الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المشهد العراقي··· تغيرات إيجابية

المشهد العراقي··· تغيرات إيجابية
13 أكتوبر 2008 02:32
في السوق وراء الآخر، والحي السكني بعد الآخر، بدأت جدران العزل الأمني المسلحة -التي أقيمت على امتداد بضعة أميال بين شتى الأحياء والأسواق، منعاً لوقوع أحداث العنف والقتل بين الفرقاء العراقيين-، بالانهيار الواحد تلو الآخر، في إشارة واضحة على استتباب الأمن في مختلف مناطق وأحياء العاصمة بغداد؛ وكانت هذه الجدران ترمز من قبل، إلى أهم معلم من معالم خطة زيادة عدد القوات التي طبقتها الولايات المتحدة في عام 2006؛ وهذا ما أكده ''عدنان'' وهو بائع للخضروات والفاكهة في حي الدورة في بغداد -الذي اشتهر بكثرة وقوع أحداث العنف فيه- بقوله: لقد تمكنت هذه الجدران من وقف هجمات السيارات المفخخة وغيرها من الهجمات الشبيهة، إلا إن من رأيه أن هذه الجدران بدأت تشكل عائقاً أمام حركة التجارة المتبادلة بين شتى الأحياء والأسواق العراقية، ما يستوجب إزالتها، حتى تزدهر التجارة مرة أخرى في بغداد، خاصة وأنها أصبحت آمنة حالياً· والحقيقة أن الهدم البطيء والتدريجي لهذه الجدران، يعد أحد أهم مظاهر التغيرات التي تشهدها بغــداد مؤخراً؛ وبالقدر نفســه يشير هدم الجدران الأمنيـــة إلى قرب نهاية خطــة زيـــادة عدد القوات الأميركية، التي أسهمت مساهمة واضحة في استتباب الأمن في العاصمة العراقية؛ وعليه فإن من المتوقع أن يتم تنفيذ خطة التراجع التي تقضي بانسحاب أعداد أكبر من الجنود الأميركيين خلال العــام المقبل؛ وفي الوقت الحالي لا يزال نحو 148 ألف جنــــدي أميركي يرابطون في العراق، مــع ملاحظــة انخفـــــاض عددهــم من الرقم الــذي كـــــان عليـــه فــــي ذروة تنفيذ خطة الزيــادة: 170 ألفـــاً· هــــذا وقـــــــد وافــــــق الرئيــس بــوش على خفــض 8 آلاف جنود آخرين، بحلـــول شهـر فبراير المقبل· في الوقت نفسه بدأ العراقيون سلفاً تسلم الكثير من المهام الأمنية التي كان يتولاها الجنود الأميركيون· وبذلك فقد ارتفعت آمال الكثيرين في كل من واشنطن وبغداد، في أن يتمكن العراقيون من تولي زمام أمرهم، إلا أن تلك الآمال يصحبها تصاعد المخاوف من حدوث انتكاسة وخيبة في المضي في هذا الطريق إلى نهايته؛ فعلى سبيل المثال، تسلمت الحكومة العراقية مهمة صرف مستحقات ورواتب عناصر ''حركة الصحوة'' التي ينسب إليها الكثير من الفضل في استعادة الأمن وبسط النظام في عدد من أكثر أحياء ومناطق العاصمة بغداد عنفاً ودموية، من يد القوات الأميركية التي كانت تتولى الصرف والإنفاق عليها، في الأول من شهر أكتوبر الجاري؛ والملاحظ انعدام الثقة المتبادل بين عناصر هذه الحركة التي يغلب عليها التيار السني، والحكومة العراقية المخدمة لهم، بغلبة التيار الشيعي عليها، وبالنظر إلى حقيقة أن غالبية مقاتلي الحركة، كانوا من أشد المتمردين وأكثرهم دموية قبل تحالفهم وقتالهم المشترك ضد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، جنباً إلى جنب القوات الأميركية· من التغيرات المهمة الأخرى التي طرأت على المشهد الأمني العراقي، وقلما التفتت إليها الأنظار -مقارنة بالاهتمام الذي صحب انتقال المسؤولية المالية والإدارية عن مقاتلي ''الصحوة''، من يد الأميركيين إلى العراقيين- الجهود التي يبذلها الجيش العراقي على أمل تمكنه من إحالة المسؤولية الأمنية التي يتولاها عن أحياء بغداد وضواحيها، لقوات الشرطة الوطنية؛ وتشير هذه التغيرات الثلاثة مجتمعة إلى بدء انتقال العراق إلى مرحلة تحاول فيها الحكومة العراقية التي يغلب عليها الانتماء الشيعي، السيطرة على جيشها، بحيث يتمكن من تولي المزيد من المهام والمسؤوليات من القوات الأميركية المرابطة في البلاد· وعلى حد قول الرقيب ''جويدي نعيم محمود عارف'' من قوات شرطة حي الدورة بجنوبي بغداد: ''فقد أصبحت قوات الأمن الوطنية قادرة على حماية العراق· وتعتمد هذه القوات على نفسها الآن أكثر من أي شيء آخر''، غير أن عشرات العراقيين الذين تحدثوا إلينا خلال اللقاءات التي أجريناها لهذا التحقيق في شتى أنحاء العراق، أشاروا إلى أن العنف المتبادل بين الشيعة والسنة قد تراجع وهدأ كثيراً؛ إلا أن تحت رماد هذا الهدوء تكمن نيران ومخاطر انعدام الثقة بين الطرفين،· وهنا يكمن خطر الانتكاس والعودة إلى دائرة العنف الشريرة مجدداً، خاصة في حال الانسحاب الكامل للقوات الأميركية· وفيما لو سارت هذه التغيرات في الاتجاه الإيجابي المأمول لها، فسوف يصبح ممكناً استئناف الحياة الطبيعية الآمنة في العاصمة بغداد؛ غير أن لكل واحد منها مخاطره ومهدداته على أية حال· ففي وسع مليشيات ''الصحوة'' مثلاً، العودة إلى نشاط التمرد السابق الذي كانت تقوم به؛ بينما أصبح في إمكان المفجرين الانتحاريين وغيرهم، مواصلة أنشطتهم دون عوائق، مستفيدين في ذلك من إزالة جدران العزل الأمني التي نصبت ضمن خطة زيادة عدد القوات الأميركية، أما قوات الشرطة الوطنية، التي لطالما اتهمت بالتحيز الطائفي منذ وقت بعيد، فيصبح في مقدور أفرادها وقادتها بصفة خاصة، إساءة استغلال المناصب التي يتولونها· ومن جانبهم يعترف القادة العسكريون الأميركيون في العراق، بهذه المخاطر والتخوفــــات؛ غيــــر أنهــــم يــــرون فيهــــــا مـــا يستحق، خاصة وأنها بدأت تؤتي أكلها كما يقولون، وعلى حد قول الليفتنانت كولونيل ''تيم واتسون'' -قائد الكتيبة الثانية، من الفريق الرابع مشاة، التابع للواء القتال الأول في بغداد- ''فإن من الواجب الآن، حفظ التوازن اللازم بين استتباب الأمن والعوامل الاقتصادية''، غير أن القادة العسكريين الأميركيين يجمعون على أن فشل هذه التغيرات سوف يكون باهظ التكلفة دون شك؛ ومن هؤلاء أشار الميجور جنرال ''جيفري هاموند'' إلى أن عناصر مليشيات ''الصحوة'' سوف يدفع بها الغضب -في حال فشل انسجامها مع الحكومة العراقية التي تولت المسؤولية عنها- إلى الشوارع حيث تعود تارة أخرى إلى ممارسة العنف ضد الحكومة، وعندها سوف يتلقفها تنظيم ''القاعدة'' الذي خرجت عليه وقاتلته معنا· أليسا روبن وستيفن فاريل- بغداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©