الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحظر على كوبا··· لا غالب ولا مغلوب

الحظر على كوبا··· لا غالب ولا مغلوب
12 أكتوبر 2008 02:09
لم يعد إنهاء الحظر التجاري الأميركي المفروض على كوبا منذ عقود فكرة نبيلة فقط، وإنما ملحة أيضا؛ وذلك لأن ظروفا كثيرة تغيرت إلى درجة أن إعادة إقامة علاقات اقتصادية عادية باتت تمثل سياسة ذكية وحكيمة؛ حتى في الوقت الذي يكافح فيه الكوبيون للخروج من تأثيرات وتداعيات إعصاري ''جوستاف'' و''آيك''، تظل الرغبة في إنهاء الحظر قوية؛ حيث دعا الرئيس الكوبي -خلال رفضه لعرض من قبل الولايات المتحدة للمساعدة في الرابع من سبتمبر- إلى تطبيع كامل للعلاقات الاقتصادية بدلا من ذلك؛ غير أن الولايات المتحدة تبدو مصممة بالقدر نفسه على معارضتها للديكتاتورية الاشتراكية التي تقارب خمسين عاما؛ وكما عبر عن ذلك معهد ''كاتو''، فإن الدافع الأساسي للحظر التجاري الذي تفرضه ''واشنطن'' هو ''الضغط من أجل تبني إصلاح ديمقراطي'' في كوبا· بيد أن ثمة أرضية مشتركة؛ ذلك أن كلا الجانبين يريدان الأمن الوطني والفرص الاقتصادية؛ والآن حان وقت الدفاع عن هذه المصالح المشتركة والترويج لها، على أنه يمكن للفرص المفيدة للجانبين في ثلاثة مجالات بشكل خاص -التجارة الزراعية، وتنمية الطاقة والهجرة- أن تشكل الأساس لعلاقة ثنائية سليمة خلال مرحلة ما بعد الحظر التجاري· منذ سنوات، يطالب المزارعون الأميركيون الكونجرس بفتح الأسواق الكوبية، التي تعد مربحة وتتميز بانخفاض كلفة النقل، ولكن من دون أن تلاقي هذه المطالب استجابة كبيرة؛ غير أن الجانبين يستطيعان جني الفائدة بمزيد من التحرير؛ خيارات دفع أكثر ليونة بالنسبة لكوبا التي هي في أمس الحاجة إلى المال، ونهاية العمل بالتراخيص و''الكوتا'' بالنسبة للمزارعين الأميركيين؛ ويذكر في هذا الإطار أنه على الرغم من الحظر التجاري، إلا أن الولايات المتحدة تظل أكبر مزود لكوبا بالمواد الغذائية وسادس أكبر شريك تجاري· ثانيا، يمكن للانخراط الأميركي المباشر أن يسمح لاثنين من أكبر القطاعات الخالقة للثروة في البلاد -قطاعي النيكل والسكر الكوبيين- بالتوسع والتطور من خلال تكثيف البحوث في مجال الطاقة، وذلك عبر عقد اتفاقات الشراكة مع الجامعات والقطاع الخاص؛ وإذا كانت معظم الصادرات الكوبية تتجه اليوم إلى كندا أو الصين أو هولندا كمواد خام في الغالب، فإن ثمة فرصا لتنويع وتصنيع منتجات الصادرات الكوبية عبر توفير التمويل للتكنولوجيا اللازمة، وبدون الخوف من التداعيات القانونية للحظر الأميركي· وعلاوة على ذلك، تستطيع كوبا الاعتماد في معالجة أزمتها في مجال الطاقة على الخارج والقيام في الوقت نفسه بقفزة بخصوص التحديث؛ كما تستطيع بحث إمكانيات وفرص سوق السكر الطاقة البيولوجية، واستعمالات النيكل المرتبطة بمجال الطاقة؛ وبالنظر إلى كثرة المهندسين الكوبيين المدربين تدريبا جيدا، يمكن القول إن المكونات اللازمة لحدوث عاصفة مثالية للتحديث والتجديد كلها موجودة ومتوفرة· ومن جانبها، ستستفيد الولايات المتحدة في الوقت نفسه من إنهاء الحظر لأنها ستربح الأمن الناتج عن الاستقرار في كوبا؛ والأهم، أنه عن طريق الاستثمار في النموذج المستقبل للأسواق النامية -مختبر للطاقة والتكنولوجيا الخضراء بمساحة 42803 ميلا مربعا اسمه كوبا- تربح الولايات المتحدة شريكا متفانيا في البحوث الرامية لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة· أما المكون المهم الآخر لتجديد العلاقات، فهو وضع حد للهجرة السرية؛ فموضوع الخلاف ''قانون تأقلم اللاجئ الكوبي'' لعام ،1966 والذي عدل في ،1995 يشجع المنشقين الكوبيين على المجازفة بحياتهم من أجل طريقة سريعة لنيل الجنسية لدى الوصول إلى التراب الأميركي؛ كما أنهم يحصلون بشكل فوري على رخصة عمل وإمكانية الحصول على الإقامة في غضون عام واحد؛ غير أن تقريرا لصحيفة ''ميامي هيرالد'' في عام 2002 أفاد بأن واحدا من أصل كل 20 كوبيا يتم تهريبهم إلى سواحل الولايات المتحدة يموتون أثناء المحاولة، وأن المهربين يجنون ما قد يصل إلى 10000 دولار عن كل شخص؛ وبالتالي، فمن شأن تطبيع قوانين الهجرة وضع حد لهجرة الأدمغة الكوبية، وإنهاء تهمة ازدواجية المعايير الأميركية بخصوص الهجرة، إضافة إلى توفير مئات الملايين من دولارات دافعي الضرائب الأميركيين المطالبين بتمويل أربع وكالات مختلفة من أجل تطبيق هذه السياسة· يقول المؤيدون للحظر، إن دوره يكمن في أنه يمثل احتجاجا رمزيا مهما على سجل كوبيا في مجال حقوق الإنسان، وافتقارها للحريات السياسية والمدنية والاقتصادية؛ بيد أن الانخراط البناء مع نظام ''كاسترو'' المستعد للإصلاح - باستعمال إطار يقوم على المصالح الاقتصادية المتبادلة شبيه بالعلاقات الأميركية الصينية- يمكن أن يمنح المراقبين سببا أكبر للتفاؤل؛ ولعل رغبة رئيس الوزراء الصيني ''وين جياباو'' في التحدث بصراحة مع الصحفي ''فريد زكريا'' من ''نيوزويك/ سي إن إن'' الشهر الماضي حول الدمقرطة دليل على التقدم· إن إنهاء الحظر الكوبي لن يمثل حلا سريعا للعلاقات الأميركية-الكوبية السيئة؛ مثلما انه لن ينهي تراجع التقدير والاحترام اللذين تعاني منهما الولايات المتحدة عبر منطقة أميركا اللاتينية؛ ولكنه سيمثل إنجازا مهما للقيادة الأميركية بخصوص موضوع مثير للانقسام في المنطقة؛ وبإنهاء الحظر، يمكن للولايات المتحدة أن تتعلم أن القوة الناعمة، في الظروف المناسبة، هي أكثر فاعلية في إعادة تشكيل التصور السائد في أميركا اللاتينية بخصوص الولايات المتحدة من القوة الخشنة للعزلة الاقتصادية · جينفر جيرز-إيسكاندون باحثة أميركية وأستاذة جامعية ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©