الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سينما.. "الرواية المستحيلة" لغادة السمان تتحول إلى فيلم سينمائي

سينما.. "الرواية المستحيلة" لغادة السمان تتحول إلى فيلم سينمائي
28 ديسمبر 2009 01:46
يوشك العمل على الانتهاء في الفيلم السوري الجديد "حراس الصمت"، وهو أول فيلم سوري مأخوذ عن رواية للأديبة السورية المعروفة غادة السمان، حيث اختار المخرج سمير ذكرى روايتها الشهيرة "الرواية المستحيلة ـ فسيفساء دمشقية"، ووضع السيناريو لها ليقدم فيلماً بعنوان "حراس الصمت" تنتجه وتوزعه مؤسسة السينما السورية. فيلم عن البيئة الشامية في روايتها تقدم غادة السمان أربع محاولات متتالية لتقديم دمشق كما عرفتها وعاشتها، أما المحاولة الخامسة في الرواية، فهي رسم وإشارات بالكلمات لخطوط هذه الرواية المستحيلة. وجاء سمير ذكرى ليلتقط روح الرواية وينسج على أحداثها خطوطاً درامية، وكأنه بذلك يكتب المحاولة الخامسة من جديد. وليبني سياقاً ديناميكياً للسرد. وهو ما قبلت به الأديبة المعروفة وأثنت عليه، بعد أن اطلعت على سيناريو الفيلم. إذ إنها قالت ـ بحسب المخرج ـ: السيناريو ناجح وفيه تكثيف سينمائي لروح النص، وأتوقع فيلماً جذاباً وناجحاً، وسأفرح بذلك. أما المخرج سمير ذكرى فأعلن أن الفيلم لن يكون مطابقاً للرواية، بل سيشكل معادلاً سينمائياً للنص الأدبي الجميل، والمهم برأيه هو أنه أمسك بروح الرواية. والفيلم بعنوانه ومضمونه يصور البيئة الشامية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي من خلال فهم غادة السمان العميق للبيئة والحارة الشامية، وتعبيرها عنها بسلبياتها وإيجابياتها والعلاقات الاجتماعية التي سادت فيها والحكمة التي حكمتها. روح المكان وأسراره وما يلفت المخرج هو ذلك الفهم التنويري لغادة السمان القائم على التسامح والاعتدال والتقدم، وهو ما يتفق مع مشروعه الفكري والفني في رؤية ناقدة تتطلع إلى المستقبل. لهذا فهو يقول إنه سيقدم البيئة الشامية الحقيقية والواقعية بعيداً عن التزوير الذي لحق بصورة هذه الحارة من خلال الأعمال التلفزيونية الاستهلاكية، والتي لا تعبر عن البيئة الشامية الأصلية. ويعلن سمير ذكرى أنه سيظهر دمشق المكان بشكل مختلف، لأن كاميرا السينما تقرأ روح المكان وأسراره وجمالياته، مما يحقق الانسجام بين الحدث والمكان على أرضية الزمن المحدد، ويجعل "حراس الصمت" عملاً يعبر عن بيئة دمشق بكل ما فيها من خصوصية وملامح متفردة. حكاية عائلة ومدينة وفتاة ينفي مخرج الفيلم أن يكون العمل سيرة ذاتية لغادة السمان، ولا سيما أن الأخيرة أشارت إلى أنها لم تكن واقعية في الرواية، لكن المخرج يستدرك فيقول: "إن الكاتب لابد أن يعتمد على سيرته الذاتية في أي عمل يبدعه". والفيلم ـ كما الرواية ـ يتناول سيرة عائلة دمشقية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، وتبرز في هذه العائلة فتاة متمردة ترغب بإثبات وجودها، وتحقيق طموحاتها، بعيداً عن القيود البالية. ومن خلال شخصية هذه الفتاة والتغيرات التي تحصل في المجتمع الدمشقي، يعرض الفيلم بذكاء وجمالية صورة شاملة للحياة الشامية عبر شخصيات مختلفة وتفكير متنوع، ذلك أن دمشق كانت دائماً بيئة للتسامح والتطلع نحو المستقبل والطموح نحو التغيير. وهكذا تعلن الفتاة ابنة العائلة الدمشقية المعروفة انتصارها، وتحقق وجودها بصفتها أنثى ذات شخصية مستقلة. الفيلم مملوء بالشخصيات الحقيقية التي رسمتها غادة السمان، والتقطها المخرج ليقدم "فسيفساء دمشقية" متنوعة وغنية وواقعية أيضاً، وليعكس التيارات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي سادت دمشق في مرحلة الفيلم، وليبرز روح الاستيعاب والتسامح عند الدمشقيين إزاء الأفكار المتصارعة، وكيف تتعايش جنباً إلى جنب حتى ضمن العائلة الواحدة. وجوه شابة جديدة اختار المخرج وجوهاً شابة أو جديدة لتلعب أدوار البطولة في فيلمه الجديد، فقد أسند شخصية غادة السمان إلى الفنانة الشابة نجلاء الخمري التي أنهت دراستها في معهد الفنون المسرحية العام الماضي، وهي تشارك في فيلم سينمائي لأول مرة. وفي المقابل أسند إلى الوجه الجديد مازن منى دوراً رئيسياً، كما شارك في الفيلم الفنانون الشباب: إياد أبو الشامات، رامز الأسود، لورا أبو أسعد، مديحة كنيفاتي. إضافة إلى الفنانة القديرة نجاح حفيظ والطفلة الموهوبة كارين قصوعة وغيرهم. ويعلن المخرج أنه يفضل أن يقدم فرصة ثمينة لأي فنان مغمور إذا كان موهوباً، وأنه لا يميل كثيراً إلى سينما النجوم، مؤكداً أنه يراهن دائماً على الوجوه الجديدة الموهوبة ويتيح لهم فرصة التعبير عن مواهبهم. جرى تصوير أحداث الفيلم في بيوت دمشق القديمة وفي مناطق من الغوطة والساحل السوري، وقد حرص المخرج على استحضار بيئة دمشق الحقيقية في زمن الفيلم، ولاسيما أن أماكن كثيرة قد تغيرت معالمها، وطرأت تبدلات عليها، مما جعله يختار أماكن شبيهة. وجوه وآمال الوجه الجديد نجلاء الخمري التي تقوم بدور البطولة النسائية الأولى تبدو واثقة من أدائها وأدواتها الفنية، وهي تتمنى أن يشكل لها هذا الفيلم جسراً للعبور نحو نجاح كبير. أما الوجه الجديد الآخر مازن منى فيعتبر أن إسناد دور البطولة إليه وفي فيلم سينمائي شكل مفاجأة له أقلقته، لكنها فتحت باب النجاح أمامه، وهو يقبل بهذا التحدي، ليبدأ مسيرته الفنية بقوة. وتقول مديحة كنيفاتي إنها سعيدة لأن ما حلمت به وتمنته دائماً قد تحقق عبر مشاركتها في فيلم (حراس الصمت).ويبدو الفنانون الشباب متفائلين جداً بنجاحهم في هذا الفيلم بإدارة المخرج سمير ذكرى الذي وضع بصمات في السينما السورية عبر أفلامه (حادثة النصف متر عام 1981 ـ وقائع العام المقبل 1986ـ تراب الغرباء 1998 ـ علاقات عامة 2005)، ولاسيما أن المخرج ذاته سبق له أن قدم نجوماً سوريين عندما كانوا شباباً مثل عبد الفتاح المزين وجيانا عيد وسلوم حداد وبسام كوسا. وبالتالي فهم ينظرون إليه على أنه صانع نجوم. ويبدو سمير ذكرى متفائلاً أيضاً ويتطلع إلى نجاح فيلمه الجديد، من خلال روح عمل أدبي متميز، وعبر الأمانة والحرفية في تقديم الحارة الشامية سينمائياً، وكما كانت في الواقع بكل جمالياتها وحقائقها بعيداً عن أي تشويه.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©