف المفاوضات خلال الأسبوع الجاري في فيينا ينذر بتهديد حقيقي للمفاوضات قد يعصف باحتمالات التوصل إلى صفقة نووية شاملة يسعى الطرفان إلى عقدها قبل المهلة المحددة في 20 يوليو المقبل. وعن هذه النقطة الخلافية المرتبطة بالتخصيب يقول “روبرت إنهورن”، المستشار الشخصي لأوباما للشؤون النووية، «يمثل مطلب إيران بتعزيز التخصيب عائقاً حقيقياً، ومن دون التغلب عليه لن يكون هناك اتفاق»، وترمي القوى الست الدولية وهي فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والصين إلى اتفاق يمنع إيران من تطوير برنامجها النووي مقابل التخفيف من العقوبات الدولية التي شلت الاقتصاد الإيراني، لا سيما وأن العديد من البلدان تخشى من أن إيران، ورغم إنكارها، ربما تسعى إلى تطوير قدرات نووية تنتهي بتصنيع القنبلة، لذا يكمن الهدف الأساسي للقوى الدولية في إطالة المدة الزمنية التي يمكن فيها لإيران مواصلة التخصيب السري لكميات كبيرة من اليورانيوم تقودها إلى القنبلة، لو أنها قررت الانطلاق في برنامج تسليحي. ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن الفترة الزمنية التي تمكن طهران من الوصول إلى القنبلة لا تتجاوز شهرين، فيما يريد الغرب تمديد الفترة إلى سنة، أو أكثر يستطيع من خلالها رصد أي تحول في البرنامج ووقفه قبل فوات الأوان. لكن المسؤولين الإيرانيين وعلى رأسهم المرشد الأعلى، أعلنوا مراراً عن نيتهم توسيع، وليس تفكيك، البنية التحتية للبرنامج النووي الذي تقدر كلفته بحوالي مائة مليار دولار، وفي السياق نفسه صرح علي أكبر صالحي، مدير وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، أنه يريد تركيب 30 ألف جهاز طرد مركزي إضافي لتخصيب المزيد من اليورانيوم لتزويد محطة «بوشهر» النووية بالوقود والاستغناء عن الوقود الحالي الذي تستورده من روسيا، هذا بالإضافة إلى محطات نووية أخرى تخطط إيران لإقامتها. وبرغم أن هذه التصريحات قد تكون مجرد تكتيك تفاوضي للمساومة وانتزاع تنازلات أكبر من القوى الدولية الست، إلا أن إيران قد تكون غير مستعدة فعلا للتنازل في موضوع لطالما سوقته الحكومة في طهران للرأي العام باعتباره أحد الإنجازات الكبرى للأمة الإيرانية، وهو ما يوضحه جاري سامور، مستشار أوباما في شؤون عدم الانتشار النووي بين 2009 و2013، مشيراً إلى أن الإيرانيين على الأرجح جادون في إصرارهم على التوسع في عملية التخصيب، وإن كان من المحتمل أيضاً أن يخففوا من مطالبهم لاحقاً مع تقدم المفاوضات، قائلا «أعتقد أن موقفهم هو بالفعل ما يعلنون عنه»، ويضيف المستشار السابق لأوباما أن الإيرانيين ربما يبعثون برسالة إلى أميركا مفادها أنهم مستعدون لتجميد نشطاهم النووي لعدة سنوات مقابل تخفيف العقوبات، لكنهم يريدون أن تُطلق أيديهم بعد ذلك، مثل الدول الأخرى، لبناء قدرة نووية على «صعيد صناعي». وبالطبع يقول الباحث لن يكون هذا الطرح مقبولا لدى إدارة أوباما وحلفائها لأن الأمر يتيح لإيران فرصة تصنيع القنبلة في أي وقت تقرر فيه ذلك. وتسعى إيران أيضاً إلى اتفاق لا يستمر أكثر من سنوات قليلة، وليس لعقد كامل من الزمن، أو أكثر كما تريد واشنطن وحلفاؤها. بيد أن التخصيب ليس العقبة الوحيدة في وجه المفاوضات، بل هناك أيضاً المطلب الإيراني برفع جميع العقوبات المفروضة عليها ما أن يتم التوقيع على الاتفاق النهائي، والحال أن الغرب لا يرغب في أكثر من تجميد العقوبات وليس إلغاءها لإبقاء سيفها مسلطاً على رقبة طهران في حال إخلالها بالتزاماتها، وربما بسبب هذه الخلافات المحتدمة بين الأطراف المفاوضة لا يتوقع جاري سامور التوصل إلى اتفاق في الموعد النهائي المحدد في أواسط يوليو المقبل، بحيث من المنتظر أن يوافق الكونجرس على تمديد المفاوضات لستة أشهر إضافية، وهو ما يسمح به الاتفاق المرحلي. وفي جميع الأحوال يظل أوباما حذراً بشأن آفاق الصفقة المرتقبة مع الجمهورية الإسلامية، مؤكداً أن حظوظ نجاحها تقف عند 50 في المئة، بمعنى أن احتمالات الفشل والنجاح متساوية، لكن رغم المحاذير يعتقد عدد مهم من الدبلوماسيين والمحللين أن فرص التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن البرنامج النووي الإيراني جيدة وحقيقية، والسبب الأساسي كما يقولون هو رغبة إيران في تخفيف العقوبات عن كاهلها وتعزيز اقتصادها الضعيف، فيما يريد البيت الأبيض الحد من التهديد النووي الإيراني من جهة وتسجيل نقاط تحسب له في مجال السياسة الخارجية من جهة أخرى. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©