الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زي النهاردة يخبط في فضاءات التجريب الشكلي

زي النهاردة يخبط في فضاءات التجريب الشكلي
13 أكتوبر 2008 01:36
ضمن محور مسابقة الأفلام الطويلة التي يحتضنها مهرجان الشرق الأوسط الدولي للسينما، قدم المخرج المصري عمرو سلامة تجربته السينمائية الأولى المتمثلة في فيلمه الروائي الطويل زي النهاردة ، والفيلم من تأليف المخرج أيضا، كما أن هذا العرض الذي قدم مساء أمس الأول في القاعة الكبرى لقصر المؤتمرات كان هو العرض الدولي الأول للفيلم بعد عرضه في القاهرة، وقامت وأحمد الفيشاوي وأسر ياسين وعبد العزيز مخيون وسواهم، وقد حضر العرض المخرج والفنانتان اللتان قامتا بدور البطولة فيه بسمة وأروى، إضافة إلى منتج الفيلم محمد حفظي، وهذا هو تجربته الثانية في الإنتاج· الفيلم يبدأ بوضع بعض العلامات البارزة التي يسير ضمن خطوطها، ويبدأ بالزمن من خلال ساعة الموقت التي تحتل واجهة بارزة ويتكرر ظهورها، وكأن الفيلم سيتناول قضية الزمن أساسا، ثم نكتشف أن البطلة مي (الممثلة بسمة) مهجوسة بدور القدر والمصادفات في التحكم بحياتها وعلاقاتها، خصوصا في العلاقة مع الرجل، فهي تتعرض لمجموعة من المواقف التي تجعلها تضع بعض التواريخ ''المشؤومة'' التي تمثل رمزا لموت من تحب، فتحاول تجنب هذه التواريخ وشطبها من مفكرتها ظنا بأن هذا سيجعلها تتجاوز التاريخ المشؤوم، مؤمنة أن القدر قد يتركها لحالها· قصة مي تبدأ بفقدان حبيبها أيمن (يجسده نبيل عيسى) في صراع مع شقيقها المدمن محمد (آسر ياسين) الذي يحاول سرقة المال من أمه وأخته، حيث يتعرض أيمن في ملاحقته لمحمد إلى الموت بحادث سير، لكن هناك علامات تسبق موته، حيث تمر مي بمجموعة من الحوادث والتفاصيل الصغيرة تجعلها تشعر أن تكرار هذه الحوادث سيكون مقدمة لموت الحبيب الآخر ياسر، وبالفعل يتعرض للمصير نفسه الذي تعرض له أيمن· للتأكيد على وجود مثل هذه الشخصية التي تؤمن بأن مصيرها ومصير من تحب في يد القدر· الفيلم ينحو منحى سينما الحركة العنيفة (الآكشن) التي تعتمد الإثارة والتشويق، فهو يبدأ عنيفا وينتهي عنيفا، والعنف هنا مبرر إلى حد ما، لكنه مبالغ فيه، فهناك الكثير من الحركات الفائضة عن الحاجة، والتي كان يمكن الاستغناء عنها واختزال الفيلم· كما أن شراسة السلوكات والحوادث جعلت من الفيلم يقترب من أفلام العنف المقصود لذاته وللإثارة أكثر منه عنفا موظفا لخدمة الحدث والفكرة، حتى أن هذه الفكرة بدت غائمة وغير مقنعة في كثير من الأحيان، وهو ما يفقد الفيلم أهمية المغامرات التي شاء تقديمها بوصفها حلا إنسانيا لمشكلة البطلة، خصوصا أن هذه البطلة لا تبدو ضعيفة أو مهزوزة الشخصية، بل هي تعاني مشكلة نفسية وروحية تجعلها تحاول الهرب من مصيرها· يجمع الفيلم بين تلك المشاهد العنيفة والمؤثرة وبين مشاهد شديدة الرومانسية، بين اللقطات الكوميدية الخفيفة والقفشات العابرة وبين الحس التراجيدي للبطلة القلقة باستمرار على مصيرها ومصير من تحب· لكن الطابع الغالب ظل هو القسوة التي جسدها المخرج في مشاهد موت مختلفة، موت تحت عجلات الحافلة الكبيرة التي تدهم أيمن، وقتل يقوم به محمد لصديقته المدمنة وهي حامل في مشهد غير مقنع فنيا· كما يستخدم المخرج تقنيات التصوير الرقمي والكمبيوتر لتقديم مشاهده المتكررة، وفي مجال الصوت والموسيقى التصويرية فهو يستخدمها بشكل يجعلها تغطي مقاطع طويلة من الفيلم، وتطغى أحيانا على حديث الممثلين، وأحيانا دون وظيفة محددة، وكذلك الأمر في تقديم الفرقة الموسيقية وأغانيها التي تبدو منفصلة عن الفيلم وعالمه· مستغلا التقنيات الحديثة وميالا لتقليد تجارب سينمائية تقوم في أساسها على الإثارة المجانية· ومن ناحية ثانية فكون الحبيب ممثلا يبدو أمرا غير مبرر، ويمكن أن يقوم بأي عمل آخر، خصوصا كونه ابن أحد كبار الأثرياء والتمثيل هو مجرد هواية لا تضيف إلى الشخصية أي بعد جديد· وكذلك بقية الشخصيات التي لا يبدو أنها تتطور ضمن سياقات محددة· كل ذلك يجعل من هذا الفيلم عملا غير مفهوم في كثير من مشاهده المجانية، ولا من حيث بناء شخصياته الرئيسية، ويجعل كل الإمكانيات المستخدمة لتنفيذه غير قادرة على صناعة عمل جديد، فهو من حيث الأساس يفتقد الرؤية الشاملة والمتكاملة التي يجب أن يقوم عليها الفيلم الناجح· ومن هنا فمن الصعب على فيلم كهذا المنافسة في مسابقة للأفلام الطويلة التي يدخلها دون خبرة وتجربة تلزمان لخوض هذه المغامرة· والفيلم أخيرا تجربة ''شبابية'' بكل ما في كلمة الشباب من صخب وعنفوان، لكنها قابلة للتحويل إلى تجربة ثرية بالتركيز أكثر على عمق الفكرة التي بدأت بها، وهي تتكرر في كلام أحد الشخصيات بشكل غير مركز حيث يقول والد أيمن ''من ينظر إلى الخلف لا بد أن يصطدم بمن أمامه''، وهي عبارة يمكن الاشتغال عليها لتوضيح مضمونها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©