الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المسؤولية المجتمعية للمؤسسات ما لها وما عليها

12 مايو 2014 23:51
أن المتتبع لمفهوم المسؤولية المجتمعية من الصعب عليه أن يفصل مراحل تطوره، فقد مر بمجموعة من المراحل المتداخلة، وحيث أن الثورة الصناعية كانت حدثاً بارزاً في الحياة الإنسانية، فقد كان هناك اهتمام مبكر به. أن مفهوم المسؤولية المجتمعية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بأخلاقيات الأعمال والمحافظة على البيئة وأن يكون دور للمؤسسة في المجتمع الذي تعمل به. يقول الفيلسوف أيمانويل كانت: «يصدر الواجب الأخلاقي عن ضرورة عقلية، ولهذا فإن احترامه مسألة حتمية لا اختيارية». وقد رفض كانت الاتجاه أو التفكير الذي يحكم على الواجبات الأخلاقية تبعاً لنتائجها أو ما يترتب عليها، فالأخلاق تستمد قيمتها من أخلاقيتها، لا من نفعيتها. ثم جاء آدم سميث ودعا إلى تحرير مشروعات الأعمال لكي تسعى نحو الأرباح دون قيود. ثم جاءت الفلسفة النفعية بمفكريها الذين نادوا بأن: «الخير هو ما ينفع الناس، لذلك فإن نتائج الأعمال هي التي تحدد ما إذا كانت أخلاقية وخيرة أم لا». وبذلك تحتم على الأعمال أن تتحرك بعيداً عن الأخلاق، كي تقترب من الأرباح والتحرر. فلم يكن من المستغرب إذن أن يأتي القرن التاسع عشر بفلاسفة جدد يعلنون أن أغلب مشروعات الأعمال تخالف الأخلاق. ثم جاء القرن العشرون، وألقى على أكتاف مفكريه مهمة تعاليم مشروعات الأعمال كيف تستعيد أخلاقياتها مرة أخرى عن طريق تحملها المسؤولية المجتمعية، وأن يكون لها دور في النمو الاقتصادي والمحافظة على البيئة والتقدم الاجتماعي في المجتمعات التي تعمل بها. أن المسؤولية المجتمعية تدعو إلى تطبيق السنن الأخلاقية السائدة في المجتمع على معاملات الأعمال. ويعود أصل هذه الفكرة إلى التعاليم السماوية التي تحرم السرقة والاختلاس والاحتيال وإهدار الأموال والممارسات الأخلاقية. فأخلاق الأعمال هي محاولة للتوفيق بين الواجبات والسنن الأخلاقية والمحافظة على البيئة وأن يكون لها دور في التقدم الاجتماعي في المجتمع وبين مجريات الأنشطة الاقتصادية والمالية. والجدير بالذكر أن ظهور نظرية مجموعات أصحاب المنفعة (Stakeholder Groups) كانت إحدى النظريات الرئيسية التي أدى ظهورها إلى تطور نظرية المسؤولية المجتمعية المعاصرة التي أصبحت تهتم بشكل أكثر شمولا بقضايا وأمور لم تكن تتعامل معها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. والآن أصبحت السمة الغالبة لإدارة الأعمال في القرن الحادي والعشرين هو إدخال المسؤولية المجتمعية في استراتيجية المؤسسة، حيث تتحول المؤسسات إلى خدمة المجتمع، والاهتمام بالبيئة وإعادة استخدام الموارد الطبيعية، وحمايتها من النفاذ، وكذلك استخدام تكنولوجيا صديقة للبيئة، والاهتمام والاستثمار في العنصر البشري، والانتباه إلى صحتهم ورفاهيتهم ورضاهم، والاهتمام بالمتعاملين بشتى الوسائل والطرق عدا عن الهدف الأساسي وهو تحقيق الأرباح. ومن المؤمل أنه مع تنامي ثقافة المسؤولية المجتمعية نكون بصدد تنامي حالة من الذكاء المجتمعي، وكذلك صياغة عقد اجتماعي بين قطاع الأعمال والمجتمع المدني يقوم على أسس من الشفافية والنزاهة واحترام الآخر والأمان والخدمة العامة، وعلى توليد قصص نجاح لتمكين المجتمع المحلي وحفظ حقوقه وبناء أسس التنمية المرتبطة بالإنسان. بذلك تُحترم كرامة الإنسان والمجتمعات المحلية وتصبح جزءاً من مشروع التنمية المستدامة في الوطن العربي. صالح الحموري خبير ومستشار في المسؤولية المجتمعية- الأردن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©