الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سحر خليفة: فيضان الرواية العربية دليل تعثر وتخبط

سحر خليفة: فيضان الرواية العربية دليل تعثر وتخبط
18 يوليو 2017 00:58
عبير زيتون (رأس الخيمة) معظم «أبناء الجيل الجديد» من الكتاب يكتبون أكثربكثير مما يقرأون، بدليل أن كتاباتهم لا تشير إلى نضج، وتخمر في المعرفة وصقل، وتمرس للموهبة، بل تشير إلى اندفاع شبه غريزي للتعبير عن النفس شجعت على استسهاله «وسائل التواصل الاجتماعي» حيث بات كل مشترك فيه كاتباً وناشراً، وناقداً في الوقت نفسه متجاوزاً كل الشروط اللغوية، والفكرية والمعرفية، وأحياناً الأخلاقية. بهذا التصريح الواضح والجلي ردت الروائية والباحثة والناقدة الفلسطينية سحر خليفة رئيسة لجنة تحكيم جائزة البوكر لعام 2017 على سؤال (الاتحاد) عن خلاصة تجربتها في تحكيم الأعمال الروائية، التي رُشحت للجائزة العالمية للرواية العربية هذا العام، والتي بلغت «186 رواية من 19 بلدًا. وقالت د. خليفة :»لقد كشفت تجربتي مع التحكيم للجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» أموراً كنت أجهلها، وأول اكتشافاتي، باختصار، أن عدد كتاب الرواية في هذا العصر أو المرحلة يكاد يوازي عدد قراء الرواية، أو قد يزيد واكتشافي هذا، أو ادعائي، له دلالة، وهو أن هذا العدد الضخم، أو الفيضان من الروايات التي وصلتنا، وأجزم أن في السوق «أضعافها لم تصلنا « سببه قيام بعض الناشرين، وما أكثرهم بنشر نصوص يكتبون على غلافها جزافاً كلمة «رواية» إما للتشجيع أو للترويج، وهي كلمة لا تصف المضمون بأي حال من الأحوال. وتبين لي بعد نقدهم أن هؤلاء الناشرين يستفيدون مادياً من نشر نصوص هزيلة يسمونها «روايات» إذ يقبضون ثمن النشر مسبقاً من الكاتب الشاب «عديم الخبرة»، ويشترطون كتابة، أو بشكل غير مكتوب، اقتسام الجائزة إذا حُصدت. وعن الآثار السلبية لهذه الفوضى الكتابية على الذائقة الروائية ومستقبل الرواية قالت د. خليفة: «في هذا الجو، ومع هكذا وضع، تضيع الرواية وتتخبط، وتتعثر، وتتضخم، وتتورم، وبعض الأورام كما نعرف ليس حميداً، إذ يشكل عبئاً ثقافياً، وهدراً مادياً تعاني منه جيوب الكتاب والقراء على حد سواء، وهبوطاً في الذوق العام، وإثقالًا غير مبرر على مجهودات لجان التحكيم، والتي رأينا بعضها ينجر وينساق مع هذا المد أو التيار، ويكافئ ويفوّز ويجازي، روايات هزيلة وضعيفة، سواء بالشكل أو المضمون. وعن وجهة نظرها بأسباب الهجوم على جائزة «البوكر» من قبل بعض الكتاب المعروفين، والذين لم تحظ أعمالهم بالفوز، قالت د سحر خليفة : إن بعض الكتاب المخضرمين، وأنا منهم، سواء من جيلي أو أصغر، ممن نالوا النجاح والشهرة، بسبب النجاح والشهرة باتوا يظنون أن كل ما يكتبون هو فعل عبقري منزه لا يتطلب المراجعة والإنضاج والتشذيب. فجاءت أعمالهم مهلهلة، مترهلة، تعاني بالشكل أوالمضمون، كبناء فارغ، ممل وسقيم. وحين ناقشت هذه الظاهرة مع البعض لفتوا نظري إلى أن ما ينقصنا فعلا، وبشدة، وجود محررين محترفين، إذ إن دور النشر العريقة في دول الغربية سبقتنا بهذا المضمار، فهي تُخضع نصوص الكتاب، بمن فيهم «المشهورون» ، لمحررين محترفين حتى يتخلص النص من أورامه ويخرج رشيقا معافى، يشبع القلب والعقل، ويسر العين. وعن الحلول الناجعة لإنقاذ الرواية العربية من فوضى الكتابة والنشر وسط إقبال الشباب على خوض غمارها، وبناء على تجربتها الأدبية والنقدية رأت د. خليفة : أن لابد من تقديم دورات وورشات كتابة للكتًاب الشباب الواعدين، وهذا ما بدأت «جائزة البوكر» مشكورة بتنفيذه، بالتعاون مع مؤسسات ثقافية في أنحاء العالم العربي والتعامل مع دور النشر بحزم أكبر، بطريقة ممنهجة مدروسة، وتشديد القيود على ما يقدمونه من روايات، حتى لا يستمر هذا الفيضان الروائي العبثي، أوعلى الأقل يتقنن. وربما تشجيع الناشرين وتحفيزهم على المشاركة في دورات وورش تقدم لهم خصيصاً لتنمي فيهم الحس المهني والفني، وتجعلهم أكثر انتقائية وإحساساً بالمسؤولية تجاه ما ينشرون، إلى جانب ضرورة تخصيص دورات وورش لخلق جيل من المحررين المحترفين. فهذا الجانب غير معروف في عالمنا الثقافي ونحتاجه، سيساعد الكتاب المعروفين وغير المعروفين، وأيضاً يساعد دورالنشر على الارتقاء بالرواية وإنقاذها من هذه الفوضى وهدر الطاقات. وتضيف: إن الرواية، رغم الفطريات والفوضى، ما زالت بخير، وأن الإبداع يتجدد فيها مع اكتشافي لكتاب شباب وغير شباب أفذاذ لم أكن أعرفهم، وساهمت تجربتي في تحكيم أعمالهم على التعرف على حساسيتهم الإبداعية والفكرية التي تبشر بالنور، والفخر، والاعتزاز ، أهنئهم، وأشكرهم، لأنهم ملأوا أيامي بالبهجة، طوال قرابة سنة، نكأوا جراحي بمبضعهم، وجعلوني أطير وأحلق في عوالمهم، أو أندب واقعنا وأتوجع وأبكي معهم. ضوء على تجربة د.سحر خليفة ماجستير في «الأدب» من جامعة «نورث كارولينا» ودكتوراه من جامعة «أيوا» في دراسات «المرأة والأدب الأميركي»، تعتبر واحدة من أهم الروائيين الفلسطينين. نالت أعمالها الروائية التي بلغت 11عملاً العديد من الجوائز العربية والعالمية منها جائزة نجيب محفوظ «2006عن رواية «صورة وأيقونة وعهد قديم» وجائزتي «ألبرتومورافيا» الإيطالية، و«ثرفانتس» الإسبانية، إلى جانب جائزة «سيمون دبوفوار» الفرنسية لعام 2009 والتي رفضتها لأسباب وطنية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©