الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثواب والعقاب بين الغطرسة والتساهل والحزم

الثواب والعقاب بين الغطرسة والتساهل والحزم
28 ديسمبر 2009 01:51
يتفق المعنيون بالعلوم التربوية والسلوكية على أن طريقة تصرف الوالدين تجاه أطفالهما تأخذ ثلاثة أساليب خاصة لتربية الأبناء، وهي الأسلوب المتغطرس، أو المتساهل، أو الحازم، ويقوم الآباء المتغطرسون بوضع قواعد صارمة وينتظرون من الأبناء الانصياع التام لها، ويرى هؤلاء الآباء أن الأبناء يجب أن يحددوا مواقفهم منها، ولا يشجعوهم على مجرد التفوه بآرائهم، ويحاولون دائماً إدارة الشؤون المنزلية على أساس من النظام الثابت والتقاليد الصارمة والانضباط الذي يشكل غالباً عبئاً ثقيلاً على الأبناء. ونجد الأطفال الذين ينحدرون من عائلات هذا النموذج يميلون إلى العزلة، ويعانون من التعاسة، ولا يكون من السهل عليهم الثقة بالآخرين، وتقديرهم لذاتهم يكون على أدنى درجة من المستويات مقارنة بغيرهم. من جانب آخر نجد أن الآباء المتساهلين يحاولون تقبل الأشياء على علاتها، وغالباً ما يكونوا سلبيين تجاه وضع حدود لتصرفات الأبناء أو عندما يواجهون عصيانهم، وليس لديهم متطلبات قوية، ولا أهداف واضحة بخصوص أبنائهم. تقول هاجر الحوسني، الأخصائية النفسية في منطقة أبوظبي التعليمية:» بالنسبة للآباء الحازمين نجدهم عكس النموذجين السابقين حيث يعملون على إيجاد حالة من التوازن في الحدود الواضحة داخل البيئة المنزلية، وغالباً ما يقومون بإسداء النصح والتوجيه دون ضغط وتحكم، بل ويقومون كذلك ببيان تفسيرات لما يقومون بأدائه من أعمال مع إعطاء الأبناء الفرصة لأن يكون لهم دور فيما يتم اتخاذه من قرارات مهمة، وهم بذلك يقررون استقلالية أطفالهم، ولكنهم يعملون على أن يصلوا بهم إلى أعلى مستوى من المسؤولية تجاه الأسرة والأقران بل والمجتمع، فهؤلاء الآباء لا يشجعون على التواكل، وإنما يشجعون على التنافس ويمتدحون، ومن ثم يتميز أطفالهم بالثقة بالنفس والاستقلالية والقدرة على التكيف والتخيل مما يجعلهم محبوبين من الآخرين، وبمعنى آخر يتميزون بدرجة عالية من الذكاء الاجتماعي. فالرعاية تعني المشاركة الفعالة في حياة الطفل العاطفية، ويتضمن هذا اللعب، والمشاركة في الأنشطة الطفولية، ومن شأن ذلك أن ينمي الخيال ومهارة التكيف والمحافظة على سلامة وصحة الطفل. ويذهب العلماء والباحثون إلى أهمية أن تشمل هذه الرعاية أو المشاركة عدة مبادئ مهمة يمكن تلخيصها في: امتداح الأطفال لسلوكهم المناسب مع مراعاة الدقة والأمانة وتجنب المبالغة في المديح حتى لا يصبح نوعاً من التملق، وإظهار الوالد اهتمامه بما يؤديه الطفل، والتعبير عن مشاعره، لذا أفضل المصارعة المازحة وليس الجادة، كما يجب عدم توجيه أسئلة أو أوامر إلى الأطفال، وإظهار المشاعر نحو ما يشاهده، وليس التحكم أو التوجيه». وتوضح الحوسني: «لنضرب مثالاً على ذلك: ما الذي يمكن أن يفعله الوالدان في الموقف التالي؟ «طفل في الخامسة من عمره يقف وسط محل صغير لبيع المجوهرات مزدحم بالزبائن، وقد انتابته حالة من الغضب الشديد، وأخذ يتخبط محركاً يديه يميناً ويساراً، ويرفس برجليه، ويصرخ بأعلى صوته وهو قريب من «فاترينة» زجاجية تضم العديد من المجوهرات الدقيقة والثمينة، وكانت الأم في حالة من اللاوعي والغفلة عما يحيط بها، وجلست غير مكترثة بما يجري، وقالت لطفلها: «يا حبيبي، لا تبكي.. أخبرني عما يضايقك بدلاً من البكاء.. أنا لا أفهم مشكلتك إذا لم تتوقف عن البكاء، أريد أن أعرف كيف أتصرف من أجل راحتك؟»، هنا اندفعت صاحبة المحل وهي تكاد تقذف بالأم قبل الابن خارج المحل، وقالت: «بل أنا الذي سأفيدك بما يضايقني»، وظلت صاحبة المحل تنتظر أو لتخمن، وهي في دهشة تامة، في أي شيء كانت الأم تفكر عندما كان ابنها على هذه الحال». وتعقب الحوسني: «إن الخطأ الذي وقعت فيه الأم هو اعتقادها أنه من الممكن إخضاع الأمور للمنطق والتعقل مع الأطفال حتى في المواقف التي يسيئون فيها التصرف، وعلى الوالدين النهوض بدوريهما في التوجيه والتحذير والتلميح بحزم عندما يبدأ الطفل في إساءة التصرف، فهذا أفضل السبل لتعليمه التحكم في نفسه، الى جانب اعتماد مبدأ الثناء على السلوك الإيجابي، وإغفال السلوك الذي يتبعه لإثارة الانتباه، ويمكن للأبوين هنا اتباع عدد من الأساليب العقابية التربوية، مثل التأنيب المقترن بالتوجيه، أو العزل أو المنع من ممارسة أنشطة محببة لبضع الوقت، أو الحرمان من ميزة كان يستمتع بها عندما تفشل الطريقتان الأولتان كالحرمان من مشاهدة التلفزيون، أو من الخروج في نزهة أو زيارة أو مشاركة الأصدقاء وغير ذلك».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©