الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«الشارقة للشعر الشعبي» يزيح الغبار عن حياة الشاعر بوسنيدة

«الشارقة للشعر الشعبي» يزيح الغبار عن حياة الشاعر بوسنيدة
10 يوليو 2010 21:07
احتفلت الأوساط الثقافية في الإمارات هذا العام بالذكرى التسعين لرحيل الشاعر الكبير أحمد عبدالرحمن الهرمسي المعروف بـ “بوسنيدة” (1855 – 1920) والذي أحيطت حياته بهالة غامضة من التفاسير والتأويلات خصوصاً فيما يتعلق بظروف نشأته والمنطقة التي شهدت بزوغه الشعري والأدبي، وكذلك حكاية حرقه لنتاجه الشعري خوفاً من الفتنة والضلال كما ورد في المصادر. وفي هذا السياق واحتفالاً بالمناسبة قدم مركز الشارقة للشعر الشعبي إصداراً خاصاً بالمناسبة حمل عنوان (بوسنيدة ، شاعر برع في صناعة الخط والكتابة) وهو من جمع وإعداد الشاعر راشد شرار والباحث محمد عبدالسميع يوسف، وراجع الكتاب ونقّحه الشاعر سالم الزمر، ويتحدث الكتاب الذي جاء في 186 صفحة من القطع الوسط عن أهمية البحث في تاريخ الإمارات الثقافي، والذي تحيط به الكثير من الصعوبات والإشكالات المتعلقة بنقص المعلومات حول النتاج الثقافي في فترات مبكرة من تاريخ المنطقة، ويرد في مقدمة الكتاب أن المصادر التاريخية تحفل بأسماء العديد من العلماء، بعضهم من أبناء الوطن، والبعض الآخر جاء من مناطق مجاورة، واختار الإمارات كموطن نهائي له، كي يساهم في دعم الحركة الثقافية والتعليمية، وإثراء حركة الإصلاح والتنوير في المنطقة. وتضيف مقدمة الكتاب أن إبداع شاعر مثل بوسنيدة يعتبر بمثابة سجل مهم يوثق حياة المجتمع ويحفظ تاريخ الأجيال، وينظر المؤرخون للشاعر بوسنيدة كأحد الكنوز المخبأة والتي ظلت منسية لفترة طويلة في السجلات والوثائق المبعثرة في المراكز الثقافية المحلية، وفي المكتبات الخاصة للمثقفين الأوائل في الإمارات، وفي الشارقة تحديداً، والتي عاش وترعرع فيها الشاعر، وخبر فيها معترك الحياة الثقافية والاقتصادية والسياسية بكل حراكها وتقلباتها وعلى أكثر من صعيد وجهة. ويذكر الكتاب في الفصل الخاص بنشأة الشاعر أن والده قدم من البصرة في فترة شهدت نزوح عدد كبير من العلماء من نجد والبصرة ومناطق أخرى مجاورة، والذين استقروا في مدن الساحل وكان تمركزهم واضحاً في الشارقة ودبي ورأس الخيمة وأبوظبي. ويورد الكتاب أن بوسنيدة ولد في منطقة الحيرة بالشارقة في فترة حكم سلطان بن صقر الأول (1803 ــ 1866 ) وتبعاً لهذا التوقيت ــ كما يذكر الكتاب ــ فإن بوسنيدة لابد أنه تلقى مبادئ القراءة والكتابة حتى أتقنها، كما لابد أن يكون قد ألمّ بالكثير من المعارف الدينية والفقهية نتيجة حفظه للقرآن الكريم، ويبدو أن ملكته الشعرية تفتحت مبكرا فحفظ أشعار العرب وأخبارهم، وأخذ ينظم الشعر فأصبح معروفاً بين شعراء الشارقة، وقد أهلته إمكاناته العلمية وموهبته في أن يكون أحد المعلمين المشهورين بحسن الخط وجودة الكتابة، وأن يصبح كاتباً شخصياً للشيخ صقر بن خالد القاسمي حاكم الشارقة في تلك الفترة. ويعرّج الكتاب على شخصية بوسنيدة ويذكر أنها شخصية متعددة الجوانب فهو مفكر وشاعر ومعلم مبدع في فنون الخط وكتابة الرسائل، ولديه مقدرة في البحث والحوار وفي التخاطب والاستدلال، والمعروف أن كلاً من الشيخ سلطان بن صقر الثاني وسكرتيره لاحقاً إبراهيم المدفع قد تعلما الخط على يد بوسنيدة، ووصفه المؤرخ عبد الله بن صالح المطوع بأنه “ابن مقلة زمانه” تشبيهاً بالخطاط الشهير الوزير العباسي ابن مقلة. وحول نتاج بوسنيدة الشعري يذكر الكتاب بأنه لاقى استحساناً وقبولاً من كل المجايلين له ومن معظم الشعراء الذين أتوا بعده، ومنهم شاعر الإمارات الكبير راشد الخضر الذي أثنى على شعره المتوافر على الجزالة وقوة السبك وتعدد الصور المشهدية والرؤى الإنسانية التي تناولت مختلف الأغراض مثل المدح والرثاء والغزل والحكم والأمثال، وامتاز شعره بالمطولات والأوزان الشعرية الممتدة والملائمة لتلك الأغراض. وعلى الرغم من أن الكتاب لم يتناول الحكاية الغريبة التي تحدثت عن حرقه لنتاجه الشعري، إلا أن الباحث علي محمد المطروشي ذكر في إحدى الندوات التي أقيمت حول الشاعر بأنه أحرق ديوان شعره عندما أحس بدنو أجله، خصوصاً عندما اقتنع برأي أحد المقربين منه بأن شعره قد يكون مصدراً لاستجلاب السيئات ومدخلاً للمعاصي، وخوفاً من الفتنة والذنب قام الشاعر بالتخلص من معظم ميراثه الشعري ولم يبق من قصائده- كما يذكر المطروشي -سوى 17 قصيدة متفاوتة الطول والمستوى، وهناك أيضاً بعض القصائد التي تداولها الرواة والإخباريون والمدونون المعروفون في المنطقة. أما الشاعر والباحث سلطان العميمي فيذكر في كتابه الذي أصدره حول حياة وأشعار بوسنيدة إلى أن بوسنيدة اعتزل الشعر قبل وفاته وربما يكون قد ندم على ما نظمه من شعر في الغزل وفي تصوير جمال المرأة، ويؤكد العميمي في ما يتعلق بهذه الحادثة بأن بوسنيدة أراد أن يتخلص مما قد يكسبه من إثم في شعره المكتوب متبعاً في ذلك ما سلكه قبله من علماء العرب المسلمين وأدبائهم ولعل من أشهرهم أبو حيان التوحيدي. عزّي لقلب عزي لقلب كدّر الوقت صافيه / يبكي على لاما عشير مصافيه لو هو تجلّد بالصبر ما يفيده / به باح عوق كاتمنّه وخافيه مخفيه قبل لا يتلف الروح والحال / ويصور في حال عقب ذلك الحال حبّ الذي حبه من القلب ما حال / وسط الحشا بنى وشيّد مبانيه بيني وبينه ساعيين مواشين / نقّالة البهتان والزور والشين هم فرقّوا بيني وبين أريش العين / ليمن وداده طاح قلبي هوى التيه
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©