الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأمن الغذائي في سوريا.. حكاية تحذيرية

21 يناير 2017 22:27
في الوقت الذي يكون الحصار على حلب اقترب من نهايته، قد تكون هذه لحظة ملائمة للتأمل في الصراع السوري، حيث تم إيلاء القليل من الاهتمام إلى العوامل الأساسية التي أدت إلى اندلاع الحرب. فقد استمر القتال وتعاظمت حدته بسبب مجموعة معقدة من الأسباب المتداخلة بما فيها عدم المساواة الاقتصادية، والمطالبة بمزيد من الحرية السياسية، بالإضافة إلى المظالم الدينية والاجتماعية والسياسية. في السنوات التي سبقت بدء الصراع في عام 2011، واجهت سوريا واحداً من أقسى أنواع الجفاف المضني في تاريخها الحديث. ففي عام 2010، أدى انهيار الزراعة إلى هجرة أكثر من 50,000 عائلة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية. ووفقاً لمقرر الأمم المتحدة لحقوق الغذاء «أوليفييه دي شوتر»، فإن الجفاف دفع من 3-4 ملايين مواطن سوري إلى مواجهة فقر مدقع. إن تغير المناخ وسوء إدارة الموارد وشؤون الأمن الغذائي وبرامج الإصلاح الهيكلي الاقتصادي كلها عوامل أدت إلى قيام الحرب السورية. في الرقة عام 2010، تحدث المزارعون النازحون عن الآبار الملوثة، والماشية النافقة، والحقول الجافة. واليوم وبسيطرة «داعش» على المدينة، فإنه ليس من الصعب أن نرى لماذا تحول العديد من المزارعين المعدمين إلى مجموعة متطرفة سعياً لفرص جديدة. على كل دولة أن تطور أطراً جغرافية وثقافية، ومناخية محددة لتحقيق الأمن الغذائي. هنا، سوريا بمثابة حكاية تحذيرية. فإن آثار تغير المناخ سوف تؤدي إلى تغيير جذري في المعادلات بحيث تنخفض الصادرات الإقليمية، في حين أن السعر سيزيد على مستوردي الغذاء وذلك بعد توفير العبور الآمن للمواد الغذائية. في منطقة يتم استيراد 50? من احتياجاتها الغذائية، يجب على صناع السياسات الاستعداد لأي سيناريو. ففي مصر مثلاُ، البلد الذي قام بتنويع محاصيله المحلية ووارداته على حد سواء، أثر انخفاض قيمة الجنيه فيه على توافر المواد الغذائية والقدرة على تحمل تكاليفها. وباستمرار التضخم إلى ما يقرب من 20?، أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، كما أن توافر السلع المستوردة نما بشكل ملحوظ. ويجري حالياً اختبار بعض الحلول البديلة. فمن منظور السياسة العامة، تسعى دول الخليج، والتي تستورد نحو 90? من غذائها، إلى بناء قدراتها للتأقلم والصمود من خلال تنويع الواردات وفقا لبلد المنشأ. فقد وضعت الشركات الخليجية سياسة محددة لوارداتها من الأراضي الأسترالية، الأوكرانية وعبر شرق أفريقيا، وحتى الولايات المتحدة. ومن منظور تكنولوجي تقوم كل من قطر وعُمان والإمارات العربية المتحدة بإجراء اختبار على الزراعة المائية باعتبارها وسيلة للتحايل على مناخاتها القاحلة. لكن وبالرغم من ذلك، فإن مستوى الإنتاج الزراعي لن يسمح لأي من هذه الدول بأن تصبح مكتفية ذاتياً. وينبغي أن يظل التركيز قائماً على تطوير إطار وطني للشراكات بين القطاعين العام والخاص والبحث العلمي، إن دول شرق أفريقيا وشمال آسيا سوف تقوم وبشكل جيد للعمل ضمن إطار إقليمي لبناء مزايا نسبية. وكما تقوم الإمارات على زيادة قدرتها في مجال تربية الأسماك ينبغي على البلدان المجاورة أيضاً السعي لزيادة كفاءتهم في مجالات أخرى من الإنتاج الغذائي. هذه الروابط، جنباً إلى جنب مع إطار التخطيط المستدام وتقاسم المعارف والموارد، سوف يؤدي إلى بناء مستوى من المرونة الإقليمية وهو بمثابة حاجة ماسة لهذه الدول. في عام 2016، وازنت الاقتصادات المصدرة للنفط إنفاقاتها، في حين قامت الاقتصادات المستوردة للنفط بخفض التحويلات المالية الاستثمارات الأجنبي المباشر. وفي حين يقرر صانعو السياسات التقليل من النفقات فإن المخاوف المحيطة بالاستدامة وتوافر المواد الغذائية بأسعار معقولة يمكن أن يوضع جانباً. وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يتحقق الأمن الغذائي عندما تتاح لكافة الناس، في جميع الأوقات، الإمكانيات المادية والاجتماعية والاقتصادية للحصول على غذاء كاف وسليم ومغذ، يلبي احتياجاتهم واختياراتهم الغذائية، بما يتيح لهم التمتع بحياة مفعمة بالصحة والنشاط. في السنوات الأخيرة، ألقت فرضية الأمن الغذائي بظلالها على غرب آسيا وشمال أفريقيا بسبب الاضطرابات السياسية والصراعات والإرهاب والركود الاقتصادي والأزمات الإنسانية التي تتبع مثل هذه الأحداث. ولقد بدا واضحاً أن منظمة الغذاء والزراعة (الفاو) هي المنظمة الوحيدة التي سلطت الضوء على زيادة منسوب الجوع في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا. * محلل أول في مركز دلما للدراسات
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©