الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخوف من الصين...حذارِ من المبالغة

9 يوليو 2010 20:28
جيفري واسرستروم أستاذ بجامعة كاليفورنيا ومؤلف كتاب "الصين في القرن الحادي والعشرين: ما ينبغي أن يعرفه الجميع" "عندما يصبح الصينيون أسياداً علينا، هل سيكونون أسياداً خيِّرين – أم مستبدين؟". هذا السؤال/النكتة طرحه جون ستيوارت مقدم برنامج "ذا ديلي شو" التلفزيوني قبل ثلاث سنوات، ولكن القلق الأميركي بشأن صعود الصين ما فتئ يزداد ويقوى اليوم. الخبر السار، هو أن التخوفات تكون في كثير من الأحيان في الاتجاه الخطأ – فنحن نخاف من الموت في حادث تحطم طائرة أكثر من خوفنا الموت في حوادث الطرق السريعة الأكثر انتشارا. فهل الخوف الحالي من الصين مبالغ فيه أيضاً؟ عندما ألقي محاضرات حول كتابي الجديد عن الصين، كثيراً ما يسألني الناس أسئلة تنم عن الخوف حول كل شيء، من ممتلكات بكين الضخمة من سندات الخزينة الأميركية إلى توسعها العسكري، وأحاول أن أضع تخوفاتهم في سياقها الصحيح في ضوء النقاط الخمس التالية: 1- لقد كانت لدينا تخوفات مماثلة من قبل بشأن بلدان أخرى؛ فالتخوفات الأميركية بشأن صعود الصين الاقتصادي تشبه تخوفات كانت تنتابنا في الثمانينيات بشأن اليابان، عندما كانت هذه الأخيرة بصدد تسلق الترتيب الاقتصادي العالمي، وكانت نسخ كتاب "اليابان رقم واحد" تعرف إقبالًا كبيراً من قبل القراء. وإضافة إلى ذلك، فقد تخيلَ فيلمُ "الفجر الأحمر" الأصلي، الذي عرض في 1984، غزوا للولايات المتحدة من قبل الجنود السوفييت. أما في النسخة الجديدة من الفيلم، فإن الجنود سيكونون صينيين هذه المرة. غير أن موجة شراء اليابان للمعالم العقارية الأميركية وغيرها من الأنشطة التي أثارت قلقنا سرعان ما انتهت في التسعينيات - كما أن الاتحاد السوفييتي انهار من الداخل من دون أن يرسل جنوداً إلى التراب الأميركي. 2- كما كانت لدينا تخوفات مماثلة من قبل بخصوص الصين. ففي صيف 1900، عندما كانت تخيلات "الخطر الأصفر" منتشرة على نطاق واسع وكانت مجموعة من المتمردين المعادين للمسيحيين، تدعى "البوكسرز"، تحتجز أجانب في بكين، زعم بعض الأميركيين أن التمرد سيتطور إلى حملة عسكرية من أجل السيطرة على العالم. كما حذرت إحدى الدوريات من غزوات مثل تلك التي نفذها الملك المنغولي جنكيز خان. غير أن "البوكسرز"كانوا يريدون تخليص وطنهم من التأثيرات الغربية، لا المجازفة خارج حدودهم. وبحلول خريف 1900، كان "الغزو" الوحيد هو ذاك الذي قامت به قوة متعددة الجنسيات للصين، وشمل هجمات انتقامية ليس ضد "البوكسرز" فقط، وإنما العديد من الصينيين العاديين الذين لا علاقة لهم بالتمرد. 3- والواقع أن بلدانا أخرى تخاف الصين أيضاً. فبعض التخوفات تقتصر على أميركا، ولكن الكثير منها تقتسمه عدد من البلدان عبر العالم – وبعضها يعزى إلى تخيلات كابوسية أكثر منه إلى الحقيقة. ففي يناير، تخيل عمود في صحيفة "ديلي تلجراف" سيناريو أسود تُهزم فيه بريطانيا في 2050 من قبل قراصنة كمبيوتر صينيين يشلون البنى التحتية للبلاد. والواقع أن ثمة تهديدات حقيقية من قبل قراصنة الكمبيوتر الصينيين، ولكن أن نصور غزواً على شاكلة "الخطر الأصفر" بخصائص التكنولوجيا العالية هو مبالغة كبيرة. ثم إنه في وقت يبدو فيه أن همّ الصين العسكري الرئيسي هو إعادة تأكيد مكانتها كقوة إقليمية، فإن البلدان التي ينبغي أن تكون قلقة هي الدول المجاورة في جنوب وشرق آسيا، وليست الدول في أوروبا الغربية أو أميركا الشمالية. 4- إن الزعماء الصينيين يخافون من بعض الأشياء نفسها التي نخافها. فنحن قلقون بشأن صعود القومية الصينية، ولكن كذلك الحال بالنسبة لهم. فزعماء الصين يعلمون أنه في الشارع، عندما يبدأ المحتجون في انتقاد الأجانب، فإنهم كثيرا ما يبدأون الاحتجاج ضد السلطات الداخلية أيضا، الأمر الذي يحد من استغلال بكين للمشاعر القومية، وبخاصة في وقت تعرف فيه الحكومة الصينية أن ثمة استياء شعبياً كبيراً من الفساد الرسمي. 5- ثم إن بعض الأشياء المخيفة حقاً بشأن الصين لديها ما يقابلها في الولايات المتحدة؛ وما يجدر بنا أن نخافه أكثر بشأن الصين هو كيف سيضر نموها بالبيئة العالمية، لأنه وراء هذا النمو، هناك رغبة بين الكثير من الصينيين في محاكاة السلوكيات التي يرونها في أميركا – من قيادة السيارات التي تلتهم الوقود، إلى تناول لحم البقر، إلى اقتناء أحدث الأدوات والأجهزة. ولكن، هل ينبغي أن نكون قلقين بشأن الصين؟ أجل، ولكن يجب أن نميز بين التخوفات التي لها أساس والأخرى التي ليس لها أساس. والواقع أن جونثان واتس يوضح هذه الفكرة بشكل جميل في كتابه الذي سيصدر قريبا "عندما يقفز مليار صيني: كيف ستنقذ الصين البشرية – أو تدمرها". فعندما كان طفلاً صغيراً، كان واتس يخاف مما يقوله له أحد الكبار من أنه إذا ما قام كل شخص في الصين بالقفزة في الوقت نفسه، فإن ذلك سيحرك الكرة الأرضية ويبعدها عن محورها فنموت. واليوم أيضاً - كأب هذه المرة - فإنه مازال قلقا بشأن التأثير الجماعي لسكان الصين البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة - في ما يتعلق بالعواقب البيئية لتغيير أنماط الاستهلاك الصيني. وبالتالي، فعند التفكير بشأن الصين، علينا جميعاً أن نقوم بعملية الانتقال نفسها، الانتقال من تخوفات الأطفال إلى تخوفات الكبار العقلانية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©