الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سامر أبوهواش يرسم صور غائبين يخصونه

سامر أبوهواش يرسم صور غائبين يخصونه
9 يوليو 2010 20:30
صدر حديثا للشاعر الفلسطيني سامر أبوهواش مجموعة شعرية جديدة بعنوان “تخيط ثوبا لتذكر” عن منشورات “الغاوون” اللبنانية ويقع في ثمانين صفحة من القطع المتوسط. يشار إلى أن الشاعر سامر أبوهواش ولد في مدينة صيدا عام 1972 لعائلة فلسطينية وصدر له قبل “تخيط ثوبا لتذكر” ست مجموعات شعرية، كما أن له الكثير من الترجمات إلى العربية وتحديدا الرواية والشعر. ويبدو كتاب أبوهواش عبارة عن قصيدة واحدة، ولكن في خمسة أجزاء. كما يبدو الكتاب كألبوم العائلة، إذ يرسم الشاعر صور غائبين يخصونه، هم عائلته الشخصية عبر التذكّر أو عبر ذاكرة تتأمل ماضيها (الآن وهنا)، إن جاز التوصيف. اشتمل الكتاب على خمس قصائد فقط هي: إسماعيل، وعادل، وعائشة، وإسماعيل مرة أخرى، وعادل مرة أخرى. إنها ثلاث شخصيات يجري استحضارها من ذاكرة طفل للأخ والأب والأم، لكن بأدوات شاعر يقرأ الآن صورهم ويكتبها. صور كأنما هي بالأبيض والأسود تأتي لا كاملة ولا منقوصة، لا متخيلة ولا واقعية، بل انحرفت بها مدارات الشعر إلى أن تكون هذه الشخصيات صورا شعرية بامتياز. ربما لذلك لا ملامح أخرى لمكان أو زمان، يكتب الشاعر في عزلة عن تاريخه الخاص؛ يكتب كي يخفف قليلا من وطأة الماضي على الذاكرة ويكتب أيضا كي ينجو من هذه الذاكرة المؤلمة والضاغطة على عصب حسّاس، ما يعني أنه يكتب كي يكتب؛ كي يبوح بشيء ما فلا يغادر صمته ثم يقع في كلام تتلوه ثرثرة. يميل سامر أبو هوّاش بشعره نحو الصمت كأنه يحدق ولا يقول، شعر بلا صوت، وقد انكتب في النأي والعزلة لا شيء لديه سوى أطياف أولئك الذين رحلوا بين دمعتين أو طلقتين. ربما لذلك يمكن القول أن هذا ليس شعرا في الحضور أو الاستحضار بل (القصيدة/ الكتاب) كلها شعر غياب وصمت بل وتحديق في الجدران التي كانت يوما: “الأسماء والوجوه تتقشّر أيضا عن الجدران كما الحروف عن البطاقات القديمة”. يصبح هذا الغياب أكيدا إذ يقترن في الصورة الشعرية بالبياض، لا الأبيض، ثم يقترن هذا (البياض/ الغياب) بالعماء؛ العماء الآخر الذي لا يحدث في ظلمة بل في البياض عندما يعادل الموت تماما، لا شيء آخرا: “بياض كامل يوحّد الأرض كعماء يفكّر في البيت الذي خلا وهرم قبله”. ثم تأتي فسحة التأمل، ربما هو التأمل في المصير أو المآل الشخصي تماما بكل ما ينطوي عليه من فردية الذات التي تشعر بكينونتها والتي هي ما قد أنجز فيها ماض ما، في حين لم تكن هذه الذات تملك أن تُحدِث أي تحوّل في قَدَرها: “الموتى إذ ينظرون إلى المرايا يشعرون بألم عظيم إذ تسطع أمامهم الوجوه كلها دفعة واحدة”. هي أشبه بلعبة تبادل أدوار، لكن بين الحضور والغياب، حيث تبقى الغلبة للغياب إذ يفرط في قسوته وفي إحداث الألم الذي يجعل من تخيُّل الموت أمرا عاديا وممكنا. لكن يبقى هذا الموت من النوع الذي من الممكن محاورته أو التصالح مع حضوره الباهظ إنما من طرف واحد وليس من طرفين يتبادلان علاقة ندية تماما، شيء ما يشبه الوهم أو ما نحبه في ما تنوهم: “عادل منذ ابتلعه البحر ظهرا يقيم في ما يسرّي من رغباته الناقصة وفي ما علق من نظراته الأخيرة على الصخر”. بهذا المعنى كما بهذه الدلالة يفتتح سامر أبوهوّاش كتابه: “تحت السقيفة الخشب تولد لهم ملامح وأسماء يعرفون أنها ستمكث معهم طويلا قبل أن تتقشّر من تلقائها”.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©