الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترامب واستغاثات «الديمقراطيين» الكاذبة

17 أكتوبر 2016 10:49
أجرى الصحفي «فرانك بروني» من «نيويورك تايمز»، مقابلة ممتعة هذا الأسبوع، مع «هوارد وولفسون» المتحدث السابق باسم هيلاري كلينتون، وكانت الفكرة الأساسية التي عرضها وولفسون خلال المقابلة، هي أنّ خطاب الديموقراطيين المبالغ فيه بشأن مرشحين جمهوريين سابقين، قد أعاق جهودهم لإيقاف دونالد ترامب. وشبّه «بروني» وغيره ممن تناولوا هذه الفكرة ما حدث بـ«صيحات الاستغاثة الكاذبة» التي كان يطلقها الراعي في حكاية «الراعي والذئب» الشهيرة، وقال «وولفسون» الذي عمل مستشاراً لهيلاري العام 2008 وجون كيري العام 2004: «أنا واثق تماماً أنني قد استخدمت لغة غير دقيقة، ومغالى فيها، أثّرت بالسلب على قدرتي -بل وقدرتنا- على الحديث حول لحظتنا الحالية بدقة ومصداقية». ومن منظوري الشخصي هناك مشكلتان مع هذا الأسلوب في التفكير: الأولى: في حين أن لغة الخطاب المستخدمة في حالة بوش الابن، وجون ماكين، وميت رومني، كانت محمومة بالفعل أحياناً، فإنها لم تحتوِ على شيء يقارب ذلك القصف المستمر من الاتهامات بالعنصرية، والتحيز الجنسي، والديماغوجية، أو الفاشية.. المصوب نحو ترامب، ففي حالة تلك الشخصيات الجمهورية الثلاث الكبيرة، ليس هناك أدنى شك في أنه وُجهت إليهم اتهامات بارتكاب أشياء، مثل تلك التي يتهم بها ترامب حالياً، لكن تلك الاتهامات لم تشكل السردية المهيمنة في حملاتهم. المشكلة الثانية: إن وجه المبالغة الرئيسي في هذه الحجة، والمتمثل في القول إن الهجمات التي تشن على فاشية وديماغوجية ترامب، لا تلقى آذاناً صاغية، هو في حقيقته أحد مشتقات الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، والتي سألنا أنفسنا فيها مراراً وتكراراً: كيف يمكن لكل تلك الأشياء المثيرة للجدل، التي يقولها ترامب، ألا تسبب له ضرراً أكبر بكثير مما سببته له بالفعل؟! كانت الإجابة هي أن تلك الأشياء تلحق الضرر بترامب فعلاً، لا سيما على جبهة الناخبين العموميين، وإننا إذا ما نظرنا إلى أرقام استطلاعات الرأي، فسنجد أن من الصعوبة بمكان التدليل على أن قطاعات واسعة من الناس لا تصدق فكرة أن ترامب لديه مشكلات مع التعصب العنصري. لقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «سوفولك» هذا الأسبوع أن 44% من الأميركيين، يعتقدون أن ترامب فاشي، وأن 59% قالوا إن حملته تميل إلى التعصب. ولو عدنا للوراء فسنجد أن استطلاع الرأي الذي أجرته «واشنطن بوست» و«إيه بي سي» في يونيو الماضي، قد أظهر أن 66% من الأشخاص، يرون أن تعليقات ترامب تدل على أنه متحيز ضد المرأة والأقليات والمسلمين. هذه الأرقام وغيرها، تدل على أن ترامب هو المرشح الرئاسي الجمهوري الأقل شعبية في التاريخ، وأنه شخص تعتقد غالبية كبيرة من الأميركيين أنه يلعب بأدوات التعصب، وأنه معرض لقول أشياء عنصرية. والسبب الذي يتم إيراده في أعمدة مثل ذلك العمود الذي كتبه «بروني» لتفسير استمرار ترامب في السباق الرئاسي حتى الآن، وهو أن هناك 4 من بين كل 10 أميركيين ما زالوا راغبين في التصويت له، رغم أن أرقام تأييده لا تتجاوز خانة واحدة، هو سبب لا يمكن أن يصدق بالطبع من قبل الناس الذين يعتقدون أن عنصرية ترامب وديماغوجيته واضحتان وضوح الشمس، وأن مثل هذه الأشياء كان يجب أن تؤدي إلى إخراجه من السباق. لا مراء في أن ترامب قد فعل الكثير من الأشياء التي كان يجب أن تكون سبباً لاستبعاده من السباق، لكن المشكلة تكمن في أننا نعيش في بلد شديد الحزبية، تقوم فيه المرشحة الأخرى التي تخوض السباق، بجعل نفسها غير مستساغة من جانب أغلبية كبيرة من الأميركيين أيضاً، وهذا هو السبب في أن المنافسة الانتخابية الحالية متقاربة. في ظروف أخرى، وحتى مع مرشح ديموقراطي أكثر شعبية بقليل من المرشحة الحالية، يفترض ألا تكون المنافسة الانتخابية كذلك. وفكرة أن ترامب ما زال في السباق، لأن حساسية الكثير من الناس ضعفت تجاه الهجمات السياسية المبالغ فيها التي تشن عليه، تمثل استنتاجاً مغرياً قد يروق للبعض، لكنه استنتاج يتجاهل العديد من البيانات والحقائق عن السياسة الأميركية. الشيء الأكثر احتمالاً هو أننا نعيش في بيئة سياسية شديدة الاستقطاب، وهو استقطاب ربما يكون وولفسون قد لعب دوراً في تأجيجه، لكني أرى مع ذلك أنه يضع قدراً أكبر مما ينبغي من اللوم على كتفيه، بسبب ما فعله عامي 2004 و2008. *كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©