الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إعادة قراءة للتراث .. مراعاة الواقع .. حسم قضية التكفير

إعادة قراءة للتراث .. مراعاة الواقع .. حسم قضية التكفير
1 مايو 2015 01:17
أبوظبي (الاتحاد) حددت ورش عمل منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة توصيات تمثل خارطة طريق خلال الفترة المقبلة، سواء بالمجتمعات المسلمة أو بالمجتمعات غير الإسلامية التي يعيش فيها المسلمون، وكشفت عن أن الأمة المسلمة تعيش حالة من الضغط النفسي، نتيجة فكر مأزوم عمق جراحها، وأصبح الجميع على قناعة بأن مشكلة المسلمين هي المفاهيم الإسلامية، وأن درجة الوعي بالخلل الواقع فيها هي مفتاح الأزمة التي تعيشها، وخاصة ما يتعلق بمفهومي الجهاد والقتال، وكذلك التكفير. وبين المشاركون أن الخيط الرفيع الذين يقرر حد الاتصال والانفصال بين مفهوم الجهاد ومفهوم القتال هو سبب الأزمة التي يعيشها شباب المسلمين، إذ إنهم لا يمتلكون أدوات الفصل والتمييز بين مفهوم الجهاد والقتال، إذ إن الغالبية الساحقة منهم لا يمكنهم أن يتصوروا أن يقع جهاد لا قتال فيه، متعللين بأن هذا الجهاد إن كان فهو جهاد للنساء لا الرجال الذين أوجب الله عليهم ما لم يوجبه عليهن. واستعرض الدكتور يوسف حميتو مقرر المؤتمر وعضو اللجنة العلمية لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، نتائج المناقشات، في الجهاد، وبين اتفاق الجميع على أن هذا الخلط هو الذي فتح أبواب جحيم الفتنة والتقاتل، والثورات العمياء التي نتجت عن شارع العوام لا عن مشروع العلماء والنخبة. وقرر المجتمعون في ورشة الجهاد والقتال أنه ينبغي أن يعي المسلمون، وخاصة شبابُهم أن الإسلام كل متكامل لا يتجزأ فلا تجوز فيه الانتقائية، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تخصيص الجهاد بمعنى معين وقصره عليه، وطرح ما عداه من صوره ومجالاته. وأكد المشاركون أن التمسك بفلسفة الصراع التي يرفضها الإسلام، مآلها إلى تنازع البقاء الذي يؤدي إلى الفناء، لذلك فإن العيش في ظل مفهوم المدافعة الإسلامي أمن وأسلم، فالإسلام لا يريد «الصّراع» الذي ينهي «الآخر»، وإنما «التدافع» الذي هو حراك يحقق التوازن بدلا من الخلل الذي يصيب علاقات الفرقاء المتمايزين، ولابد من أن يترسخ لدى المسلمين أن الجهاد تدبير حكومي، وهو مجرد وسيلة لا هو الغاية في حد ذاتها. وشدد المشاركون على أنه لابد أن يقتنع المسلمون أن الجهاد حكم ينتمي إلى منظومة الأحكام الشرعية، وأن المنهج التجزيئي في التعامل مع آيات القتال والجهاد أوقع الأمة في مهاوٍ سحيقة من سفك الدماء وانتهاك الأعراض والحرمات. وأكدوا أن الواجب على علماء المسلمين التكلم لغة الواقع، وأن يدركوا أبعاده، وأن يفهموا ما يدور في أذهان الشباب من أسئلة حول الجنة، بمقتضى أن الجنة لها طريق لا يستقيم إلا بالفهم الصحيح للكتاب، والتمثل السليم للسنة خاصة ما يتعلق بالجهاد والغزوات النبوية. وأكدت الورشة الخاصة بمكافحة التكفير، أن الأمة تعاني أمراضا نتيجة قلب الموازين وتتزاحم فيها الفرق والطوائف، في حين أن أصحاب الفكر الوسطي والمنهج القويم صاروا منتقدين. وتوصلت الورشة إلى أن مسألة التكفير أكثرها ضرراً وأعمها خطراً، لكون الحكم به وإيقاعه على غير مستحقيه يمثّل جريمة، والشريعة الإسلامية وضعت أسساً واضحة وضوابط كابحة، وحذرت من إطلاق حكم التكفير على الناس بغير وجه حق، فمن الخطورة بمكان مع الحرمة في آن أن يُحكم بالكفر على مسلم فيحكم عليه بالخروج من الملة والانسلاخ من الإسلام، وما يترتب عليه من آثار دينيّة ودنيويّة. واستبعد المشاركون إيجاد خطاب مقنع مضاد للخطاب الذي ينشر التكفير، إلا بمعرفة الأبعاد التاريخية للتكفير، على وجه يخالف ما ورد في الكتاب والسنة، وأكدوا وجوب الإحاطة بأسباب التكفير وتصنيفها وعرضها على الكتاب والسنة، واستبعاد ما يقوم على مستند منهما، وتصحيح الخلل الواقع في فهمها باعتبار أن هذه المفاهيم هي من الشرع ولا يمكن إنكار ذلك، لكن ما ينكر هو منهج التعامل معها. وطالب المشاركون علماء المسلمين بقول كلمتهم الفصل في قضية التكفير، وأن يصرحوا دون مواربة بأن التكفير خارج الموجبات الشرعية، والتكفير باتباع الهوى، والتكفير بالدواعي السياسية، هي جرائم يعاقب عليها الشرع ويُضمن من يقوم بها الدماء والأموال والأعراض التي استبيحت به. وفيما يتعلق بتقسيم المعمورة انتهى المشاركون إلى أن هذا الموضوع مثار نقاش في كتب الفقه الإسلامي، ولا يزال محل نقاش اليوم بين علماء المسلمين من جهة، وبين أدبيات أصحاب الفكر الضال من جهة ثانية، وانتهوا إلى أن هذا المفهوم له سياقات تاريخية وليست شرعية، فهو نتاج واقع، وضرورة إعادة قراءة نصوص التراث وفق قواعد الفقه وأصوله ومقاصده، واعتبار السياقات العالمية والواقع الدولي في التعامل علماً بأن أكثر من 450 مليون مسلم يعيشون في بلاد غير مسلمة وغير إسلامية، يتمتعون بحقوقهم، وتحميهم قوانين البلاد التي هم فيها وتضمن لهم حقوقهم الدينية، وأي إهمال لهذا الواقع يعني الحكم على هؤلاء بما لا تستشرف نتائجه. كما ناقش المنتدى موضوع تأصيل السلام في ورشة مستقلة، وانتهوا إلى ضرورة تحمل العلماء مسؤوليتهم في إعادة بناء الجيل على ثقافة السلم التي حثّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضرورة التفرقة بين السلم والسلام من جهة، وبين الذل الخنوع من جهة أخرى، والعناية بالتراث الدبلوماسي والعهود والمواثيق الدولية الصادرة من الدولة المسلمة في مختلف البلدان على جميع مراحل التاريخ، وترجمة ما كتب عنها باللغات اللاتينية، وفتح حوارات حقيقية مع مشايخ ورموز التيارات والجماعات المتطرفة ومناقشتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©