الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائريون يستعينون بالفواكه والأعشاب للتصدي لانفلونزا الخنازير ويديرون ظهورهم لحملات التوعية

الجزائريون يستعينون بالفواكه والأعشاب للتصدي لانفلونزا الخنازير ويديرون ظهورهم لحملات التوعية
28 ديسمبر 2009 01:52
يعيش الجزائريون منذ بضعة أسابيع أجواء من القلق والارتباك والحيرة والخوف إثر التفشي السريع لفيروس انفلونزا الخنازير وامتداده إلى 33 ولاية من أصل 48 ولاية جزائرية، وعلى الرغم من الحملات التوعية الكبيرة التي تنظمها وزارة الصحة للإرشاد إلى كيفية الوقاية من الفيروس والتعامل معه أثناء الإصابة، إلا أن الارتباك لا يزال سائداً، لا سيما وأن الإشاعات التي راجت بشأن عدم صلاحية اللقاح المضاد للفيروس وخطورته على حياة المتلقين وصحتهم، دفعت الجزائريين إلى الإقبال أكثر على تناول الأعشاب التقليدية اعتقاداً منهم أنها أكثر فعالية في الوقاية حسين محمد (الجزائر) - حينما ظهر المرض لأول مرة في سبتمبر الماضي، لم يبدِ الجزائريون توجسا كبيرا بسبب الحملة الإعلامية الكبيرة التي قامت بها السلطات وأعلنت خلالها أنها اتخذت كل التدابير الاحتياطية للوقاية منه والحدِّ من انتشاره، ومنها الانتهاء من تنصيب كاميرات حرارية في المطارات والموانئ والمراكز الحدودية البرية لاكتشاف الفيروس فوراً لدى القادمين من الخارج، وبالتالي محاصرة المرض وعدم السماح بانتشاره. وطمأنت الحملة المواطنين بعض الوقت، لا سيما أن الإصابات المسجلة كانت قليلة مقارنة بدول عديدة، وتتعلق بمغتربين جزائريين عادوا من أوربا وأميركا، إلا أنه ما أن حل فصل الخريف حتى تغيَّرت المعطيات تماماً وبدأ الوباء يستفحل وتسارعت وتيرة الإصابات وبدأت وزارة الصحة تعلن تسجيل وفيات، وهنا بدأ الخوف يدب فعلاً إلى قلوب الجزائريين الذين تأكدوا أن الحديث عن التدابير الوقائية والكاميرات الحرارية وغيرها لم يكن ذا قيمة وكان يهدف أساساً إلى طمأَنتهم وتهدئتهم. وبلغت القلوب الحناجر حينما أعلنت وزارة الصحة الجزائرية تسجيل 607 إصابات مؤكدة بالفيروس ووفاة 38 شخصاً في ظرف ثلاثة أسابيع، وهو رقمٌ مرتفع وغير متوقع على الإطلاق، فضلاً عن الاشتباه في 8 آلاف حالة أخرى. لقاحٌ مثير للجدل لعل ما فاقم المشكلة أكثر هو الضجة المثارة في البلد حول اللقاح المضاد للفيروس؛ حيث استوردت الجزائر 900 ألف جرعة من لقاح صنعته شركة كندية ضمن صفقة لاستيراد 20 مليون جرعة لتلقيح 60 بالمائة من السكان استجابة لمعايير منظمة الصحة العالمية؛ فقبل استيراد الدواء في ديسمبر الجاري، كانت أنباء عديدة قد راجت حول عدم الأضرار التي يسببها اللقاح، وفي غياب معلومات طبية مؤكدة، بقيت “لغة الشارع” هي السائدة، وقيل إن اللقاح يتسبب في أضرار خطيرة للجهاز العصبي وللقدرات العقلية للأطفال وللخصوبة على المدى المتوسط، كما أن له أضراراً آنية خطيرة، وساهمت هذه الأقاويل في توجس الناس خيفة ًمن اللقاح، لا سيما أن عدداً من الصحف المحلية نشرت تصريحات أطباء وصيادلة جزائريين عديدين تشكك في خطورته ويعلن أصحابُها رفضَهم تلقي اللقاح، على الرغم من قرار وزارة الصحة منحهم الأولوية نظراً لاحتكاكهم اليومي المباشر مع المصابين، إلا أن الضربة القاضية وقعت حينما نشرت جريدة محلية تسحب أكثر من 700 ألف نسخة يومياً صورة فأرين ميتين وهما ملطخان بالدم، وقالت الصحيفة إنها صورة فأريْ تجارب توفيا إثر تجربة أجراها معهد “باستور” للتحاليل المخبرية بالجزائر العاصمة على اللقاح المستورد من كندا. وأضافت أن تأخر عملية التلقيح قرابة شهر يعود إلى اكتشاف خطورة اللقاح. وهنا خفتت تماماً رغبة المواطنين بتلقيه وقرر أغلبُهم عدم الخضوع له مهما كلف الأمر، وأبدى أولياءُ التلاميذ رفضهم القاطع تلقيح أطفالهم في المدارس استجابة لقرار السلطات العمومية منح الأولوية للفئات ذات المناعة الهشة كالأطفال والنساء الحوامل والشيوخ وذوي الأمراض المزمنة وفي مقدمتها الربو باعتبار أن هذه الفئات هي الضحية الأولى للفيروس، حيث تم تسجيل إصابة 132 طفلاً من أصل 607 حالة، وأدى ذلك إلى غلق 5 مدارس في جهات مختلفة من البلد. وتبذل وزارة الصحة هذه الأيام حملات توعية لإقناع الجزائريين بضرورة تلقي اللقاح لتعزيز مناعتهم أسوة بدول عديدة، وتحذرهم من أن رفض التلقيح سيؤدي إلى تضاعف الإصابات وحالات الوفاة، لاسيما بعد دخول فصل الشتاء البارد. فواكهٌ وأعشاب محلية كبديل عن اللقاح المرفوض والمشكوك في خطورته، أصبح الجزائريون يتصرفون مع الفيروس بشكل فردي، وكل يجرِّب الطريقة التي اهتدى إليها أو سمع آخر يتحدث عنها، فكثر الإقبال على استهلاك عسل النحل وبعض الفواكه وفي مقدمتها البرتقال و”اليوسفية” والليمون لتزويد الجسم بفيتامين “ج” وتحصينه من نزلات البرد والزكام، فتضاعفت أسعارُها، حيث قفز سعر كيلو غرام من البرتقال من 80 ديناراً جزائرياً إلى 160 دج (ما يعادل 2 دولار) فضلاً عن الإقبال على اقتناء الأقراص الطبية للفيتامين “ج” من الصيدليات، حيث يؤكد الصيادلة تضاعف نسبة اقتنائها عما كان عليه الأمر في السنوات الماضية. وفي “منطقة القبائل” الأمازيغية لوحظ تضاعف الإقبال على أكياس وكذا قنينات زجاجية مليئة بالتين المجفف المغموس بزيت الزيتون، وتُعرض هذه القارورات على الطريق الوطني رقم 5 الذي يربط الجزائر العاصمة بمدن الشرق الجزائري، وقال مواطنون عديدون إن استهلاكها يحمي من نزلات البرد. وبموازاة ذلك، أصبح الجزائريون يقبلون بكثرة على استهلاك المشروبات الساخنة لأعشاب محلية مشهورة بأنها مضادة لنزلات البرد والزكام، ومنها “الشيح” و”التيزانة” و”الزعتر” و”الحارّْ” وتضاف إليها أكياس الزنجبيل المستوردة. وأصبحت هذه المشروبات تُقدَّم حتى في المقاهي الشعبية حسبما لاحظنا من خلال زيارتنا لبعض أرياف الشرق الجزائري في الأيام القليلة الماضية، حيث تراجع استهلاك القهوة والشاي والمشروبات الغازية وازداد الطلب الشعبي على المشروبات المحلية المضادة لنزلات البرد وكذا عصير البرتقال. وتُباع هذه الأعشاب في الشارع ويتم تناول منقوعها بعد أن تُغلى تحت درجة حرارة عالية وتُقدَّم للاستهلاك ساخنة، وعادة ما يخلد مستهلكُها إلى النوم ويتدثر بأغطية ثقيلة إذا كان مصاباً بنزلة برد حيث تتضاعف فعاليتها آنذاك ويُشفى بعد التعرق مباشرة، بينما تُشرب في كل وقت للوقاية دون الخلود إلى النوم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©