السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عاشق البحر الذي تصب معظم أعماله في أعماقه

عاشق البحر الذي تصب معظم أعماله في أعماقه
28 ديسمبر 2009 01:38
يرأس عمر سيف المزروعي مجلس إدارة «جمعية دبي التعاونية للصيادين» ولا يمكن أن يمر يوم دون أن يلقي تحية الصباح على البحر، إلا عندما تحذر الجهات المسؤولة في الأرصاد الجوية الصيادين من دخول البحر. إذ يجد المزروعي ذاته خلقت ليكون صياد سمك وتاجر بيع أسماك، حتى قبل أن يتم انتخابه ليكون رئيسا للجمعية بسنوات طويلة. فهو باختصار ابن البحر وعاشقه، ومعظم أعماله ومهامه تصب في عوالمه. صادق عمر سيف المزروعي البحر وتعلق به عندما كان طفلا في الخامسة من عمره، وبدأت قصة تلك الصداقة من خلال جده من طرف الأم محمد سالم المهيري أحد أشهر من عملوا في مهنة صيد السمك، إذ كان يرافقه في بعض رحلاته. وهكذا قيض للمزروعي أن تكون أهم ذكريات طفولته: البحر ثم البحر. ألعاب بحرية في عمر المراهقة شعر المزروعي أنه انتقل إلى مرحلة الولع بالبحر، فحتى خلال لعبه في البيت لم يكن اللعب يتجاوز عالم البحر بما له علاقة بالمراكب والصيد. يقول المزروعي في ذلك: «كنت أترك المدرسة مبكرا لأعود إلى البيت فأرمي بحقيبة الكتب لأذهب إلى البحر وصيد السمك. ومن بين الألعاب التي كنت أحب التسلية بها، لعبة صنع الألعاب البحرية، فتعلمت كيف تصنع المراكب والزوارق الصغيرة طبق الأصل عن الحقيقة، وكان الاسم الدارج بين الفتية والصبية لإحدى تلك اللعب، اسم «مركوبي»، وكان يصنع من لوح من الصفيح. لم يترك المزروعي هذا النوع من الصناعة إلى أن كبر وصنع قاربا حقيقا من إنتاجه بعد أن احترف الصيد. يقول عن مواصفات أول قارب صيد صنعه: «أنجزت قاربا من صنع يدي ثم عملت على تطويره حيث صنعته من «الفيبرجلاس» وطوله 19 قدما، وتم تزويده بماكينة بقوة 48 حصانا. وكان ذلك ما بين عامي 1982-1983. وأذكر أن أكثر ما فخرت به آنذاك حين خرجت به للصيد مع الجد وأحد الأصدقاء، حيث تعمقت في دخول البحر أكثر من 4 أميال عن الشاطئ. أجداد وأحفاد وجد المزروعي نفسه بعد عدة سنوات وتجارب قد بات من الخبراء في صنع وتركيب معدات الصيد، ويعود الفضل في ذلك إلى أن جده أيضا ممن عاصر الأقوام من الأجداد الذين امتهنوا وأجادوا في تصنيع معدات الصيد. يقول المزروعي: «حظيت بالدعم من جدي -رحمه الله- فأنتجت مركب صيد (طراد) طوله 27 قدما، وقد قمت في تزويده بماكينتين «مارينز- جونسون» إذ استولى حب صنع زوارق الصيد علي، وكنت أنظر دائما لما هو أرقى وأفضل من حيث الشكل والخدمات التي تتيح لي صيدا وافرا، لذلك اشتغل في عام 1987 على صنع زورق أقوى بلغ طوله 32 قدما، ووضع له ماكينة بقوة 75 حصانا». طرأت مستجدات آنذاك على حياة عمر، خاصة أن بات ذلك الجد الذي يعتبر سندا وحافزا له يعاني من أمراض الشيخوخة، فقام المزروعي ببيع القارب وتوجه للعمل في القوات المسلحة.. واحتمل -كما يقول- نحو 3 سنوات بعيدا عن البحر وشؤونه وشجونه لانشغاله في العمل العسكري، وعانى في بعده من مشقة كبيرة. ما أحلى الرجوع إليه لم يحتمل المزروعي فراق البحر فعاد إليه واشترى قارب صيد ووظف عمالا لديه، وعاود الخروج للصيد، يقول: «لا أزال إلى يومنا هذا لا أفارق البحر يوما إلا في حال سوء الأحوال الجوية أو بسبب العمل في جمعية الصيادين، كما عاودني حب صنع زوارق الصيد الذي كان يسيطر على تفكيري فصنعت قاربا يحمل مكائن بقوة 400 حصان». يصمت كمن يستعيد بعض الذكريات، ويقول: «عندما تم منع الصيد بـ(الهيال) في دبي، وهي طريقة حبس الأسماك بكميات هائلة في شباك، كان الصيادون يذهبون للصيد في أبوظبي، وبعد فترة من الزمن أصدر -المغفور له بإذن الله- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان قانون يمنع صيد «الهيال» في الدولة، لأنه ضار بالبيئة البحرية، حيث يتسبب أيضا بضرر للبيئة التي تعيش فيها الأسماك، ولأن أيضا هذه الطريقة مبتدعة، فأهل الإمارات قديما كانوا «بيئيين» بالفطرة ولم يستخدموا أية مواد تضر بالبيئة و80% من أدوات الصيد كانت مواد أولية تستخرج من شجرة النخيل، حيث كانت تستخدم في صنع أقفاص صيد الأسماك، وليف النخلة يبرم ويحول لحبال شديدة القوة وكان يستخدم لصنع أنواع من شباك الصيد». في السياق ذاته يشير المزروعي إلى أنه لاحظ وفرة في الأسماك السطحية، وهناك نقص في الأسماك القاعية، لذا تعد وسائل حماية البيئة البحرية من قبل الحكومة وتفعيل القوانين التي تجرم من يعبث بتلك البيئة من أجل مصالح أخرى من أهم عوامل شفاء البيئة البحرية -حسب قوله- وبالتالي عودة الثروة السمكية إلى ما كانت عليه. توعية الصيادين لعل أهم الخطوات نحو زيادة المخزون السمكي القاعي تتجلى في توعية الصيادين، وفي نقاط أخرى يشير إليها المزروعي ويقول: «يفترض ترميم قاع البحر بإقامة الشعب المرجانية، وتطبيب ما تضرر بسبب العمالة الوافدة، وإيجاد محميات يتم منع الصيد فيها في مواسم رمي البيوض، وأهم من كل ذلك دعم الصيادين ماديا في تلك المواسم التي يتم منع الصيد خلالها. فالثروة السمكية من الثروات الحية المتجددة، ورغم أن هذه الموارد تستغل من قديم الزمان، إلا أنها استمرت في التجدد عاما بعد الآخر. ويتم تجديد الموارد السمكية عن طريق عاملين اثنين: تكاثر الأسماك في مواسمها وإنتاجها لأفراد جدد في التجمعات السمكية. ونمو الأسماك عاما تلو الآخر بشكل طبيعي بحيث يزداد وزن الأسماك وكتلتها الحيوية في المحيط المائي الذي تعيش فيه». وقد ظهرت حول العالم الكثير من المشاكل التي ارتبطت بالأفراط في الصيد، أو استنزاف الموارد السمكية، نتيجة لكثرة الطاقة التي يخصصها الصيادون أو العاملون على استغلال الثروات السمكية، مما أدى في كثير من مصايد الأسماك في العالم إلى تدهور وضع المخزون السمكي، وأدى في بعض الحالات إلى انقراض أنواع معينة، أو تدني كميات الصيد إلى الحد الذي تصبح فيه عمليات الصيد غير اقتصادية ومربحة. من هنا يقول المزروعي: «كان على الجهات المسؤولة عن حماية الثروة السمكية وتنظيم استغلالها في الدول المختلفة ووضع الضوابط والنظم التي يتم من خلالها استغلال الموارد السمكية دون إفراط، أو إضرار بحالة المخزون، والتي تساعد أيضا في الحفاظ على مصالح كافة الفئات المستفيدة من الموارد السمكية في المجتمع من صيادين، أو شركات أو مستهلكين، أو حتى الحفاظ على المخزون السمكي ذاته، كونه موردا من موارد الدولة والمجتمع». قوانين يعمل عمر المزروعي حاليا رئيس مجلس إدارة جمعية دبي التعاونية للصيادين. وفي عام 2000 صدر قانون توطين مهنة الصيد، وتم اختياره مع زميل آخر له من قبل وزارة البيئة لتفعيل مواد قوانين مهنة الصيد، وتم تكوين لجنة من أجل ذلك في دبي، وكان من ضمن صلاحيات اللجنة تقليل وسائل الصيد من 2800 وسيلة إلى 750 وسيلة. حظر صيد الأسماك انتهجت وزارة البيئة والمياه فيما يتعلق بالحفاظ على الثروة السمكية واستغلالها بشكل صحيح. ومن ذلك حظر صيد الأسماك من نوع معين في أوقات أو مواسم معينة، مثل أوقات ومواسم التكاثر والإخصاب، وذلك لإعطاء فرصة للأسماك كي تضع بيضها، وحظر صيد الأسماك من نوع معين في أماكن أو مواقع .معينة، تعرف بأنها مواقع لتجمعات الأسماك أثناء مواسم التكاثر, لحماية تلك الأسماك في تلك المواسم.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©